منح النيابة العامة الإذن لأم بتغيير مدرسة طفليها يعيد طرح إشكالية الولاية الشرعية للواجهة

مغربيات

نوهت بعض الهيئات الحقوقية بالخطوة التي أقدمت عليها النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بمدينة ميسور، بمنح سيدة الإذن بسحب شهادة انتقال طفليها من المدرسة التي يتابعان دراستهما بها، بعد خلاف مع زوجها اضطرها لمغادرة بيت الزوجية و الاستقرار ببيت أهلها، ما دفعها لتغيير المدرسة التي يتابع فيها الطفلان دراستهما.

إشكالية منح الزوجة، التي تكون على خلاف مع زوجها، شهادة انتقال الأبناء من المدارس التي يتابعون فيها دراساتهم تطرح أكثر من سؤال حول الولاية الشرعية المشتركة بين الزوجين، وهو الأمر الذي طرحته في أكثر من مناسبة هيئات حقوقية ومدنية، مطالبة بتغيير القانون الذي يمنح الأب هذه الحق ولا يعطيه للأم.

كم من الأبناء يحرمون من الدراسة بسبب اضطرار الأمهات لمغادرة بيت الزوجية، إما في وضعية عنف أو طرد أو غيرها من الوضعيات التي تكون معها الزوجة مضطرة لترك بيت الزوجية و التوجه لبيت العائلة.

للحديث عن هذه المبادرة و عن هذه الإشكالية التي ما فتئت الجمعيات تطالب فيها بمنح الزوجات الإذن بسحب شواهد تخص الأبناء شأنهم شأن الأزواج، مغربيات تواصلت مع بشرى عبده رئيسة جمعية التحدي للمساواة و المواطنة و خديجة أقبلي المحامية بهية مراكش لطرح السؤال عليهما..

بشرى عبده : حان الوقت لإقرار الولاية الشرعية المشتركة بين الزوجين

ترى بشرى عبده أن النيابة الشرعية الممنوحة للأب دونا عن الأم خلقت مشاكل كثيرة، باعتبار أن الزوجة التي تكون على خلاف مع الزوج تجد نفسها غير قادرة على سحب شواهد انتقال الأطفال من المدرسة حيث يتابعون دراستهم، وهو ما يطرح السؤال الأساسي المتعلق بالمصلحة الفضلى للطفل، بالإضافة إلى اتفاقية حقوق الطفل التي صادق المغرب عليها، و التي تنص على أن التعلم و التمدرس حق اساسي من حقوق الطفل.

و أوضحت عبده أنه من غير المعقول أن يؤدي الطفل ثمن خلاف نشب بين الوالدين، ونحمله تبعات المشاكل الإدارية و المساطر المرتبطة بهذا الأمر، و نطلب منه أن يمكث بالبيت لا لسبب إلا لأن والدته ليس من حقها أن تسحب شهادة انتقاله من مؤسسة إلى أخرى.

وقالت رئيسة جمعية تحدي المساواة و المواطنة : صحيح أنه اليوم يتم طلب حكم استعجالي عن طريق رفع دعوى لدى المحكمة تطلب فيها الأم الإذن بسحب الشهادة المعنية، لكن ذلك يتطلب كذلك أن يكون هناك تحسيس وتوعية في صفوف مديري المؤسسات التعليمية، من خلال توجيه مذكرة وزارية تشرح كيفية الحصول على هذه الوثيقة بناءا على طلب استعجالي تقدمها الأم للنيابة العامة من أجل أن تمنح الإذن بسحب الشهادة، إذ يبقى من غير المعقول أن تواجه بالرفض أو القول ماعندي ما ندير ليك التي غالبا ما تسمعها الأمهات في مثل هذه الحالات.

و أكدت أن هذا الطابع الاستعجالي عليه أن يشمل كذلك النيابة العامة، التي يفترض فيها أن تبث في مثل هذه الشكايات بشكل استعجالي لا يتعدى 48 ساعة على الأكثر ، حتى لا ينقطع الأبناء عن الدراسة و يكون مصيرهم الهدر المدرسي، و التي يعد الولاية الشرعية للأب أحد أسبابه.

وعن ما إذا كانت حضانة الأطفال التي تمنح للأم و التي يفترض أن تكون سببا مقنعا لاستخراج كافة الوثائق الإدارية، أكدت عبده أنه للأسف الأم هي التي تحضن الأطفال، وتكون مسؤولة عن أكلهم و شربهم و رعايتهم، لكن ليس لها الحق في طلب أي وثيقة إدارية تخص هؤلاء الأطفال، من جواز السفر و شهادة الانتقال من المدرسة، بل إنه حتى أثناء التدخل الطبي في بعض الجراحات الصعبة، يتطلب الأمر توقيع الولي الشرعي لإجراء العملية.

و أبدت المتحدثة أسفها  فيما يتعلق كذلك ببعض الحوادث التي تنتج عنها تعويضات في التأمين، لا يمكن سحب التعويض إلا من طرف الولي الشرعي الذي يكون أحيانا لا وجود له في الواقع.

وشددت عبده على ضرورة تغيير قانون الأسرة، فيما يتعلق بالولاية المشتركة بين الزوجين لفائدة الأطفال، سيما و أن المغرب صادق على اتفاقية حقوق الطفل التي تنص على حقه في التعلم و التمدرس.

خديجة أقبلي : يجب أن يقيد طلب الزوجة بالمحكمة مراعاة لمصلحة الأطفال

بالنسبة لموقف النيابة العامة من قضية السيدة التي تقدمت بطلب للنيابة العامة بمدينة ميسور، قالت خديجة أقبلي المحامية بهيئة مراكش إن النيابة العامة تعد طرفا في جميع القضايا المعروضة على القضاء، و بالتالي فإن تدخلها في هذه القضية راعى المصلحة الفضلى للطفل بحسب اختصاصاتها القانونية، ما جعلها تبث في الموضوع بشكل استعجالي، سيما إذا كانت الأم مثلا تتعرض للعنف أو تم طردها من بيت الزوجية، و لأن حرصها على أبنائها و تتبعهم يفرض أن يكونوا برفقتها، فإن النيابة العامة في هذه الحالة تبث في طلبها بمنحها الإذن بأن تنقل الأبناء إلى مدرسة أخرى حيث تقيم.

وترى أقبلي أن القضاء لا يتدخل عادة في مثل هذه الحالات، لأن الأمر لا يتعلق هنا بحضانة الأطفال، لكون الزوجين ليسا منفصلين، وهما فقط على خلاف، و بالتالي لا يمكن الحسم، قانونيا، مع من سيعيش الأطفال، هل مع الأم أم الأب.

و أكدت خديجة أقبلي أنه في الحالات العادية التي تخلو من العنف مثلا، فإن النيابة العامة لا تعطي الإذن في مثل هذه الطلبات، باعتبار أن الأطفال يمكن أن يتواجدوا مع أبيهم أو أمهم، الأمر سيان.

وترى أقبلي أن منح الزوجة الإذن بنقل الأبناء في حالات الخلاف يمكن أن تخلق إشكالا قانونيا، حيث سيعمل كل طرف على نقل الأبناء في كل مرة يرى أنها ناسبة له، وهنا ستصبح مصلحة الأطفال في مهب الريح، لذلك تؤكد أقبلي أن هذا الأمر يجب أن يتقيد بتدخل المحكمة التي تنظر في الأمر وفق المعطيات التي تتوفر لديها (عنف, زوج مهمل..)

وعن الطابع الاستعجالي لمثل هذه القضايا أكدت المتحدثة أن اللجوء إلى النيابة العامة مباشرة، دون المرور عبر رفع دعوى و انتظار تحديد جلسة، يؤكد أن البث في الطلب كان بشكل استعجالي، و في بعض الحالات قد يتم الاستماع للمعني بالأمر.

وعن مشاكل التأمينات، أبرزت أقبلي أنه في مثل هذه الحالات وعندما تكون الأم مطلقة حاضنة لطفل تعرض لحادثة مثلا، تجد نفسها ملزمة بتتبع القضية ودفع كافة المستحقات و الإجراءات القانونية المعمول بها، إلا أنه أثناء صرف التعويض، تفاجأ بأن الولي الشرعي الذي هو الأب هو من يخوله القانون صرف التعويض، حتى و إن كان غائبا.

واختتمت أقبلي بالقول إنه في بعض الحالات التي تعاني فيها الزوجات من سوء المعاملة و الإهمال، ينبغي منح الزوجة الإذن بنقل أبنائها إلى حيث تقيم حفاظا على مصلحتهم و استقرارهم النفسي.

About Post Author