رؤيا.. بقلم فوزية التدري

بقلم فوزية التدري

رؤيا

استيقظت صباح هذا اليوم منزعجة من حلم مفزع ، رأيتني فيه ميتة وكل أحبابي يبكونني وهم متحلقون فوق رأسي . قفزت من فراشي وكأنني أهرب من حريق ،بسرعة وجدت نفسي تحث الدش أطفأ لهيب الفزع ونار الخوف من الكابوس وأنا أتناول فطوري على مهل كأن الوقت لا يهمني في شيء ، نطت الى ذهني فكرة عجيبة وهي أن أغير اسمي بإسم ثان إسم جديد يبعث في روحا جديدة قد تخلصني من رعونة الذاكرة التي توجعني باشتغالها الدائم في تذكيري بكل الأحزان والنكسات .إسم جديد يعني لي حياة جديدة ، صفحة بيضاء ، ذكريات وأحداث مختلفة.

وضعت فنجان القهوة من يدي وتوجهت إلى الحمام ، مسحت المرآة جيدا وصرت أتأمل وجهي وأنا أبتسم ، أعجبتني ملامحي فالكل يشيد بجمالي ، سأسمي نفسي نور ،هذا الإسم يليق بي أكثر من اِسمي القديم ، لم أفهم لماذا لم يسمياني والداي بنور ؟؟ تقول أمي دوما بأنني ولدت ببشرة بيضاء شفافة كالنور وشعر أشقر وبأنها حضنتني عند ولادتي كما لو كانت تحضن الشمس بكفيهالا يهمني الآن بعد هذه السنين بأكملها لماذا لم يسمياني نور ، ما يهمني اللحظة هو أنني سأختار لنفسي اِسما أحبه وأحب ان أنادى به من طرف الكل هكذا أقنعت كل أفراد عائلتي وأصدقائي وصديقاتي وجيراني وكل معارفي بأن ينادونني بإسمي الجديد .وهكذا صرت في يوم واحد نور أتهادى في مشيتي وكأن الاسم الجديد تاج على رأسي .

لم يفهم الجميع لماذا غيرت اِسمي لكنهم تواطؤوا معي على الإسم الجديد ، فهم يحبونني كثيرا ولا يبخلون علي في طلب كما أنهم يعون جيدا درجة جنوني فأنا لا اتراجع عن فكرة إن وشمت ظلها في ذهنيعند المساء مع غروب الشمس خرجت من المنزل وكأنني عروس ستزف في ليلة عرسها ،كنت في غاية الأناقة والجمال ، حرصت على أن أكون جد أنيقة وأنا أحتفل رفقة صديقاتي بالإسم الجديد ، إذ دعوتهم الى العشاء في أحد المطاعم الراقية بالمدينة . قبلن الدعوة بفرح وهن يمازحنني بأن أغير إسمي بين الفينة والأخرى لم أشأ أن أذهب بالسيارة الى وسط المدينة ، فضلت ان أذهب راجلة كي أستمتع أكثر بالمشي وأنا أحمل إسما جديدا وكأنني ولدت من جديد ، سأصنع أحداثا جديدة ومتع جديدة وحياة جديدة في ظل حضرة الاسم الجديد أمشي وأبتسم أبتسم لنفسي ولصفاء ذهني ، أنثر الابتسامات لجميع من يرمقني ….للحظات جميلة وجليلة كنت أمشي وأتقدم في طريقي فرحة منتشية وكأنني ملاك هبط للتو من السماء لينشر المحبة والسلام بين بني البشر .

على مقربة من المطعم حيث تتقاطع ثلاثة شوارع رئيسية للمدينة سمعت صوتا يناديني من بعيد بإسمي القديم ، لم ألتفت نكاية في إسمي الذي لم أختره ، فما عدت أحب سماعه لقد استأنست بإسمي الجديد واستبشرت به خيرا ، تقدمت خطوة أخرى ثم سمعت نفس الصوت يصرخ :انتبهي توقفي ألا تسمعين !!…لم أدر كيف وجدتني ملقاة على ظهري وسط الطريق والدماء تنزف من وجهي وعشرات العيون تبحلق في وعشرات الأفواه المفتوحة كمغارات تحاول ابتلاع الموقف .

في خضم هذا المشهد كنت أتألم الى ان انتبهت الى يد فتاة تمسك بيدي بحنو وهي تبكي وتردد لماذا لم تتوقفي لقد ناديتك ونبهتك بعلو صوتي ؟؟ ، بجهد جهيد قلت لها: لقد غيرت إسمي ثم وجدتني أتبع نورا ساطعا من نفق طويل يقف في نهايته والدي الراحل صرت أجري وأجري نحوه إلى أن فتحت عيني فجأة وأحسست بأنفاس أمي فوق وجهي ، عندها صارت تصرخ بالفرحة وتقول : سليمة عادت إلى الحياة أيها الطبيب سليمة ابنتي عادت للحياة أيها الأحباء .

About Post Author