“ميشيل” مواطنة سويسرية ترعى 900 كلب و 260 قطا و دوابا بضواحي تارودانت
مغربيات
رعاية 900 كلب و 260 قطا و دواب، مهمة تحملتها “ميشيل كليري دوسيه“ المواطنة السويسرية دون ملل أو كلل، فمنذ انخراطها في برنامج لتعقيم و تطعيم 1300 كلب كانت تملأ شوارع مدينة أكادير، بشراكة مع المجلس البلدي للمدينة سنة 2016، وهي تسعى جاهدة لكي تنعم هذه الحيوانات بالأمان، حتى لقبها الكثيرون ب“بريجيت باردو“ المغرب، إذ رغم تخلي المسؤولين عن المشروع بعد أن كَثُر اللغط من حولهم، بذريعة أن التكلفة كانت ثقيلة، إلا أنها لم تتخلى عن هذا المشروع، لتلتفت لجهات خارجية تطلب منها الدعم في مهمة ليست سهلة بالمرة، و تكلف ما لا يقل عن 150 ألف درهم شهريا لتوفير الغذاء و التطعيم و التعقيم لهذه الحيوانات.
“مغربيات“ تواصلت مع “ميشيل“ التي تتواجد بسويسرا حاليا في رحلة علاج، للحديث عن مشروعها الرامي للحد من ظاهرة الكلاب الضالة، و كذا انخراطها في التكفل بهذا العدد الهائل من الحيوانات و كيفية تدبر عيشها..
بنطقة “تيمسية“ (على بعد 24 كيلومترا جنوب أكادير)، تعيش “ميشيل كليري دوسيه“ مواطنة سويسرية ولدت بالمغرب، بلد ولدت به، أحبته و تعلقت به، لتنخرط في واحد من أثقل البرامج التي تكلف الدولة كثيرا، هي ظاهرة الكلاب الضالة. تعيش في تلك المنطقة برفقة 260 كلبا و 150 قطا، لكن هذا ليس هو الملجأ الوحيد لتلك الكلاب التي كانت ضالة بشوارع اكادير وتطوعت ميشيل لجمعها و تعقيمها و تلقيحها، فهناك ملجأ آخر بضواحي مدينة تارودانت أنشأته هذه السيدة و يضم ما يناهز 700 كلب و عددا من الدواب و القطط، تقدم لها ميشيل الرعاية و الغذاء و الدواء، و تعمل على التواصل مع العديد من الجهات الخارجية من جمعيات الرفق بالحيوان، من أجل أن ترسل في طلبها أو تتبناها و في أسوء الحالات أن تساهم ببعض ما جاد به العطف على هذه الحيوانات من دراهم يمكن أن تساهم في استمرار عيش هذه المخلوقات.
تأسيس الجمعية
بدأت قصة ميشيل مع الكلاب الضالة بمدينة أكادير، حين عادت سنة 2007، إلى المغرب بعد أن هاجرت بسبب ظروف العمل، لتقررالانخراط في مشروع تحسين عيش الحيوانات، خاصة الكلاب الضالة. في البداية كانت تعتمد على إمكاناتها الخاصة و بعض الدعم من الأصدقاء، لكنها فيما بعد استطاعت أن تقنع المسؤولين بالمدينة الانخراط في المشروع.
في سنة 2013 ، أسست ميشيل جمعية “Le Coeur sur la Patte) “CSP) لتتمكن من متابعة أهدافها المتمثلة في حماية العديد من الحيوانات التي تعيش في شوارع أكادير، و منذ ذلك الحين ، قامت بحملة حتى تخفف من مشكل كلاب الشوارع، حيث كانت دائما تؤمن بأن الحل الوحيد لتقليص الأعداد المتزايدة للكلاب هو التعقيم، وهو المطلب الذي استجاب له آنذاك المسؤولون بالمجلس البلدي لاكادير، حين أبدوا استعدادهم في الانخراط في المشروع، بعدما باتت ظاهرة الكلاب الضالة مؤرقة، حيث تنتشر على طول الشريط الساحلي للمدينة.
في عام 2016 و بعد اجتماعات ماراطونية ، أقنعت ميشيل المجلس لإنشاء أول برنامج “Trap-Neuter-Vaccinate-Release” مدعوما من الحكومة المغربية، حيث يعد هذا البرنامج في جميع أنحاء العالم الطريقة الوحيدة المؤكدة للقضاء على داء الكلب والطريقة الأكثر إنسانية وفعالية للسيطرة على كلاب الشوارع.
و بحلول أبريل 2018 ، قام برنامج حماية البيئة بتلقيح وتمييز وتعقيم أكثر من 1300 كلب ، تم الإفراج عن معظمها. لكن السلطات في أكادير، واستجابة لضغوط العديد من الجهات ، أصدرت قرارا يقضي بضرورة إبعاد الكلاب عن الشوارع، بما في ذلك كل الكلاب التي تم تعقيمها، لتصبح بذلك معرضة لخطر التقاطها من قبل السلطات ، وفي أحسن الأحوال محصورة في ظروف سيئة ، وهو ما دفع ميشيل لاستئجار بقعة أرضية ضواحي تارودانت وحمل 750 من كلاب الشوارع المعلمة إلى هذا الملجأ الذي هيأته لاستقبالها.
في دجنبر 2018 تم انتشالهما ونقلها إلى القرية، ومع ذلك تؤكد ميشيل “ فإن هذا المأوى بعيد عن أن يكون مثاليا، لأن الوصول إليه يستغرق أكثر من ساعتين من القيادة في طرق معظمها غير معبدة، كما أن الكلاب والفريق الصغير الذي يعتني بها على مدار الساعة و طوال أيام الأسبوع يحتاج إلى مرافق أفضل ومياه صالحة للشرب وبعض الكهرباء، وبما أن الأرض مستأجرة فقط ، فليس من المعروف كم من الوقت سنتمكن من البقاء هناك“.
تقول ميشيل ل“مغربيات“ : للأسف لم نتمكن حتى الآن من تعقيم كل الكلاب الضالة في شوارع أكادير، بسبب توقف برنامج “TNR” حيث تعالت العديد من الأصوات التي طالبت بجمع الكلاب من الشوارع رغم أنها معقمة و ملقحة و لاتشكل أي خطر على المارة“.
وعن نقط ضعف المشروع تؤكد ميشيل قائلة : للأسف كنا شخصين فقط متطوعين في الجمعية، و بذلنا كل جهدنا في عملية التلقيح، وصرفنا كل المال على هذه العملية، في حين أغفلنا جانبا مهما للغاية وهو التحسيس بخطورة الظاهرة و بأهمية البرنامج الذي يعد الوسيلة الوحيدة للقضاء على داء الكلاب (السعار) و الحد من تكاثرها“.
مشروع مؤجل
تقول ميشيل إن هناك اتفاقية للمجالس البلدية تفيد بأن تنخرط في عملية تطعيم و تعقيم الكلاب و إطلاقها، لكن أغلب الجماعات أحالت هذا الملف على مكاتب الوقاية الصحية، حيث ظلت الاتفاقية مجمدة ولم تعرف طريقها للتنفيذ، علما أن هذا المشكل يثقل كاهل الدولة بسبب إصابة العديد من المواطنين بداء الكلب في العديد من جهات المملكة.
تقول ميشيل : “ إن تكلفة العناية ب900 كلب ثقيلة جدا، حيث يتطلب الأمر في أحسن الحالات مبلغ 150 ألف درهم شهر
شهريا“، وهذه التكلفة تصبح مضاعفة أحيانا، مع عمليات التطعيم التي تخضع لها الكلاب ضد داء السعار، بالإضافة إلى أن تثبيت الخرص في آذانها، رغم كونها تعيش في ملجأ خاص.
وأبرزت ميشيل أنه من السذاجة صرف هذا المبلغ الضخم من أجل كلاب تعيش في ملجأ، حيث الأحرى صرفه من أجل الكلاب الضالة التي تتخذ من الشوارع ملجأ لها وتهدد صحة و حياة المواطنين، لكن ولتخفيف هذا العبء تعمل الجمعية على منح الكلاب لمواطنين من جميع أنحاء العالم قصد تربيتها و الاعتناء بها، مقابل أن يتبرع هؤلاء الأشخاص بمبالغ يمكنها أن تساهم في الاعتناء بباقي الحيوانات.
وانتقدت ميشيل بشدة بعض المغاربة الذين يهتمون بتربية الكلاب، و يلجؤون إلى اقتناء بعضها من أنواع باهظة الثمن، بدل أخذ الكلاب التقليدية المعايدة التي تتميز بذكائها و قدرتها على التحمل.
وقد اتصلت سلطات مدينة أكادير، أخيرا، بـجمعية “Le Coeur sur la Patte” لمناقشة إنشاء برنامج “TNR” جديد، وهو ما استبشرت به ميشيل خيرا، حيث أفادت “ نحن سعداء للغاية بهذا لأن لدينا اعتقاد راسخ أن هذه هي الطريقة الوحيدة لتحرير المغاربة من خطر الإصابة بداء الكلب، وتقليل أعداد كلاب الشوارع و بالتالي تحسين نوعية حياة الكلاب“.هو مشروع لازال لم ير النور بسبب ظروف الجائحة.