جيهان العبادي : الهجرة محنة حقيقية و أنتظر العودة لبلدي المغرب
مغربيات
جيهان العبادي واحدة من مغربيات العالم التي استطاعت أن تنتزع لنفسها مكانة مشرفة بالديار البلجيكية. بدأت مشوارها كمدونة تلتقط تفاصيل المناسبات التي تحضرها و تنظمها الجالية المغربية ببروكسيل و تنشرها على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، حتى اضحت واحدة من المطلوبات لحضور المناسبات الرسمية و اللقاءات الثقافية و الفنية، لتنخرط بشكل فعلي في التنظيم والتنسيق، مستحقة بذلك أن تكون سفيرة للجمال و الثقافة لبلدها المغرب بالديار البلجيكية.
تعمل جيهان حاليا على مشروع إعلامي يهدف للتعريف بمغربيات المهجر و يسلط الضوء على أهم الإنجازات التي حققنها و يحمل توقيعها“جلسة مع جيهان“..
“مغربيات“ تواصلت مع جيهان العبادي للحديث عن ظروف الإقامة ببروكسيل و محنة الهجرة و المشروع الذي سيرى النور قريبا في الحوار التالي..
منذ متى و انت تعيشين في بلجيكا؟ وما هي الظروف التي قادتك للاستقرار هناك؟
بالنسبة لي فأصولي جبلية من مدينة تاونات، ترعرعت بمدينة فاس، مدينة القلب و الروح. درست بجامعة العلوم القانونية و الاقتصادية بفاس، حتى حصلت على الإجازة بشعبة الاقتصاد. ذات يوم قررت والدتي العودة إلى البلد الذي ولدت و تربت فيه وهو بلجيكا برفقة أسرتها (أبنائها و زوجها) بعد أن قضت عشرين سنة بالمغرب الذي جاءت إليه في إطار زيارة عائلية لتجد نفسها متزوجة و مستقرة فيه. بالنسبة ليكنت رافضة تماما أن أسافر برفقة الأسرة إلى الديار البلجيكية. لم أفكر يوما في العيش بعيدا عن بلدي، إلى أن سافرت لهم ذات عطلة، لأجد نفسي مجبرة على العيش هناك، تحت ضغط و إلحاح من الأسرة، حتى أتمكن من الحصول على أوراق الإقامة. مضت سنة و أنا أنتظر العودة إلى بلدي المغرب، حتى أصبت باكتئاب حاد، خاصة بعد أن تركنا والدي وعاد للمغرب في انتظار تسوية وضعيته هو الآخر. إلى أن قررت ذات يوم التوقف عن أخذ دواء الاكتئاب و قررت إكمال دراستي هنا ببروكسيل، و حصلت على دبلوم في إدارة الأعمال. منذ 2006 و أنا أعيش هنا، و أنتظر اليوم الذي أعود فيه لوطني الحبيب المغرب.
أنت واحدة من النساء اللواتي استطعن أن يقتحمن مجالا نادرا ما تعمل به مهاجرة بأوروبا وهو مجال الإعلام.حدثينا عن هذه التجربة..
في الواقع، هذا المجال ولجته صدفة، حيث انني كنت أدون كل ما أعيشه من خلال المناسبات و الحفلات التي تنظمها الجالية المغربية، وكم كان يحز في نفسي أن أرى بعض المحسوبين على الإعلام وهم يشوهون صورة المهاجرات المغربيات، مما كان يدفعني إلى نشر صور و تدوينات أحاول من خلالها إعطاء صورة إيجابية عن النساء المهاجرات هنا ببلجيكا، حرصا مني على محو الصورة السلبية التي يروجها البعض عن المهاجرات من بلدي. كنت أتلقى كما من التعليقات و الاتصالات التي تشيد بهذه الخطوة، و هو ما جعلني أواصل نشر هذه الصورة التي رفعت من نسبة المتابعة لصفحتي. بعد ذلك بدأت أتلقى اتصالات من السفارة المغربية هنا ببروكسيل من أجل حضور مناسبات ثقافية و فنية. ثم التحقت بالعمل مع جمعية “ACS HORIZONS” ، أصبحنا ننظم عروضا و لقاءات عن طريق استقدام فنانين مغاربة في عدة مجالات (مسرح، تلفزيون، غناء..).
في حوار مع مسؤول ب”BVLGARI”
كيف ولجت هذا المجال؟ وما هي الظروف التي قادتك للعمل به؟
إذن كما سبق و أخبرتك مجال الإعلام و التواصل دخلته من بوابة التدوين، بعد أن تعرف علي الناس من خلال ما أنشره على صفحتي ب“فيسبوك“ و “سناب شات“، من تغطيات إعلامية للحفلات التي أحضرها، أصبحت مطلوبة لدى بعض الجهات، و من ثم دخلت هذا المجال. كما أنني قبل ذلك عملت في مجال الأزياء و العطور، و قد كنت ممثلة لإحدى الماركات العالمية (BVLGARI). كنت دائما أومن و لازلت بأن كل النساء هن جميلات، يكفي أن ينجحن في إبراز جمالهن الداخي و الروحي لأنه أهم من الجمال الخارجي، وهو ما دفعني لأن أعطي نصائح و خبرات في التجميل لفائدة العديد من النساء.
ماهي الصعوبات التي واجهتك في عملك كفاعلة في الشأن الإعلامي ببلجيكا؟
مشاكل لا حصر لها طبعا. ليس سهلا على امرأة مهاجرة أن تعيش بسلام وبدون مشاكل أول تلك المشاكل طبعا هو مشكل التحرش. لا يمكنني إخفاؤه، رغم تحفظ البعض على هذا الأمر. عندما تلج المرأة مجال الإعلام و التواصل، و عندما تكون مؤثرة و لها متابعين عديدين، فمن دون شك تتعرض للإغراءات و التحرش من طرف أشخاص غير لطفاء للأسف. بالنسبة لي لم أرضخ لأي من المساومات و الاغراءات، لأنني أومن بأن الإخلاص و الصدق في العمل هما أسباب النجاح و قد كانت لي فرصة الاشتغال في العديد من المنابر الإعلامية هنا ببروكسيل، لكنني أغادرها ما إن أستشعر عدم الارتياح للسبب الذي ذكرت أو لأسباب أخرى.
ماهي الأشياء التي تقومين بها و الأماكن التي تحرصين على زيارتها كلما حللت بالمغرب؟
من بين الأشياء التي أقوم بها كلما حللت بالمغرب، هي حرصي على زيارة جدتي لأبي رحمها الله بمدينة تاونات قبل أن توافيها المنية.زيارتي لها كانت من الطقوس التي لا يكن إغفالها مهما كانت المدة التي أقضيها في المغرب. بعد وفاتها لم أجرأ إلى غاية اليوم على زيارة المدينة. أحرص كذلك على زيارة الأماكن البسيطة و قضاء الوقت برفقة الناس البسطاء، أحب ارتياد الأسواق الشعبية و يعجبني تناول بعض الوجبات الخفيفة في بعض الأماكن، كما لا أفوت فرصة زيارة صديقتي هدى التي قضيت معها سنوات الطفولة وحتى الجامعية بدروب فاس، لا يمكنني أن أزور المغرب و أفوت فرصة رؤيتها و الاستمتاع برفقتها كنوع من النوستالجيا الجميلة.
من هم الفنانون و الإعلاميون الذين تربطك بهم علاقات صداقة؟
بحكم مجال اشتغالي في التنسيق و التنظيم، تمكنت من ربط علاقات متينة مع فنانين مغاربة . هذه العلاقات يحكمها التقدير و الاحترام المتبادلين. لقائي بهم غالبا ما يتم في أجواء عائلية بعيدا عن العمل، وهو ما مكنني من التقرب منهم، و التعرف على شخصياتهم عن قرب، كيف يفكرون و بماذا يشعرون، حيث الملاحظ ان الجمهور غالبا ما يسقط الشخصية التي يجسدها الفنان على شخصيته الحقيقة، إلا أن الواقع شيء آخر، فالفنان يكون بعيدا كل البعد عن الشخصية التي يؤديها على التلفزيون أو المسرح أو السينما. كان لي حظ و فرصة أن أتعرف على معظمهم خلف الكواليس بعيدا عن مجال اشتغالهم، إذ رافقهم للتسوق هنا ببلجيكا كلما حلوا ضيوفا في مناسبة ما، دائما أتواجد بالمطار لاستقبالهم و أحيانا أقلهم بسيارتي للمطار أثناء رحلة العودة، من خلال هذا المنبر أحب أن أشكر رئيس جمعية “ACS HORIZONS” السيد عبد العزيز عدي.
فهو صديق لكل هؤلاء الفنانين جميعا. و الحقيقة أنه هو من أتاح لي هذه الفرصة لكي أتعرف على الفنانين اكثر و أتقرب منهم. هذا فيما يتعلق بتنسيق الحفلات و اللقاءات مع الفنانين المغاربة، سواء المغربية أو الممثلين، أما فيما يتعلق بالإعلام، فباختصار ، من خلال تواجدي المكثف على مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت مطلوبة للحضور في العديد من المناسبات و الحفلات من قبل الجهات المنظمة، سواء في مجال التجميل أو الغناء أو أي تظاهرة ثقافية تنظمها الجالية المغربية، إلا و أكون حاضرة فيها. طبعا لا يتسع المجال هنا لذكر جميع الأسماء، و كانت آخرهم الفنانة الجميلة طيبة القلب و الروح دنيا بوطازوت .
جيهان برفقة الفنانة سامية أقريو ببروكسيل
مع الفنان الدوزي
برفقة الفنانتين فضيلة بنموسى و مريم الزعيمي
بصحبة الفنان زكرياء الغافولي
كيف ترين الفنانة دنيا بوطازوت؟
دنيا الانسانة قبل الفنانة في الحياة، كم أعتز بصداقتها، فقد عودتنا على تقديم الأفضل و الأروع من حيث الاداء و التشخيص. هي ممثلةموهوبة تشخص الأدوار بشكل يثير فينا انفعالات و مشاعر تجعلنا نتفاعل مع الموضوع بشكل أو بآخر. حضورها طاغي و لها من الحكمة و التواضع و الطيبة ما يجعلك في كل مرة مندهشا من هذه الصفات الإنسانية التي قل نظيرها. هي حقا قدوة لكل امرأة طموحة و قوية، أتمنى لها كل النجاح و التوفيق في مسيرتها الفنية.
جيهان برفقة الفنانة دنيا بوطازوت
كيف ترين وضعية النساء المهاجرات في علاقتهن بالشأن الثقافي ببلجيكا؟
الجواب على هذا السؤال سيكون من خلال إصدار منبر خاص بي من هنا ببلجيكا يهتم بشؤون النساء المهاجرات. يحمل عنوان “جلسة مع جيهان“. سوف أستضيف من خلاله في كل مرة امرأة مهاجرة مغربية ناجحة في مجال اشتغالها، لاني أظن أن المرأة المغربية عموما يطالها النسيان و لا تحظى بالتكريم أو الاعتراف الذي تستحقه، للأسف لدينا العديد من الكفاءات المغربية التي استطاعت أن تفرض نفسها ببلاد المهجر، لكنها لا تلقى الاهتمام و الرعاية اللازمين. هذه الحلقات التي سأتسضيف من خلالها نساء مهاجرات سوف ابثها عبر صفحاتي على مواقع التواصل الاجتماعي.
هل تنتابك حالات من الحنين للوطن؟ وكيف تدبرين “محنة” الهجرة اذا اعتبرناها محنة؟
طبعا أكيد. تنتابني حالات من الحنين للوطن. أحيانا أصاب بنوبات من البكاء الهستيري و أنا أصارع حنينا جارفا لوطني و أصدقائي و أقربائي. أعيش دائما على انتظار أن أعود لبلدي و لوطني و حياتي السابقة بين أحضان أقربائي و أصدقائي أكيد. بالفعل هي محنة حقيقية، أستعين عليها بالصبر و الصلاة.