و لأنني أعشق السفر … بقلم فوزية رفيق الحيضوري
و لأنني أعشق السفر،أتأبط أحلامي وعطر أيامي،أسافر عبر الذاكرة،عبر الزمان والمكان ،أبحر في الأعماق،وفي نوستالجية دافئة أعانق الماضي أحتمي فيه وبه أحيانا،أحيك خيوطا مختلفة ألوانها،وفي تجوال هائم أعبر إلى عوالم أخرى لا حدود لها،بحثا عن الحب والحرية والسلام،أستفزّ أحيانا أخرى تمردي،خوفي،هذياني،رفضي،جنوني،اختلافي مع الآخر وقبولي له…فنبض قلبي سفر،خيالي سفر،القراءة سفر،الكتابة سفر ،الرقص سفر،الموسيقى سفر تعزف لحنا شجيا،لحن الخلود ،لأن العزف سر الوجود.ولأن العاصفة وعدتني بالجديد ،أركب الموج العنيد،ولأن للأفكار أجنحة فهي تحلق بي في ملكوت الكون بعيداً عن هذا الواقع القميء،نخترق معا الفضاء ،نعانق سحابا أخضر ثم نجما أزرقَ.
أواصل السفر لأنه يُظهر ما كان خفياً ،يطهّرنا،فتنكشف حقيقة الأشياء،يضعني بين أحضان الحروف وهمسها وانزياحاتها البديعة ،فأحتمي بالكتابة لأن مفاعيلها الإستطيقية تغريني ،تمتعني،تروي عطشي ..إنها ضرورة وجودية،أمتطي صهوة رموزها،معانيها،استعاراتها،مجازاتها،وكناياتها،تحملني إلى ضفاف بحور الحيرة والدهشة والتأمل والتفكير والعشق…إنها استماع لوجع الذات،وإبحار هادئ فيها،هي تحريض على اختراق ثنايا الصمت لرسم أحلى الصور فأشعر ببهجة السفر وروعته.
هذا هو عالم كتابتي،عالم مسكون بالبوح والمكاشفة،برغبة جامحة تتوسل بالدهشة لاختراق المألوف والمعتاد فتنطلق شرارة أخالها تشفي علل النفس ،تسكِّن آلامها وترعى آمالها.
الكتابة مغامرة ومسؤولية…..