ماجدولين النبيهي…مغربية تنشئ منصة تعليمة لتدريس العربية لغير الناطقين بها

مغربيات/و.م.ع

في واحد من نماذج النساء المغربيات الساعيات إلى إحداث بصمة في مجال اشتغالهن، استطاعت  ماجدولين النهيبي الأستاذة الجامعية بكلية علوم التربية بالرباط أن تبرز كفاءتها على مدى سنوات من خلال تجربة غنية في تدريس العربية للناطقين بغيرها، توجتها اليوم بمشروع طموح عبارة عن منصة تعليمية إلكترونية في هذا التخصص ترنو بها إلى العالمية.

 بدأ  شغفها بلغة الضاد منذ كانت طفلة صغيرة حيث نشأت ابنة مدينة فاس (56 سنة) في بيئة محبة للعلم، من خلال سفر دائم  في صفحات الكتب في خزانة الوالد، قبل أن يتعزز بشكل أكبر في المرحلة الثانوية التي تدين فيها لأستاذتها في اللغة العربية آنذاك، ذات الفضل الكبير والحاسم في متابعتها تخصص العربية وآدابها في الجامعة.

   وفي الجامعة، ستستأنس النهيبي أكثر بمجال دراستها الذي سلكت فيه مسارا متميزا توج تباعا بتحصيل شهادة الإجازة من كلية الآداب بعين الشق التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء سنة 1991 بتفوق خولها منحة استحقاق لتواصل دراساتها العليا وتنال دبلوم الدراسات المعمقة ثم شهادة الدكتوراه في الآداب من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط سنة 1999.

   تقول النهيبي في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، إن اشتغالها على موضوع “الدخيل في اللغة العربية” فتح عينها بشكل أكبر على الإمكانات الهائلة للغة الضاد في الصرف والاشتقاق والمعجم، تماما مثلما أتاح لها الاشتغال على الدراسات المقارنة الانكباب على التعمق في دراسة اللغة الإنجليزية.

   خاضت النهيبي تجربة في العمل الصحافي والترجمي قبل أن تباشر مسارها المهني الأكاديمي سنة 2002 حين حازت منصبا في معهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالرباط، قضت فيه أربع سنوات قبل أن تلتحق بكلية علوم التربية التي ستشكل بوابة إلى عالم تدريس العربية للناطقين بغيرها، ويتحول من مجرد مهنة إلى شغف حقيقي.

   تقول النهيبي إنها عاينت عند ولوجها للكلية ذلك الإقبال المتزايد من أبناء الجالية المغربية والأجانب على تعلم العربية، سيما خلال فصل الصيف، وكذا خلال السنة الدراسية التي تشهد التحاق أفواج من الأجانب الذين يقدمون إلى المملكة لقضاء بضعة أشهر في تعلم لغة الضاد.

   وبانخراطها في مواكبة وتأطير هؤلاء المتعطشين للغة الضاد، تقول النهيبي إنها وقفت على حقيقة مفادها أن “تدريس اللغة العربية باعتبارها لغة ثانية يختلف تماما عن تدريسها في التعليم النظامي، ويواجه تحديات كثيرة تتطلب تفكيرا معمقا في المناهج وطرق التدريس”.

   تقول النهيبي التي عملت في مجموعة من هذه المراكز وكونت عددا من أساتذتها من داخل وخارج المغرب، إن “أغلبية الأساتذة في المراكز المتخصصة في تدريس العربية للناطقين بغيرها لا يتوفرون على موارد تعليمية محينة، ويبذلون جهودا في إعداد المواد أو يعتمدون على موارد متقادمة ولا تتلاءم مع خصوصية المجال”.

   وتؤكد الخبيرة التعليمية التي صدرت لها مؤلفات عديدة في مجال تدريس العربية للناطقين بغيرها، إن هذه التحديات هي ما حدا بها إلى إحداث منصة إلكترونية متخصصة حصرا لهذا المجال اختارت لها اسم “ألفة” بمعية فريق متكامل يضم عددا من الأساتذة والطلبة والتقنيين.

  ويتعلق الأمر هنا بمشروع رقمي يهدف إلى تزويد أساتذة اللغة العربية للناطقين بها عبر العالم بموارد تعليمية إلكترونية حديثة ومتنوعة، حيث يوفر محتوى تفاعليا يشمل نصوصا ومقاطع صوتية ومقاطع فيديو وصورا مولدة بالذكاء الاصطناعي بشكل يعزز تجربة الانغماس لدى الطلبة، مضيفة أن فريق العمل يشتغل حاليا على تطوير روبوت محاور (ChatBot) خاص بها.

   وإذا كان مشروع “ألفة” يوجد اليوم في مرحلته التجريبية، فإن النهيبي يحدوها طموح ليصل هذا العمل إلى العالمية، ويقدم مساهمة في صرح إشاعة اللغة العربية عبر العالم، مستحضرة السعادة البالغة التي تغمرها حين تعاين التقدم الذي يحرزه أجانب انطلقوا في تعلم العربية من الصفر.

   تؤمن النهيبي بأن المغرب يشكل وجهة رائدة في السياحة اللغوية، حيث يقضي الطلبة الأجانب أشهرا في تعلم اللغة العربية والاطلاع على ثقافة المملكة في كامل تنوعها، وهو ما تعتبره مدعاة لتعزيز التفكير في الاستثمار في هذا المجال للاستفادة المثلى من الفرص التي يتيحها سيما والمغرب مقبل على تظاهرات كبرى من قبيل كأس العالم لكرة القدم سنة 2030.

   وإلى جانب عملها الأكاديمي، باعتبارها أستاذة في الجامعة وعضوا في فرق بحثية عديدة وخبيرة ومستشارة في مشاريع دولية في تصميم مناهج تدريس العربية للأجانب وحكامة مراكزها المتخصصة، تنشط النهيبي في مجالات أخرى، حيث أسست رفقة زوجها الفنان والخطاط محمد بوخانة مركزا للعلاج بالفن، وتخوض تجربة الإطلال على الجمهور من خلال برنامج تلفزي وآخر إذاعي باعتبارها خبيرة في التربية والتعليم.

   تدين النهيبي في هذا التعدد في المهام والتنوع في الأنشطة إلى ذلك الرافد الروحي الذي يمدها بالطاقة باعتبارها من مريدات إحدى الطرق الصوفية البارزة بالمملكة، وهو الرافد الذي يحملها على التوفيق بين أعباء البيت، هي الأم لابن وابنة، ونشاطاتها العلمية والعملية.

   في جوابها على سؤال حول رسالتها للنساء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، لا تتردد النهيبي في التعبير عن إعجابها الكبير بالمرأة المغربية وبكفاحها اليومي، داعية إياها إلى عدم وضع حدود للطموح. ذلك الطموح الذي يحدوها اليوم لتصل بمشروع منصة “ألفة” الذي تشرف عليه كامرأة مغربية الى العالمية.

About Post Author