فسحة رمضان (5) : سيدي عبد العزيز التباع.. “الحرار” قطب عصره
مغربيات
على الرغم من أن تربة مراكش ممزوجة برفات عدد كبير من الأولياء الصالحين و العلماء، إلا أنه لم يحظ بالشهرة إلا سبعة منهم فقط هم : أبو العباس السبتي، القاضي عياض، سيدي يوسف بن علي، الإمام أبو القاسم السهيلي، سيدي عبد الله الغزواني (مول القصور)، عبد العزيز التباع و محمد بنسليمان الجزولي، حتى أن مراكش سميت بمدينة سبعة رجال نسبة إليهم.
في الحلقات التالية نستحضر سيرة رجالات مراكش السبعة ..
يعد سيدي عبد العزيز التباع الرجل الخامس في تصنيف الرجالات السبعة، إضافة إلى كونه الوحيد الذي نشا في مراكش وترعرع فيها من بينهم جميعا.
يقول عنه الفقيه المهدي الفاسي في كتابه “ممتع الأسماع في الجزولي و التباع وما لهما من الأتباع : “و منهم وارث حاله الشيخ أبو محمد و أبو فارس عبد العزيز بن عبد الحق الحرار، و الحرار نسبة إلى صناعة الحرير، إذ كانت حرفته في أول أمره، كان عالما عاملا و شيخا كاملا في بحر العرفان و مجمع المآثر الحسان، شيخ المشايخ و أستاذ الأكابر وجبل الفضل الشامخ، و قطب وقته، وغوث النفاع، و إمام أئمة الطريقة في عصره“
و الحقيقة أن أغلب الدارسين أجمعوا على أن شخصية سيدي عبد العزيز التباع تعتبر أكثر غموضا من شخصية شيخه محمد بنسليمان الجزولي، حيث أن ما وصلنا حول مولده و نشأته و شخصيته يعد غير كاف للكشف عن العديد من الجوانب حو حياته.
حسب منشورات مركز الجنيد للدراسات و الأبحاث، فإن الشيخ عبد العزيز التباع لم يرث عن أجداده لا مجدا و لا علما ولا حتى اسما عائليا شهيرا، وقد عرف ب »الحرار » نسبة إلى صناعة الحرير، حيث كانت حرفته الأولى، قبل أن يتبعه الكثيرون، حتى لقب ب “التباع“.
لازم سيدي عبد العزيز التباع الإمام الجزولي و أخذ عنه الكثير، حتى أنه أقام عنده بزاويته بتافوغالت، لكن أكثر المعارف أخذها عنه حين قدوم الإمام الجزولي إلى مراكش، حيث استضافه ببيته بحي القصور، لكن بعد مقتل الإمام الجزولي، التحق عبد العزيز التباع بأكبر تلامذة شيخه، وهو محمد الصغير السهلي، حيث أقام عنده بزاويته بخندق الزيتون بفاس، لثماني سنوات، قبل أن يعود لمسقط رأسه بمراكش، وقد ذاع صيته و توافد عليه المريدون من كل مكان، يتلقون على يديه العلم و الصلاح، حتى سمي ب“التباع“.
من أشهر تلامذة عبد العزيز التباع الإمام عبد الله الغزواني أحد رجال مراكش السبعة و صاحب ديوان “النقطة الأزلية“ و الشيخ محمد بن عيسى دفين مراكش، الذي توجه للشيخ “الحرار“، بحسب وصية أستاذه سيدي أحمد الحارثي، و لما رآه الشيخ التباع توسم فيه الخير، حيث “نظر إليه نظرة أهل المعرفة“.
توفي عبد العزيز التباع عام 914 هجرية (1508م) و دفن بحومة المواسين بمراكش، حتى أن الحي الذي دفن فيه سمي حي سيدي عبد العزيز.