حنان بن خلوق ل‫”‬مغربيات‫”‬ ‫:‬ نحن سفراء لوطننا بدون جوازات دبلوماسية

مغربيات

تعد حنان بن خلوق أحد الوجوه المُشَرِفة التي تمثل المغرب في منطقة الخليج و الشرق الأوسط‫.‬ منذ التحاقها بالولايات المتحدة الأمريكية من أجل استكمال دراساتها العليا وهي تتسلق سلم النجاح في مجال ريادة الأعمال الذي تدرجت عبر أسلاكه بثبات وعزيمة، بدءا بتأسيس شركة استشارية في المشاريع الصغرى و انتهاءا بتقديم خدمات توجيهية لرواد الأعمال بدبي بدولة الإمارات لتصبح سفيرة لبلدها في المجال بدون منازع.‫.‬

مغربياتتواصلت مع حنان بن خلوق المقيمة بدبي للحديث عن ريادة الأعمال و عن مؤلفها بذور التغييرو عن الغربة و الوطن..‬

مغربيات : أنت واحدة من الأصوات النسائية المغربية التي استطاعت اقتحام عالم الريادة و الأعمال بنجاح مبهر وتثبت مكانتها بالخليج. كيف ولجت هذا المجال و ماهي الإكراهات التي واجهتك؟

مع أن دراستي الثانوية كانت بعيدة كل البعد عن مجال الأعمال حيث نلت شهادة البكالوريا علوم رياضية من ثانوية شوقي بمسقط رأسي البيضاء، إلا أن دراستي الجامعية أخدت توجها مختلفا بعد قبولي بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، ومن ثم بدأت ملامح أول خطوات مجال الأعمال التي ترسخت أكثر بعد سفري إلى عاصمة المال والأعمال مدينة نيويورك، حيث الهدف كان إتمام دراستي العليا، إلا أن الحلم الأمريكي استهواني كشابة فقررت الاستقرار هناك، و بدأت مساري المهني في مجال ريادة الأعمال قبل أن تنقلني الأقدار إلى وجهتي الحالية. لن أسميها إكراهات وإنما تحديات تواجه أي رائد أعمال بغض النظر عن كونه امرأة أم رجلا. التحدي جزء من تجربة ريادة الأعمال، أذكر من تلك التحديات، صعوبة الحصول على التمويل، المنافسة، بعض التحديات التي واجهتها كامرأة ربما تتلخص في عدم الثقة من البعض في قدرتي على الالتزام والمثابرة لإنجاج المشاريع.

لماذا اخترت دولة الإمارات العربية و تحديدا دبي كمكان للعيش و الاستقرار؟

لم أخترها وإنما هي التي اختارتني. كنت في زيارة عائلية من الولايات المتحدة، وحصلت بالصدفة على عرض عمل بحكم تخصصي في إدارة الامتيازات “franchises”, كانت دبي لازالت في بداية انطلاقتها اقتصاديا وكان ذلك بعد تجربتي القاسية بنيويورك حيث شهدت الحدث التاريخي الذي غير مجرى العالم وأتكلم عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001, ففكرت وقلت لنفسي: لِمَ لا، خاصة و أن دبي مدينة عالمية تقدم لي أسلوب عيش قريب جدا مما تعودت عليه في نيويورك، نفس التنوع الثقافي  الذي يغني تجربتي اليومية بالإضافة إلى الطابع الثقافي القريب من هويتي المغربية العربية والإسلامية.

صدر لك مؤخرا كتاب بذور التغييرعن دار النشر العالمية “passionpreneur” الذي استلهمت فكرته من التغيرات التي  طرأت على عالم يتطور باستمرار، خاصة مع ظهور وباء كوفيدـ19. كيف يمكن مواكبه التطورات التي تطرأ على مجتمعاتنا العربية في ظل هذا الاكتساح التكنولوجي المبهر؟ 

بذور التغيير ليس عنوان الكتاب فقط وإنما كلمة بذور بالإنجليزية هي أيضا مختصر لمنهجية جديدة ومبتكرة للقيادة قمت بإنشائها كمنهجية شركتنا الاستشارية لإيجاد الحلول لتحديات مختلف المؤسسات التي نتعامل معها تتلخص في خمس مراحل :

1- استشعار المتغيرات : في عالم بات فيه الغموض من المسلمات والتنبؤ بالمستقبل أصعب بكثير رغم كل التقنيات الحديثة، أصبح من الضروري الاعتماد على نوع جديد من الذكاء الذي يتعدى استعمال العقل فقط في تحليل البيانات وإنما يعتمد على إضافة الحس الإنساني لاستشراف المستقبل.

2- إشراك الآخرين : في القرارات: لم نعد نعيش في زمن القرار الأحادي والهيكل العمودي الذي يفرض القرارات من الأعلى نحو الأسفل.إشراك أصحاب المصلحة، موظفين، عملاء أو مواطنين في إبداء آرائهم وتحديد ما يناسبهم من منتجات، وخدمات وقوانين الى غير ذلة أصبح ضرورة لنجاح أي مؤسسة.

3- التمكين : تؤكد منهجية البذور على ضرورة تمكين كل المعنيين بالمعلومة وببعض السلطة لأخذ القرارات دون ضرورة الرجوع إلى المدراء أو من هم في أعلى السلم، في كل صغيرة وكبيرة، فسرعة التغييرات الني نشهدها اليوم تتطلب سرعة بالقرار وأي تأخير يمكن أن يكون كارثيا.

4- التطوير: بمعنى التطوير المستمر للأفكار والمنتجات وخاصة الأشخاص لتعزيز الإبتكار والإبداع لضمان النمو واستباق المنافسة لتجنب الاضمحلال.

5- الاستدامة : وهي آخر حرف ومرحلة في منهجية البذور، كيف نحقق الاستدامة والاستمرارية كأشخاص، قادة وأصحاب قرار في مؤسسات خاصة أو حكومية للمساهمة في بناء مستقبل مستدام للجميع.

يركز الكتاب  على ضرورة تبني التأقلم والمرونة كعقلية وثقافة لضمان الكينونة في بيئة ستظل متقلبة وغامضة. فكما تحدث “آلفين توفلر” المفكر الأمريكي، عن أمية القرن الواحد والعشرين في كتاب إعادة تفكير في المستقبلوقال : “الأميون في القرن الواحد والعشرين ليسوا من لا يقرؤون ولا يكتبون، لكن أميي القرن الجديد هم الذين ليست عندهم قابلية تعلم الشيء ثم مسح ما تعلموه ثم تعلمه مرة أخرى”.

كيف ترين هذا المجال بالمغرب؟

المغرب يخطو خطوات جريئة و رائدة إقليميا في مجال مواكبة التغيير والتحول الرقمي والإستدامة وربما شهدنا ذلك بوضوح في أزمة الوباء. المغرب يزخر بالكفاءات التي تحتاج  لصقل وتطوير مستمر ولفضاءات تمكن  من الابتكار.

ماهي تكلفة النجاح خارج الوطن الأم بالنسبة لامرأة مثلك؟ بصيغة أخرى كيف تعيشين الاغتراب عن وطنك الأم، وهل يمكن للنجاحات الكبيرة و الطموح الجارف أن يعوض المغترب عن حضن الوطن؟

بصراحة أنا لا أستعمل كلمة غربة. فالغربة إحساس بالنسبة لي وليست مرتبطة بمكان. ربما يحس الفرد بغربة وهو يعيش بوطنه. أنا شخصيا أحمل معي المغرب أينما رحلت وارتحلت‫.‬ المغرب بحضني وإن لم أكن بحضنه. “تمغرابيتفي دمي أعيشها في روتيني اليومي، أخلق جوها و أعيشها بكل بتفاصيلها.

هل تحنين لوطنك الأم المغرب؟

نعم أحن للوطن، أمر بديهي وشعور طبيعي، لكني لاأرى ذلك تضحية كبيرة أو شيئا سلبيا، بالعكس وجودنا خارج المغرب أيضا يحمل الكثير من سمات المواطنة. بترويجنا لثقافتنا نكون سفراء بدون جوازات دبلوماسية.

أنت تعملين في مجال “ريادة الأعمالو هو ميدان شاسع  مرتبط بالمال و الأعمال و لا حدود له. بم تنصحين النساء الراغبات في ولوج هذا العالم؟ 

أنصح النساء الراغبات في ذلك أولا بالتحلي بالثقة بالنفس وبتجنب فكرة: ” لأنني امرأة لن أجد الدعم أولن أستطيع النجاحالعائق الوحيد أمامك هو عقليتك وتفكيرك. فغالبا مانصنع أسقفة زجاجيةتحد من انطلاقنا. لنتجنب الحوار الجندري ونخوض في حوار إنساني. نحن أشخاص، أفراد، نساءا أو رجالا، بعلمنا وبشغفنا وبمثابرتنا نستطيع النجاح وحتى إن فشلنا أكثر من مرة، نحاول من جديد ونتعلم دروسا من كل تجربة فاشلة.

كيف ترين اليوم وضعية المرأة المغربية المهاجرة بالخليج؟

وضعية المرأة المقيمة بالخليج أخذت نقلة نوعية خاصة في العشر سنين الأخيرة. بحكم التطور الإقتصادي والإنفتاح الذي عرفته دول الخليج، أصبحت وجهة تختارها الكفاءات النسائية المغربية التي أبدعت في كل المجالات، وتشغل مناصب قيادية في العديد مت المنظمات العالمية والشركات المحلية بل وحتى الهيئات الحكومية.

About Post Author