مكناس تحتفي بالمخرج المغربي فوزي بنسعيدي
أحمد سيجلماسي
عرس سينمائي ستعيشه قاعة سينما كاميرا بمكناس يومي الخميس والجمعة القادمين، حيث سيتم عرض ومناقشة الفيلم الروائي الطويل الأول “ألف شهر” (2003) للمخرج المكناسي فوزي بن السعيدي (57 سنة)، مساء الخميس 6 يونيو الجاري ابتداء من السابعة مساء، ويتلوه يوم الجمعة 7 يونيو في نفس التوقيت عرض ومناقشة فيلمه الجديد “الثلث الخالي” (2023). الفيلمان سيقدمهما بحضور مخرجهما ويسير جلسة مناقشتهما الناقد السينمائي سعيد المزواري.
ومعلوم أن هذا اللقاء السينمائي المكناسي المباشر مع فوزي بن السعيدي ستختتم به جولته بالمغرب مع المعهد الفرنسي، التي انطلقت بالرباط يوم 2 يونيو وجابت كلا من القنيطرة (3 يونيو) والدار البيضاء (4 و 5 يونيو) لتحط الرحال في الأخير بمكناس.
إنه مؤلف ومخرج وممثل سينمائي ومسرحي، مقيم حاليا بالديار الفرنسية، أصدرت عنه الجمعية المغربية لنقاد السينما سنة 2014 كتابا جماعيا بعنوان “فوزي بنسعيدي.. سينما مغايرة”.
هو من مواليد مكناس يوم 14 مارس 1967، تابع بعد حصوله على شهادة البكالوريا (آداب عصرية) سنة 1986 دروسا فنية بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، حيث تخرج منه سنة 1990، كما تابع دروس الميتريز ودبلوم الدراسات المعمقة من 1993 إلى 1995 بمعهد الدراسات المسرحية بباريس 3، ثم دروسا بالكونسيرفاتوار الوطني العالي للفن الدرامي بباريس في الموسم الجامعي 1994/1995، واستفاد سنة 1995 من تداريب بورشات السيناريو وإدارة التصوير ومبادئ المونطاج بالمؤسسة الأروبية لمهن الصورة والصوت (FEMIS).
انطلقت مسيرته الفنية أولا في المسرح، ممثلا ومخرجا، ثم انفتح بعد ذلك على عوالم السينما كتابة وتشخيصا وإخراجا…
تتكون فيلموغرافيته كمخرج وسيناريست من العناوين التالية: “الحافة” (1998- قصير)، “خط الشتا” (1999- قصير)، “الحيط.. الحيط” (2000- قصير)، “ألف شهر” (2003- روائي طويل)، “يا له من عالم جميل” (2006- روائي طويل)، “بيع الموت” (2011- روائي طويل)، “وليلي” (2017- روائي طويل)، “أيام الصيف” (2022- روائي طويل)، “صحاري أو الثلث الخالي” (2023- روائي طويل)، وغيرها. هذا بالإضافة إلى تشخيصه لأدوار مختلفة ومتفاوتة القيمة في أفلامه الروائية الطويلة وأفلام غيره (مغربية وفرنسية وبلجيكية وجزائرية بالخصوص)، نذكر من هذه الأخيرة، على سبيل المثال، ما يلي: “مكتوب” لنبيل عيوش و”بعيدا” لأندري تيشيني (شارك بن السعيدي في كتابة السيناريو أيضا) و”ضفائر” للجيلالي فرحاتي و”عود الريح” لداوود أولاد السيد و”وداعا المغرب” لنذير مخناش و”سان لوران” لبرتران بونيلو و”قناعة خاصة” لريمي بوركيل و”ديبان” لجاك أوديار و”لولا باتر” لنذير مخناش و”السعداء” لصوفيا جاما و”صوفيا” لمريم بنمبارك…
وفي المسرح أخرج مجموعة من المسرحيات من قبيل “ظل المحارب” (من تأليف سعد الله ونوس) و”يرما” (بالإشتراك مع أورتوفو عن نص لغارسيا لوركا) و”الفيل” (من تأليف سعد الله ونوس) و”العرس عند البورجوازيين الصغار” (عن نص لبريخت) و”طير الليل” (من تشخيص ثريا جبران)…
تجدر الإشارة إلى أن أفلام فوزي بن السعيدي حصدت الكثير من الجوائز داخل المغرب وخارجه، علما بأن أول أفلامه القصيرة “الحافة” سبق له أن حطم رقما قياسيا في تاريخ السينما المغربية من حيث عدد الجوائز المحصل عليها إلى حدود متم سنة 1999 (أكثر من 20 جائزة)، وهو فيلم جميل يذكرنا بعوالم الفيلمين الرائعين “وشمة” (1970) لحميد بناني و”السراب” (1979) لأحمد البوعناني.
من خصوصيات سينما فوزي بن السعيدي اشتغالها على عوالم الهامش والنبش فيها اجتماعيا وسياسيا وزمكانيا، بلغة سينمائية لا تخلو من شاعرية، بغية الإقتراب من هموم ومشاغل ومعاناة وأحلام البسطاء والمهمشين والمغلوبين وغيرهم والإنتصار لقضاياهم والتأكيد على حقهم في الحياة والحب والحرية، مع خلخلة القوى المهيمنة وإدانة واقع التهميش وكل ما يحط من قيمة وكرامة الإنسان.
فمن أول أفلامه القصيرة “الحافة”، وانفتاحه على الشغب الطفولي والفضاءات الهامشية، إلى فيلمه الأخير “الثلث الخالي”، مرورا بفيلم “وليلي.. الحب والحكرة”، الذي شكل إدانة للرأسمالية المتوحشة التي وسعت بكثير الهوة بين الأغنياء والفقراء، نقف على عينات من مظاهر الفقر والتهميش الاجتماعي التي تعيشها فئات من المجتمع بحكم التحولات الكبرى التي مست بنياته المختلفة وانعكاساتها السلبية في الغالب على حياة الإنسان البسيط.