ثريا إقبال (1) : التاريخ الإسلامي زاخر بالنساء العارفات العالمات، و الوليات الصالحات

مغربيات

شكل وجود المرأة في الفضاء الصوفي موضوعا للدرس و التحليل، رغم أن ذكرهن في تاريخ التصوف الإسلامي لم يصل لما بلغه الرجال من أعلام التصوف الإسلامي، و لم يبلغن ما تركه هؤلاء من تراث و مؤلفات، كمٌا وكيفا.. لكن رغم ذلك فقد حظيت المرأة الصوفية المتعبدة الزاهدة بمكانة مهمة، حتى أنها بلغت أعلى درجات الولاية القطبية، وهو ما تؤكده الباحثة في التصوف ثريا إقبال مستدلة بما جاء في الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي، الذي رأى أهلية المرأة في بلوغ القطبيةو إن كان يشير لكونه لم يسبق له أن التقى بامرأة قطب“..

“‬مغربياتتواصلت مع الباحثة و الشاعرة ثريا إقبال للحديث عن تواجد النساء في الفضاء الصوفي و عن متصوفات و مربيات و وليات صالحات مررن في تاريخ العالم الإسلامي، سواء في المشرق أو المغرب، ضمن سلسلة حلقات رمضانية..

ترى ثريا قبال الباحثة في التصوف و الشاعرة أن رابعة العدوية يمكن اعتبارها واحدة من أهم الوليات الصالحات الزاهدات و التي نالت من الشهرة ما لم تنله غيرها من المتوصوفات، حتى أضحت عنوانا للتصوف في صيغته النسائية.

لكن، تضيف إقبال، أن هذا لا يعني أنها كانت المرأة الوحيدة في هذا المجال، بل هناك أخريات غيرها عرفن بالزهد و الولاء و الصلاح و الولاية، حيث يعد التاريخ الإسلامي زاخرا بنماذج من النساء العالمات ، العابدات و العارفات و المربيات الصالحات وذوات الهمم العاليات في العبادات و الرياضات و المُجاهَدات.

و الحقيقة، تقول الباحثة، أن وجود رابعة العدوية التي كانت أكثر شهرة منهن في الولاية، لا ينفي أن هناك نماذج كثيرة من النساء العالمات العارفات، و ما السيدة رابعة العدوية إلا أحد النماذج العديدة من هؤلاء الصالحات. فالإمام أبي عبد الرحمن السلمي النيسابوري (عاش في القرن الخامس الهجري) ألف كتابا قيما في هذا المجال بعنوان ”ذكر النسوة المتعبدات الصوفيات” قام فيه بجمع و جرد أخبار أكثر من أربعة وثمانين ولية صوفية عابدة وصل إليه العلم بهن آنذاك، يمكن أن نذكر منهن على سبيل المثال على رأسهن السيدة ”رابعة العدوية” ، و علاوة عليها فقد ذكر عابدة صوفية تدعى ”أم هارون الدمشقية”، و الطريف في الأمر أن هذه العابدة كانت تصرح بعفوية بعدم حبها للموت، ولما سئلت عن السبب؟ قالت:” لو عصيت آدمياً ما أحببت لقاءه، فكيف أحب لقاء الله وقد عصيته؟”، ومن العابدات الوالهات ”ذكارة البغدادية” كانت تنشد شعرا جميلا تقول : ”همم المحب تجول في الملكوت/ والقلب يشكو والفؤاد صموت”، وغيرهن من الوليات الصالحات العابدات اللاتي يضرب بهن المثل بروعة العشق الإلهي شعرا.

فقد كان العارف بالله ”ذي النون المصري” لا يخجل في القول عن”فاطمة النيسابورية” إنها أستاذته، و عن ”أم هارون” إنها ولية بلغت في الولاية درجة كانت تتحدث إلى جميع المخلوقات، حتى أنها إذا رأت أسداً كلمته قائلة:” إن كان لك فِيٌَ رزق فكلني”، فكان يولي راجعاً من هيبتها‫.‬

و تشير الباحثة أن المراجع تتحدث كذلك عن وزوجة الإمام ”رياح القيسي” التي كانت قبل صلاتها للعشاء تتزين ثم تقول لزوجها:” ألك حاجة؟”، فإن قال :”لا” نزعت زينتها وأخذت في صلاة طويلة، و قد كانت كذلك عائشة بنت الإمام جعفر الصادق وهي من أوائل الوليات الصالحات تقول إن لها أنس و حميمية مع الخالق، حيث كانت تخاطبه قائلة ‫“‬ وعزتك وجلالك لئن أدخلتني النار، لآخذن توحيدي لك بيدي أطوف به على أهل النار و أقول لهم ‫“‬وحدته فعذبني‫“‬، وقد كانت لها علاقة خاصة مع الله سبحانه و تعالى‫.‬

ثم هناك، تضيف ثريا إقبال، ”قوت القلوب” و هي واحدة من الوليات المشرقيات المعروفات جدا، وقد كانت تتحدث بمشاهد الجنة قبل انتقالها و كأنها رأتها، سبحان الله، بالعين المجردة، و الحقيقة، توضح إقبال، أن الوليات في المشرق خُلٌِد ذكرهن في كتب المناقب ، إلا أن المغرب كذلك يزخر بالعديد من الوليات الصالحات اللواتي سنتطرق لهن لاحقا‫..

About Post Author