“حقوق النساء و تأثيرات المساعدات المالية الدولية” موضوع ورشة نظمت بمراكش
مغربيات
تعد النساء، باعتبارهن من الفئات الهشة، هن ضحايا السياسات الحكومية غير المستقلة عن المؤسسات البنكية الدولية التي فرضت على الشعوب سياسات تقشفية، مما انعكس سلبا على حقوقهن الأساسية.
في إطار المبادرة المدنية للاجتماعات البديلة و الموازية للاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي التي تعقد بمراكش، نظمت فدرالية حقوق النساء بشراكة مع مركز التعليم الدامج و المسؤولية الاجتماعية بجامعة القاضي عياض، أول من أمس الجمعة 13 أكتوبر بمراكش ورشة تفاعلية لمناقشة “حقوق النساء و البيئة : أي تأثيرات للمساعدات المالية الدولية في مجال التنمية”.
وقالت عضو فدرالية رابطة حقوق النساء لطيفة بوشوى إن المؤسسات المالية الدولية الكبرى سلبت الحكومات إرادتها في وضع سياسات تنموية تراعي حقوق و احتياجات المواطنات و المواطنين وعلى رأسهم النساء لكونهن من الفئات الهشة، و بالتالي فإن أي أثر للسياسات التقشفية، سواء على مستوى الديون أو الخوصصة على حياة الشعوب يدفع ثمنها النساء بالدرجة الأولى.
وتساءلت عما إذا كانت هذه الهيئات و المؤسسات المالية تعمل بمفردها في غياب لمجتمع دولي حقوقي براعي منظومة حقوق الإنسان عموما و حقوق النساء بشكل خاص، لافتة إلى أن هناك تناقض صارخ بين الدور الحقوقي الذي تلعبه هذه الدول (189 أو 190 دولة) داخل مجالس هيأة الأمم المتحدة و مجلس حقوق الإنسان و مجلس الأمن و بين الدور التي تلعبه داخل هذه المؤسسات المالية الكبرى كالبنك الدولي، حيث لا تراعي إلا مصالحها الاقتصادية و المالية.
و أشارت إلى الحركات الاجتماعية و النسوية المناهضة لسياسات المؤسسات المالية الكبرى في فضح و كشف قصور المساعدات المالية الدولية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة و تمكين النساء اقتصاديا و تعزيز قدراتهن للاندماج الفعلي في سوق الشغل.
و بينت أن المؤسسات البنكية المالية الدولية أسهمت إلى حد كبير في إنهاك الشعوب و الدول، و إثقال كاهلها بالديون المتراكمة، على حساب التنمية التي تدعي أنها تساهم في تعزيزها، حيث السياسات المحلية التابعة لها أفرزت انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وعلى رأسها حقوق النساء.
و طالبت بوضع حقوق النساء، خاصة تلك المتعلقة بالبيئة في صلب المشاريع الممولة من القروض التي يمنحها البنك الدولي للحكومات بالدول النامية، لافتة إلى أنه من غير المقبول أن يتم التراجع عن تلك الحقوق أثناء الاستفادة من قروض لاحقة، و هي السياسات التي أصبحت ترسخ حكامة هذه المؤسسات المالية و تحد من هيمنتها.
و أوضحت أن من بين المبادئ الجديدة التي أصبحت تعتمد عليها هذه التمويلات و القروض هي قياس أثر سياسات الحكومات المستفيدة على منظومة حقوق الإنسان و وحقوق النساء قبل منحها إياها، معتبرة أنها فرصة إيجابية خاصة و أن هذا القياس يمكن أن تقوم به الدولة أو الفاعلين الإقتصاديين أو جمعيات المجتمع المدني كذلك.
من جانبها ذكرت الأستاذة الباحثة في الاقتصاد و مقاربة النوع يسرى البراد أن التمويلات الاقتصادية و القروض و أثرها على الحقوق الإنسانية و السوسيو اقتصادية للنساء بات بارزا بشكل ملحوظ، حيث تكرس هذه السياسات الفوارق الاجتماعية والتمييز ضد النساء، مستحضرة ما قالته الباحثة النسوية الفرنسية “كامي برونو” : “حياتنا أغلى من ديونهم”.
و بينت أن الأزمات الأخيرة، كفترة الجائحة (كورونا) كشفت عن اختلالات واضحة و فوارق صارخة، إذ رغم تطور البنية التقليدية للأسرة المغربية، و التي أصبحت المرأة تحتل فيها مكانة مهمة، إلا أن واقع الحال لا يفرز هذه الحقيقة، حيث أنه أثناء تقديم المساعدات العينية للأسر كان الرجل هو المستفيد باعتباره المسؤول الأول عن الأسرة.
و أشارت إلى أن أبرز التحديات التي تواجه المرأة المغربية اليوم تتمثل في الوصول إلى الموارد الاقتصادية و المالية و البيئية، حيث الملاحظ أن السياسات تحرم النساء من الولوج إليها، مما يزيدهن فقرا و إقصاء، و أن هناك فوارق كبيرة في تأثير المديونية على الدول الفقيرة، مبرزة وجود فرق في أثر هذه السياسات على الجنسين.
و انتقدت المشاريع الممولة من القروض التي تمنحها المؤسسات الكبرى، و التي بدل أن تستثمر في التمكين الإقتصادي للنساء و برامج محاربة الأمية سواء المتعلقة بالقراءة و الكتابة أو القوانين فإنها تضخ الأموال في مشاريع تستفيد منها فئات سبق و أن استفادت في سياقات أخرى.
و دعت إلى أن تحقيق مبدأ المناصفة و وصول النساء إلى مراكز صنع القرار هما السبيل لتحقيق العدالة و المساواة الفعلية بين الجنسين كما تنص عليها كل المواثيق الدولية.
و بشأن التوصيات أكدت على ضرورة إدماج مقاربة النوع في كل السياسات الحكومية، المتعلقة بالقروض و التمويلات، ثم تسهيل و إتاحة ولوج النساء لمراكز صنع القرار، و كذلك تقوية قدرات النساء الاقتصادية و السوسيو اقتصادية، ثم إقرار مبدأ الشفافية و ربط المسؤولية بالمحاسبة، في نظام الدين و إرجاعه، و إن كانت الحركات الاجتماعية في العالم تتوجه نحو إلغاء المديونية للدول الفقيرة، شريطة أن تستثمر في مشاريع تراعي إدماج النساء في سوق الشغل وتمكينهن اقتصاديا و تحقيق العدالة الاجتماعية و تعزيز قدراتهن و تحقيق الأمن الاجتماعي لهن.
و خلصت إلى أن الأزمات كشفت على أن النساء هن الأكثر تضررا، خاصة بالنسبة لربات البيوت، حيث لازال اقتصاد الرعاية الاجتماعية يعد قطاعا غير منتج ولا يعترف به في مجال الشغل.
و في محور التدبير المندمج للموارد المائية و مقاربة النوع في إطار آلية التمويل و القروض و أثرها على حقوق النساء و علاقتها بالبيئة، أشارت الباحثة و رئيسة فدرالية حقوق النساء بجهة مراكش، أسفي سناء زعيمي إلى أن المغرب، ومنذ سنوات، وضع إصلاحات و إجراءات لتمكين النساء من الحقوق الأساسية وكذلك للحد من مختلف أشكال التمييز بين الرجال و النساء، و ذلك بهدف تعزيز مبدأ المساواة بين الجنسين لضمان تنمية بشرية مستدامة و عادلة، و من هنا يأتي مصطلح التدبير المندمج، حيث لا يمكن الحديث عن هذا الأخير بدون التطرق بشكل أو بآخر لركائز التنمية المستدامة.
و أضافت أن المغرب التزم، ومنذ 1993 بعدة اتفاقيات تهم (93،94،95) القضاء على كافة أشكال التمييز بين الجنسين، إلا أن الملاحظ أن هناك فوارق صارخة مجاليا بين الرجال و النساء، رغم وجود التدبير المندمج.
و بشأن مقاربة النوع في التدبير كمقاربة تضمن المساواة بين الجنسين و تتيح وضعية منصفة وعادلة للجميع، أكدت أن ذلك لن يتأتى بمعزل عن الاستدامة التي تعني أحقية الأجيال القادمة و التي ترتكز على أربعة دعائم أساسية وهي : التنمية الاقتصادية و العدالة الاجتماعية و المحافظة على البيئة ثم الحكامة الجيدة، لافتة إلى أنه لا يمكن الحديث عن الاستدامة دون توفير هذه الدعائم الأربعة.
و عن التدبير المندمج للمياه، أوضحت إلى أن هناك اختلاف بين مختلف الجماعات القروية التي تمت دراستها ميدانيا (إقليم شيشاوة و الحوز)، مشيرة إلى عدم وجود مقاربة النوع، رغم أن المغرب التزم و منذ سنوات بعدد من الاتفاقيات و البرامج التي تهم تدبير المياه و مقاربة النوع.
كما أشارت إلى أن النساء لازال ينظر لهن فقط كمستعملات للمياه و ليس كفاعلات في تدبير الموارد المائية، و بالتالي تم استبعاد النساء كليا من إيجاد حلول لإشكالية الماء التي فرضت نفسها بشكل كبير في التنمية المستدامة أو الإشكالات الايكولوجية بشكل عام.
و في سياق الحديث عن التراب و المجال، أكدت على وجود تقدم كبير في التحسيس بأهمية مساهمة النساء في التدبير المندمج للموارد المائية، و هو التقدم الحاصل فقط على المستوى المجتمعي في التنظيمات الخاصة بالماء، وفي الجانب المهني المتعلق بالفلاحة.
ودعت إلى تفعيل مقاربة النوع في تناول التدبير المندمج للموارد المائية، و التركيز على المساهمة الفعلية للمرأة في هدا المجال، و ذلك من خلال فتح حوار تشاركي محلي.
كما لفتت إلى أن التدبير المندمج للماء يستوجب الحديث عن ملكية الأرض، حيث الملاحظ أن نسبة النساء المالكات للأصول العقارية الفلاحية ضعيفة جدا، و من تم يصعب عليهن اتخاذ القرار (لا قرار لمن لا ملكية له).