لمياء بوقنطار : الحنين للوطن جزء من هوية كل مهاجر و مهاجرة
اختيارها لكندا من أجل الدراسة جعلها تقرر الاستقرار هناك لتبحر في عالم السوسيولوجيا و تنكب على التأمل و البحث في العيش المشترك في ظل الاختلافات العرقية و الاجتماعية و السياسية. “مغربيات” تقربت من لمياء بوقنظار الباحثة المغربية بجامعة مونتريال للحديث عن دراستها و اهتماماتها، عن الهجرة و عن الحنين للوطن..
أنت واحدة من المغربيات اللواتي استطعن أن ينتزعن مقعدا في التدريس بإحدى الجامعات بمونتريال بكندا؟ لماذا اخترت كندا؟ ماهي الصعوبات التي واجهتك هناك؟
اخترت كندا لتعدد ثقافتها ، فالبلد معروف بتنوعه العرقي وتعزيزه للعيش المشترك. كوني أقول هذا الكلام فهذا لا يعني أن الاستقرار في كندا مريح وبدون إكراهات أو أن العنصرية ضد العرب والأقليات العرقية غير موجودة.
هل الهجرة كانت لدوافع شخصية أم أنها مرتبطة بتكوينك و مسارك العلمي؟
غالبا ما أقول إنني مهاجرة ذات معنى. لسبب بسيط وهو أنني قررت الهجرة لأنني أردت التعرف على طرق جديدة في التفكير.أردت رؤية وفهم العالم والبيئة المحيطة بنا . كوني امرأة في المغرب ، فهذا يشكل علاقتي بالفضاء العام بطرق معينة ، والحقيقة أنني أردت أن أخوض و أتعرف على تجارب أخرى في الفضاء العام.
حدثينا عن مسارك الدراسي و عن الشعبة التي تدرسينها بالجامعة
جئت إلى كندا لنيل دبلوم الماجستير في الاتصال، وأنا حاليًا طالبة دكتوراه في العلوم الاجتماعية. لطالما أحببت فهم الناس دون الحكم عليهم. في الواقع إن مفهوم الاختلاف علميًا واجتماعيًا كان دائما هاجسي المعرفي، ومنذ ذلك الحين جعلت منه حجر الزاوية في بحثي العلمي: كيف يمكننا العيش معًا مع الحفاظ على اختلافاتنا العرقية والاجتماعية والسياسية ، إلى غير ذلك؟ ثم كيف ننتج مجتمعًا يحترم الاختلاف والتعددية؟ هذه كلها أسئلة أعمل عليها حاليا في دراستي.
كيف هي ظروف العيش هناك؟ هل تحنين للوطن
يبدو لي أن كل مهاجر يختبر ظروفه الخاصة في العيش و بطريقته الخاصة و وفقًا للوظيفة التي يشغلها وغيرها من الأمور التي تخصه. أما من جهتي ، فإن الظروف جد مواتية للتأمل وكتابة المنشورات العلمية إلخ. اما عن ظروف العيش الأخرى فعلى مستوى ملموس ، فإن المنتجات الغذائية غالية الثمن ، والمناخ قاسٍ جدا، خاصة عندما تأتي من بلد مشمس مثل المغرب ! أنا هنا منذ 10 سنوات وما زلت غير معتادة على المناخ …
هل أشعر بالحنين إلى بلدي؟ طبعا! لم أستمع قط للموسيقى المغربية بقدر ما كنت هنا في مونتريال. هناك أيام تمر علي أشعر أنني أفتقد كل شيء، الناس ، الطعام ، الروائح ، الشمس ، البحر ، الشوارع و الأزقة المكتظة. أعتقد أن الحنين هو جزء من هوية كل مهاجر و مهاجرة. عندما تكون مهاجرًا ، يُحكم عليك بالعيش مع الحنين إلى الماضي ، هذا الماضي الذي لا يتركنا أبدًا.
معلوم أن كل مهاجر يدبر محنة الهجرة بطريقة ما. هل تعتبرين الهجرة محنة أم هي اختيارك الذي لا محيد عنه؟ ثم كيف تدبرينها حين تحنين للوطن؟
الهجرة وجع وامتياز في نفس الوقت. و كما قلت سالفا، نحمل معنا ألم الابتعاد عن مجتمعنا، عن بلدنا وعن عائلتنا إلخ. ولحسن الحظ ، هناك تقنيات التكنولوجيا الجديدة التي تسمح لنا برؤية والتحدث مع الأشخاص الذين نحبهم وتركناهم هناك وراءنا في البلد الأم. لكن مع ذلك تبقى الهجرة، من وجهة نظري، هي أيضًا بداية جديدة ، ولقاءات جديدة ومسار جديد يغني تجربتنا ويشكل وعينا كبشر وكنساء كذلك.
هل تنتابك لحظات تفكرين فيها للعودة للمغرب متى و لماذا؟
بالتأكيد في مكان ما و في منتصف الشتاء ، أشك في قدرتي على البقاء في مونتريال لبقية حياتي. في الوقت الحالي ، أود أن أقول إن هذا الشعور وهذا الشك هو عابر ، لكن من يدري ما الذي يمكنه أن يقع في المستقبل؟.
كيف ترين وضعية المهاجرين المغاربة بكندا؟
على الرغم من أن كندا بلد يروج لصورته كدولة مضيفة تمنح فرصة للمهاجرين ، إلا أن هذا سبقى بعيدا كل البعد عن أن يكون الواقع الوحيد. يعاني العديد من المهاجرين هنا من صعوبة الاعتراف بشهاداتهم وبالتالي العثور على وظيفة تتناسب مع مؤهلاتهم. يجد الكثيرون أنفسهم مضطرين للبدء من الصفر. بالإضافة إلى ذلك ، فإن إجراءات الهجرة باهظة الثمن وبالتالي لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به لتحسين ظروف ولوج سوق الشغل والسكن وغيرهما.