رقية ديان :  مجال النشر و الكتاب رافعة اقتصادية تحتاج لدعم المسؤولين 

   

حلمها بتحقيق الذات قادها إلى مجال محفوف  بالصعوبات، شجعها عليه شغفها بالقراءة و حبها للكتب، لتخوض غمار تجرية النشر. “مغربيات” التقت رقية ديان مديرة دار نشر “رمال” للحديث عن تجربة النشر و العيش بعيدا عن حضن الوطن..  

مغربيات : كيف جاءت فكرة إنشاء دار نشر بفرنسا؟

فكرة دار النشر جاءت بطريقة تدريجية، فأنا قبل كل شيء أعشق القراءة، حيث انني كبرت في بيت كل أهله مدمنين كتب. و الكل يعلم أن القراءة هي المفتاح الأول لدخول عالم الكتابة… أصبحت أكتب في الصفحات الأدبية لبعض المجلات و هنا اقتربت أكثر لكل من القارئ، الناشر (المجلة) و كذلك الكاتب (انا)؛ مما جعلني اكتشف الصعوبات التي يجدها كل من الأطراف أعلاه، و  الكاتب عموما هو الذي يجد الصعوبات أكثر، حيث يكون لديه كثير من العطاء لكن لا يجد طريقة ليخرج كتبه للقراء، و خصوصا اذا كان من المبتدئين. دور النشر للأسف قليلا ما تفتح المجال لكاتب مبتدئ. من هنا بدأت الفكرة و نضجت بعد دراسة المشروع، لأقرر في الأخير بدعم من الأقارب و بعض الأصدقاء أن أخوض غمار هذه التجربة و أدخل مجال أهواه   و أستطيع ان أساعد الآخرين من خلاله.

ألا ترين أنها مجازفة سيما وأن نسبة القراءة في مجتمعاتنا العربية ضعيفة جدا؟

هي فعلا كانت مجازفة، لكن الهدف هو تشجيع و توصيل الكتاب للقارئ حتى لا نترك الفضاء فارغا بحجة أن الناس لا يقرؤون،  و أظن أن هناك فئة كثيرة لازالت تحب الكتب، لكن تبحث عن المحتوى الجيد. القارئ اليوم و في عهد الشبكات الاجتماعية يعي ما يريد و يبحث عن الجديد، لذلك من واجب دور النشر تقديم الأنسب و تكون بالمستوى المطلوب، سواء تعلق الأمر بالمضمون أو الشكل (أثمنة الكتب)

من هم الكتاب الذين تعاملت معهم؟

 دار النشر “رمال” هي من  بين دور النشر التي لا تسعى للنشر بشكل كبير، بل المهم هو أن تكون مقتنعة بما يقدمه لها الكاتب. إننا نشتغل يدا بيد معه حتى يصل كتابه للناس، و قد سبق و نشرنا على سبيل المثال للكاتب و الإعلامي خالد الجامعي رحمه الله،  وكانت تجربته الأولى معنا، تلاها بعد ذلك كتاب آخر باللغة العربية، و كذلك نشرنا لكاتبات مغربيات مثل  ايمان بالفقيه و أحلام نويور…الخ

رقية ديان برفقة المرحوم خالد الجامعي

ماهي التحديات و الصعوبات التي واجهتك في البداية خصوصا و أنك في  بلد آخر؟

التحدي الكبير كان و لازال بالنسبة لي و لدار النشر “رمال”، هو أن تكون الكتب بكل أنحاء المغرب و بكل مدينة بدون وسيط للتوزيع، لذلك فقد أصبح  المدير العام للدار هو من يوزع الكتب بعد كل إصدار و بكل مكتبة  بالمدن الكبيرة، كذلك نعتمد على المعارض الجهوية، حيث اننا نشارك في كل المعارض (قبل الجائحة).  و الحقيقة أن تلك المعارض كانت أفضل طريقة يصل بها الكتاب لكل فئات  القراء، لذلك نأمل أن تعود تلك المعارض الجهوية بعد هذه الجائحة لأنها فعلا تبقى الطريقة الأنجع لتشجيع القراءة في بلادنا.

ماهي المعايير التي تعتمدونها من أجل النشر؟ 

ليس لدينا معيار محدد نعتمد عليه، لكن نحرص دائما على المضمون الجيد، الذي يمكننا أن نجعل القارئ المبتدئ يعشق القراءة و يتصالح مع الكتب.  

كيف ترين مجال النشر و الكتاب اليوم في المغرب؟

مجال النشر اليوم بالمغرب و مع جائحة كورونا،  يختنق و الكثير من دور النشر تعاني في صمت، لأنه للأسف الشديد  المسؤولون  عن مجال الثقافة ببلادنا لم يستوعبوا بعد أن هذا المجال مثله مثل كل المجالات مهم للبلد و باستطاعته أن يكون رافعة اقتصادية مهمة  إذا ما أعطوه حقه و ساعدوه ليخرج من هذه الأزمة بقليل من الأضرار

رقية ديان في أحد اللقاءات حول النشر

كيف تعاملتم مع الأزمة الحالية لكوفيد-19 و ما مدى تأثيرها على مجال النشر، خصوصا بعد إغلاق المكتبات في فترة الحجر؟

في الواقع كانت فترة الحجر الصحي صعبة جدا على المجال، لكن الحمد لله، دار النشر “رمال،” استطاعت أن تصدر كتابا  بتلك الفترة، وهو كتاب للمخرج و الكاتب  هشام العسري، و مع أن المكاتب كانت مقفلة و المعارض غير موجودة، استطعنا أن نوصل الكتاب للقارئ عند الطلب و ذلك عبر البريد أو حتى خدمة التوصيل للبيت.

كيف ترين وضعية المهاجرات المغربيات بفرنسا، و ماذا حققن بعيدا عن الوطن؟

 المرأة المغربية بالمهجر استطاعت أن تحقق نجاحا كبيرا في كل الميادين، نجدها في أعلى المناصب كذلك نجدها الأولى في العمل الجمعوي المهتم بقضايا المغرب.

هل يمكن أن يكون النجاح و تحقيق الذات تعويضا عن فقد الوطن؟

 شخصيا لم أحس يوما أنني افتقدت وطني، لأنني أرى أن لا شيء يمكنه أن يفقدنا الوطن، هذا الأخير يسكنننا أينما حللنا و ارتحلنا. مغربيتي ثابتة لا جدال عليها. نحن  حين ننتقد بعض الأشياء أو سياسة المسؤولين، فالأمر لا يعدو أن يكون غيرة و حبا لبلدنا وليس العكس، أما بالنسبة  للهجرة فقد  كانت حلما الهدف منه تحقيق النجاح و ضمان مستقبل زاهر.

About Post Author