فريدة العذراوي.. محامية اختارت أن تكون بجانب نساء و أطفال سيدي بنور

مغربيات

عملها في خلية التكفل القضائي بالنساء و الأطفال بالمحكمة الابتدائية بسيدي بنور بصفتها محامية، جعلها قريبة من هموم النساء المعنفات و مشاكلهن، مما دفعها رفقة أعضاء آخرين داخل الخلية للتفكير في إنشاء مركز للإيواء يحتضن النساء المعنفات و المطرودات من بيت الزوجية. وهو ما تم بالفعل، حيث أنشئ المركز بدعم من مؤسسة محمد الخامس للتضامن و تم تجهيزه بالكامل لاحتضان النساء و الأطفال المتخلى عنهم، لكنه إلى غاية اليوم لازال مغلقا في وجه هذه الفئة الهشة، لأنه يفتقر لميزانية للتسيير، رغم كل الوعود التي تلقتها الجمعية المسيرة من جهات مسؤولة لكن دون أن تجد طريقا للتحقيق.

مغربياتتواصلت مع فريدة العذراوي رئيسة جمعية نور لإيواء و التكفل بالنساء و الأطفال بسيدي بنور للحديث عن انخراطها في الدفاع عن النساء ضحايا العنف و الأطفال المتخلى عنهم و عن مركز للإيواء لم يفتح بعد أبوابه في وجه نساء في وضعية صعبة.

تقول فريدة العذراوي لمغربيات” : كنا نتأسف للوضعية التي تعيشها النساء المعنفات بسيدي بنور، خاصة حين يتعرضن للطرد من بيت الزوجية، حيث كانت تتطوع بعض الأخوات العضوات بالجمعية لاصطاحبهن للمبيت، أو تضطر المرأة لقضاء ليلتها بمخفر الشرطة، وهو وضع صعب على هؤلاء النساء، الشيء الذي دفعنا للتفكير في إنشاء مركز لإيوائهن رفقة أطفالهن“.

غالبا ما تنصح رئيسة الجمعية المرأة المعنية بالتوجه لمخفر الشرطة كمكان آمن، حتى يحل الصباح لتبدأ الجمعية في مرافقتها من خلال وضع الشكاية تم تتبع مآلها، معتمدة على جمع تبرعات من أعضاء مكتب الجمعية لكي تتمكن الضحية من التوجه لبيت أهلها في انتظار أن يتم استقدامها من جديد.

وتضيف العذراوي لازلنا نواجه بعض العقليات التي ترى أننا نحرض النساء على هجر بيت الزوجية، بدعوى أننا نريد أن نوفر لهن الإيواء، حيث لا يتردد العديدون في القول : اتركن النساء في بيوتهن، أنتن تحرضن على عصيانالأزواج، في انتهاك صارخ لكرامة هؤلاء النساء، و المؤسف أن هذه التصريحات تصدر أحيانا عن مسؤولين منتخبين“.

ولأن رئيسة الجمعية امرأة تعرف القانون جيدا و ترافع ضد هذه الانتهاكات التي تطال النساء كمحامية أولا، ثم كناشطة حقوقية في المجال، فقد أبت إلا أن تستسلم لهذه العقليات، بل إنها في مناسبات عديدة لا تتردد في أن تشرح لبعضهم بأن الضابطة القضائية نفسها، و لتفعيل الفصل 103ـ13 بمدونة الأسرة و المتعلق بإرجاع المطرودة إلى بيت الزوجية في كثير من الأحيان، تفرض على الزوج أن يعيد الزوجة إلى بيتها.

أطفال متخلى عنهم

لأن مدينة سيدي بنور تفتقر لوجود مؤسسة أو مركز يعنى بالأطفال و الرضع المتخلى عنهم، فإن السلطات تعمد إلى إرسالهم بعد أن تعثر عليهم الشرطة، إما في الشارع أو بالقرب من حاويات الأزبال إلى مؤسسة دار الصبانللأطفال المتخلى عنهم بمدينة الجديدة، حيث لازالت المحكمة الابتدائية لسيدي بنور تابعة لمحكمة الاستئناف بالجديدة، وهو ما يثقل كاهل الجمعية التي ما فتئت تطالب بإنشاء مركز، إلا أنه لايزال إلى غاية اليوم لا يستقبل هؤلاء الأطفال بسبب غياب دعم للتسيير.

أمام تعالي الأصوات داخل مكتب الجمعية و التي دقت جميع الأبواب من السلطات المحلية و الجماعات القروية المجاورة، و لا من مستجيب لنداء أصبح مطلبا ملحا مع تزايد الحالات الوافدة على مؤسسة دار الصبانبالجديدة.

ورغم أن المركز الذي شيد بطابقين، يتوفر على قاعة للحلاقة مجهزة لتعليم النساء، و كذلك قاعة للإعلاميات و أقسام للتعليم الأولي، كما سبق و أن تعاهد مع مؤطرين ومؤطرات لمواكبة النساء إلا أنه لازال مغلقا في وجه المستفيدات بسبب غياب الدعم الخاص بتدبير الموارد البشرية التي يفترض أنها ستعمل بالمركز.

وعود لم تتحقق..

سبق لمكتب الجمعية أن تقدم بطلب ترخيص بإيواء النساء المعنفات و المطرودات من بيت الزوجية و الأطفال المتخلى عنهم بإقليم سيدي بنور، ولكي يتأتى لها ذلك كان لابد من طلب شراكة مع المندوبية الجهوية للتعاون الوطني بسيدي بنور، التي استغرقت موافقتها على الطلب تعاقب ثلاث مندوبين، إلا أنها لم تتجاوز إلى حد الآن مجرد وعود بمنح الجمعية دعما يساعد في تدبير المركز، الذي لا تتعدى الخدمات به الاستماع و التوجيه للنساء في وضعية صعبة و تتبعهن و مرافقتهن في جميع مراحل التقاضي، إن كن يرغبن في رفع دعاوى قضائية.

تعتمد الجمعية على مساعدتين اجتماعيتين، رغم غياب الدعم من أجل منحهن تعويضا على ما يقدمانه من خدمات، حيث تعملان أغلب الوقت كمتطوعين داخل الجمعية.

مع تأخر التوصل بالدعم الخاص بالتسيير، اضطر بعض الأعضاء للانسحاب من الجمعية، بعد أن يئسوا و أثقلت كاهلهم المساهمة في التكفل بالنساء من جيوبهم، في حين بقيت فريدة العذراوي رفقة عدد من عضوات المكتب صامدات، يرافقن النساء عبر الاستماع و التوجيه و التتبع إلى أن تجد الوعود التي تلقتها الجمعية طريقها للتحقيق على أرض الواقع، و يتمكن من الاستفادة من الترخيص الذي يخول لهن استقبال النساء في وضعية صعبة و الأطفال المتخلى عنهم بإقليم سيدي بنور.

رغم أن الجمعية تقدمت بطلب للاستفادة من المبادرة الوطنية للتنمية وتم التصويت على الطلب بالإجماع من قبل اللجنة الإقليمية التي تشرف على منح الدعم، إلا أن الجهات المسؤولة ارتأت أن تمنح الدعم لبعض الجمعيات الأخرى، كأولوية، مثل جمعيات تعنى بمرضى القصور الكلوي و التعليم الأولي، في حين تم إبعاد جمعية النور من الاستفادة ليبقى الوضع على ما هو عليه.

كانت الجمعية في وقت سابق قد أنشأت أقساما للتعليم الأولي في الطابق السفلي للمركز كمشروع مدر للدخل يمكنها من تغطية بعض المصاريف، قبل أن يتم أخذ هذا الطابق و تخصيصه لفائدة التعليم الأولي الذي تشرف عليه عمالة الإقليم. بالإضافة إلى استغلال قاعات للتعليم، فقد تم تخصيص بعض الحجرات للتلقيح ضد كوفيدـ19، في حين اكتفت الجمعية بممارسة الاستماع و التوجيه للنساء ضحايا العنف في الطابق العلوي، في انتظار أن تحصل على دعم يمكنها من إيواء النساء و الأطفال.

About Post Author