رشيدة موماد : أحتاج إلى الاتصال مع المسرح و الجمهور والأضواء والصوت لكي أحيا
مغربيات
بدايتها في المسرح كانت سنة 1991، حين انضمت إلى جمعية المسرح الطلائعي ، إلى جانب بعض رواد المسرح بمدينة أكادير كحسن بديدة، وعبدالله العبداوي ، وفاطمة موماد (شقيقتها) ولحسين آيت الطالبي ، وحسن عليوي وغيرهم. منذ ظهورها الأول على الخشية برزت موهبة رشيدة موماد في التشخيص، حيث أثبتت إلى جانب مخرجين أكفاء أنها خُلقت لتجسد أدوارا على الخشبة و تمتع جمهور “أبو الفنون“بعروض لازالت عالقة في وجدان الكثيرين رغم ابتعادها الاضطراري عن المسرح التي عشقته حد الجنون و كان سببا لأن تلتقي برفيق دربها و زوجها، وترزق بابنتها الوحيدة “إيناس“ التي ستكمل 18 ربيعا من عمرها. .
“مغربيات” تواصلت مع رشيدة موماد المقيمة في باريس للحديث عن المسرح و البدايات و الهجرة و العودة الأخيرة ل“أبي” الفنون“..
مغربيات : متى بدأت مسيرتك الفنية في المسرح؟
في الواقع قبل أن أجيب عن هذا السؤال لا بد من التذكير بأنني قضيت فترة من حياتي بأكادير، المدينة التي درست بها و عملت فيها لنسوات، بداية كمساعدة تنفيذية في وحدة فندقية من أكبر الوحدات بمدينة اكادير، ثم بعد ذلك كوكيلة أسفار لدى مجموعة سياحية تشرف على وكالات بجنسيات مختلفة : ألمانية وفرنسية وإنجليزية وإيطالية وسويسرية، وقد عملت فيها كوكيلة أسفار مع الوكالة الألمانية ، ثم الفرنسية.
بداياتي بالمسرح كانت ضمن جمعية المسرح الطلائعي، حيث كان دوري منحصرا على تمارين إعداد الممثل : التركيز، و القيام ببعض التسخينات ، و تمرينات الصوت.. وكل ما يتعلق بالتحضيرات التي يحتاجها الممثل قبل أن يبدأ التداريب على الخشبة، ثم عملت بعد ذلك في الكواليس، لأن الفرقة كانت بصدد التحضير لعرض مسرحي، قبل التحاقي. ثم لاحقا بدأت أتلقى الكثير من التدريبات المسرحية على يد محترفين ، مثل المخرج الكبير محمد الخميس ،عن الجسد والفضاء، والقناع المحايد ، إلخ . كل ذلك تُوج بمشاركتي في مشروع “شوف تشوف” الذي أخرجه محمد خميس ، عام 1996، وكان عبارة عن عمل جماعي ، تم باختيار الممثلين عبر إجراء “كاستينغ” لقضاء فترات تدريب قبل البدء في العمل الذي كان يعتمد على مشاهد مرتجلة ، لكنها موجّهة… بمواضيع وتيمات و شخصيات يتم تحديدها سلفا.
في سنة 1999 انخرطت في مشروع جديد شاركنا به خلال المهرجان الوطني للمسرح بتطوان، و كان موضوعه “تنظيم الأسرة” ، وخلال نفس السنة، “wa hello lbab، بدأنا في مشروع مسرحي جديد (افتحوا الباب ) والذي كان ناجحًا للغاية. شاركنا به في المهرجان الدولي لمسرح الهواة، وحصلنا من خلاله على الجائزة الأولى عام 2000، ثم شاركنا في نفس المهرجان في نسخته الثانية كضيف شرف، وهناك التقيت بزوجي (أو زوجي المستقبلي) . وفي ذات السنة سافرت لفرنسا للالتحاق بزوجي، حيث عدت من جديد للعمل في وكالة للأسفار خاصة بالأمريكيتين كندا و جزرالفردوس.
وفي عام 2002 انضممت إلى منظمة تقدم السكن للعمال الشباب ، في جميع أنحاء منطقة باريس ، كنت مسؤولة عن إدارة الإيجارات والعملاء والإدارة.
ماهي أهم الأدوار التي لعبتها؟
هناك الكثير من الأدوار التي لعبتها و أعتز بها، من بينها : شهرزاد في مسرحية (ألف ليلة وليلة)، وخديجة في تشوف تشوف و الحراك في “حلو لباب “( التي لعبت فيها دور رجل)، ثم “للا نجمة” في مسرحية “تنظيم الأسرة“ التي عرضت في المهرجان الوطني للمسرح بتطوان.
رشيدة موماد في أحد أدوارها
كيف أضحت علاقتك بالمسرح بعد سفرك لفرنسا ؟
في الحقيقة لم أعد أمارس المسرح عند وصولي لفرنسا، حيث بدأت في أخذ دروس في فن “البهلوان“ Clown، ثم انخرطت في فرقة “اماتيا” “amathea” حيث كنت مكلفة بإدارة الممثلين، وفي تلك الفترة رزقت بابنتي إيناس التي أعتبرها أجمل مشروع في حياتي أفتخر به و أشكر الله على وجوده.
أي مكان يحتله المسرح اليوم في حياتك؟
سؤال مهم جدا. يمكنني القول إن للمسرح مكان مهم جدًا في حياتي. إنه موجود طوال الوقت ، خاصة و أنني متصلة طوال الوقت بكل ما له علاقة بالفن الذي تعلمت بفضله أن أتعرف على نفسي و على العالم من حولي. بالمسرح أصبحت لي نظرة مختلفة للعديد من الأمور سواء في حياتي الخاصة أو المهنية أو حتى من خلال علاقاتي مع الناس و المحيط . أطمح للعودة إلى معانقة المسرح بسرعة كبيرة ، لأنني انقطعت عنه لفترة طويلة على المستوى العملي، لأسباب شخصية لا يتسع المجال هنا للحديث عنها، لكنني لم أنقطع أبدا عن متابعة العروض الفنية كلما أتيحت لي الفرصة، لأنني غالبًا ما أذهب لمشاهدة المسرحيات والعروض. أحتاج دائمًا إلى هذا الاتصال مع المسرح والقاعة والجمهور والأضواء والصوت لكي أحيا، كما أنني في عام 2019 ، شاركت في مهرجان أكادير للفن المعاصر في نسخته العاشرة ، وقدمت رقصة مسرحية مع صديقي العزيز “عزيز بوغرفة” ، على شكل لوحة ، خلال حفل اختتام المهرجان. و الحقيقة أننا نفكر في تناول هذا المشروع وتوسيعه ، لجعله عرضًا حقيقيًا يستمر لفترة أطول.
رشيدة موماد في رقصة مسرحية
بالنسبة لممثلة قضت سنوات في المسرح وحصدت عددا من الجوائز ببلدها، كيف تتعايشين مع ظروف الغربة؟
في الواقع أعترف أنني اعتدت بشكل أو بآخر على العيش هنا. لدي قناعاتي الخاصة و وعاداتي كذلك. أشعر بأنني في بيتي، وفي مجالي.كل شيء هنا يتناسب مع طريقة تفكيري في الحياة و في الوجود عموما … أشعر بالاحترام والراحة. على أية حال. هذا السؤال يأتي الآن وأنا في منتصف العمر. لقد قضيت أول 25 سنة في المغرب ، والآن مر على وصولي لفرنسا 21 عامًا تقريبا!! أنا مغربية من دون شك بنسبة 100٪ ولكني أعتبر نفسي فرنسية كذلك و أوروبية. باختصار أرى أنني مواطنة عالمية. أحب بلدي الأصلي المغرب، ومن المهم جدًا بالنسبة لي أن أراه يتطور، وأن أرى العقليات السائدة تتغير للأفضل كذلك، وهذا أعتقد أنه سيستغرق وقتًا طويلاً….لكني ما زلت أعيش حياتي الطبيعية هنا دون شعور بالإحباط
كيف ترين وضع المهاجرين المغاربة في فرنسا؟
هناك فئتان : أولئك الذين لديهم الذكاء الإنساني، يستثمرون كل الإمكانيات ليعيشوا ويتصرفوا بشكل جيد ما يجعلهم يحظون باحترام الآخر أي البلد المضيف. يجاهدون من أجل تطوير أنفسهم من خلال أخذ الأفضل من هذه الثقافة ذات النمط الغربي، دون أن يفقدوا أصالتهم وجيناتها الأصلية (وتبقى هذه حرية شخصية أحترمها في كل شخص). ثم هناك فئة ثانية تمثل الأشخاص الذين وصلوا إلى حد الاستفادة من المزايا الاجتماعية التي يوفرها هذا البلد المضيف، وهنا دعيني أقول لك إنني لا أفهم كيف تفكر هذه الفئة ، لأنها تعيش للأسف في انغلاق و انعزال تام للغاية ، وهذه القيود التي تفرضها هذه الفئة تعطي انطباعًا سيئًا عن الفئة الأولى . على أية حال .. لا أريد إعطاء أحكام قيمة في غياب دراسات سوسيولوجية، لكنها تبقى حقيقة لمستها انطلاقا من ملاحظاتي طيلة الفترة التي قضيتها هنا!
هل يمكن تحقيق النجاح بعيدا عن البلد الأصلي؟
أعتقد أن ما قلته أعلاه سوف يجيب على هذا السؤال ، فالأمر كله يتعلق بالقدرة على الاندماج و الاستفادة من الإمكانات المتاحة ، وهي أمور ترتبط بشخصية المهاجر، وتكوينه و عوامل أخرى، سألخصها بالقول: عندما نريد ذلك.
ألا تفكرين في دور سينمائي؟
نعم لِم لا. إذا أتيحت لي الفرصة، لكني لا أستطيع أن أبتعد عن عشقي الأبدي الذي هو المسرح.
ما هو الثمن الذي يمكن أن تدفعه ممثلة لتحقيق النجاح؟
لا أعتبر نفسي فنانة بالحجم الذي يمكن أن أدفع فيه ثمنا. كل ما أعرفه أنني عاشقة للفن و لكل ما هو جميل، ولدي كل الاستعداد لاستقبال هذا الجمال الموجود من حولنا. أهم شيء بالنسبة لي أن أكون منسجمة مع قناعاتي و مرتاحة في اختياراتي.
لو لم تكوني ممثلة مسرحية ماذا كنت تفضلين أن تكوني؟
لو لم أكن ممثلة، كنت أفضل أن أكون طبيبة مختصة في الجراحة. هذا المجال كان دائما يستهويني بشكل كبير. مساعدة الآخرين و الاعتناء بهم و التخفيف عنهم أمور كانت و لاتزال محور اهتماماتي لأنها تغذي روحي في حياتي اليومية.
ماهي مشاريعك القادمة ؟
لا أرغب في التحدث عنها. سأحتفظ بها لنفسي إلى أن يحين الوقت المناسب.