حفيظة زيزي..تشكيلية عصامية اتخذت من الحنين للطفولة مصدرا للإبداع
مغربيات
حفيظة زيزي رقم مهم في معادلة الفن التشكيلي بالمغرب. امرأة قادها الاكتئاب بفقدان الأم إلى الفرشاة و الألوان للتعبير عن مشاعر تفجرت بكثير من الإبداع و السحر عبر لوحات جعلت من النساء الأمازيغيات اللواتي يسكن الذاكرة و الوجدان موضوعا لها. هذه المرأة الأمازيغية الملالية افتتنت ب“قصبة أيت بنحدو“ بورزازات أثناء زيارة خاطفة لها، فجعلت منها نقطة انطلاق نحو آفاق واسعة حلقت فيها حفيظة بأجنحة صلبة و بعزيمة كبيرة لتحقيق كل أحلامها..
“مغربيات“ تواصلت مع الفنانة العصامية حفيظة زيزي، بمناسبة تكريمها من قبل “تكنوبارك“ كامرأة رائدة في مجالها، فكان معها الحوار التالي :
مغربيات: حظيت بتكريم ضمن فعاليات نسائية أخرى، أخيرا، من قبل “تكنوبارك“ بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 مارس. كيف تلقيت هذا التكريم؟
هذا التكريم جاء في سياق خاص مرتبط بظروف الجائحة، حيث مررنا جميعا كما العالم بأسره بتجربة صعبة هي جائحة “الكوفيدـ19″. في البداية استسلمت لهذا العزل الذي فرض على كل الناس، لكن قرابة شهرين فكرت في استغلال الوقت الزائد بسبب الحجر في الغوص في الإبداع كما استفدت من مجموعة من التكوينات عبر منصة زوم“ في تسيير المقاولة، والحمد لله استفدت الكثير بفضل تلك التكوينات التي تلقيتها، الشيء الذي مكنني من تحقيق حلم حياتي، وكان شيئا مبهرا أن أراه يتحقق على أرضية الواقع هو “تيويركا” أي“دار الفن بقصر أيت بنحدو“. لا أستطيع أن أصف لك مدى فرحتي بهذا المشروع الذي رأى النور أخيرا، وفرحتي تضاعفت بتكريمي من طرف“ تيكنوبارك“بمناسبة اليوم العالمي للمرأة كامراة فنانة وأم ومقاولة ….
متى بدأت مسيرتك في الفن التشكيلي؟ وكيف تفجرت موهبة الرسم لديك؟
في 2003 بدأت مشواري الفني. كان عمري وقتئذ 28 سنة. هذه الموهبة تفجرت بعد إصابتي بالاكتئاب بسبب وفاة والدتي رحمة الله عليها.سدت جميع الأبواب بوجهي و لم يعد لي من ملجأ إلا الفرشاة و اللوحة والصباغة كشكل من أشكال التعبير التي جعلتني أبوح بما يعتمل فيداخلي. الرسم كان متنفسي الوحيد.
الملاحظ أن المرأة الأمازيغية بلباسها التقليدي حاضرة بقوة في جل أعمالك،. لماذا المرأة تحديدا؟
الإنسان ابن بيئته، فأنا أمازيغية و عندما أرسم فإنني أسترجع ذكريات الطفولة، تلك الجلسات النسوية حول براد الشاي أو تلك اللمة لإعدادطبق الكسكس أو النسيج.. تفاصيل كثيرة تطفو فجأة فوق سطح الذاكرة، أحولها للوحة كنوع من الاعتراف أو الوفاء لماض لم يعد موجودا.هو ذلك الحنين الموجع لأوقات جميلة افتقدناها وافتقدنا رفقاءها..
ماهي الرسالة التي تودين إبلاغها من خلال حضور المرأة في لوحاتك؟
نحن هنا ياعالم! نحن أمهات، مربيات، مقاومات و مبدعات. نحن صبورات. نحن هنا ياعالم ونحن الحياة!
كيف ترين واقع الفن التشكيلي اليوم بالمغرب؟ خاصة بالنسبة للفنانات؟
لابد للإجابة على هذا السؤال من استحضار الظروف تلتي فرضتها الجائحة. فمن قبل كان الوضع التشكيلي في المغرب في تقدم و تحسن، لكن مع وباء “الكوفيد ـ19” ، تم تجميد كل شيء، بما فيه الحياة الثقافية وهو ما انعكس على كل الفنانين في مختلف المجالات، لكن حمدالله، بدأت الحركة الفنية تسترجع عافيتها و حيويتها بتنظيم معارض وملتقايات ثقافية فنية. أرى أن المرأة استطاعت أن تفرض وجودها فيجميع المجالات الحمد لله. أكيد هناك صعوبات و تحديات لازالت قائمة، لكن بالإرادة والتحدي يتحقق كل مانصبو إليه كنساء.
لماذا غادرت مدينتك بني ملال في اتجاه ورزازات؟
انا ابنة “اغبالة“ التابعة لإقليم بني ملال. استقريت لفترة بمراكش من أجل التحصيل الدراسي لأولادي، ولكن سنة 2017 شاءت الأقدار أن نظمت معرضا بورزازات، و قمت بزيارة ل”قصبة أيت بنحدو“، ربما أُغْرِمت بها من النظرة الأولى فقررت أن استقر بها وان احقق فيها بعض احلامي والحمد لله، لم أندم على هذا الاختيار، في كل يوم يمر علي بها ، أتيقن أنني كفنانة وجدت فيها ضالتي بقصباتها الخالدة، و طبيعة الرائعة و طيبوبة سكانها والبساطة في العيش. وجدت فيها كل ما كنت أتمناه للمضي قدما في تحقيق مشروعي الفني.
لو لم تكوني فنانة تشكيلية، ماذا كنت تفضلين أن تكوني؟
: كان حلمي أن أكون أستادة في التعليم، ولكن الظروف لم تساعدني بأن أكمل تعليمي. انقطعت عن الدراسة في مرحلة مبكرة، لكن رغمذلكحققت حلمي بشكل آخر من خلال الفن.
ماذا منحك الفن التشكيلي؟ وماذا أخذ منك؟
منحني القوة والقدرة على اتخاذ القرارات في حياتي. منحني فرصة الحوار مع ذاتي و الإنصات لها. منحني الحرية. منحني القيمة. منحني اكتشاف حياة ثانية مختلفة، حياة كلها أمل وحب و تفاؤل…… أخد مني كل الوقت.