ثريا ماجدولين : المجتمع الذي لا يحتفي بمثقفيه ومبدعيه مآله التلاشي
قالت ثريا ماجدولين الشاعرة التي كُرمت ضمن ثلة من الشعراء المغاربة بالدورة الثالثة لمهرجان الشعر المغربي بمراكش، إن المجتمع الذي لا يحتفي بمثقفيه و مبدعيه هو مجتمع مآله التلاشي، خاصة في ظل هذه العولمة المتوحشة التي لا تعترف إلا بالأقوى.
و أكدت المتحدثة، مساء أمس الأحد، خلال فقرة “محاورات“ التي قام بتنشيطها الشاعر نجيب خداري، و التي نظمت على هامش المهرجان للاحتفاء بالشعراء المُكَرمين، إن المجتمع المغربي قوي بثقافته و تعدده الهوياتي الذي يعد مصدر اعتزاز، معتبرة أن هذه الدورة شكلت مقاربة عادلة لكل التعبيرات الثقافية المغربية، حيث أنها حرصت على الجمع بين الألسن : العربية و الأمازيغية و الحسانية، وهو ما نحتاجه في سياستنا الثقافية.
في ردها عن سؤال مجيئها للشعر، قالت ثريا ماجدولين “كيف جئت للشعر أو كيف جاء الشعر إليَ؟“ و أضافت هناك رافدان أساسيان، الأول له علاقة بالطفولة، حيث إنني نشأت ببيت يحتفي بالأدب و هو ما مكنني من اطلاع واسع على العديد من الأجناس الأدبية، من قصة و رواية و شعر وفقه و فكر.. و الرافد الثاني مرتبط بشخصيتي نفسها، حيث كنت أميل للعزلة، مما دفعني للكتابة التي أصبحت علاقتي بها علاقة عشق أبدي.
في تعليقها حول ما إذا كان الشعر ينقذنا من مخالب الزمن الضنين وهي القائلة “قد ينقذ الشعر ما تبقى من أوكسيجين في رئة الأرض و يؤجل موت المحبين بضع دقائق“، أكدت أنه من الممكن أن ينقذنا الشعر من زمن ليس دائما رديئا، لأنه فعل انتصار و مقاومة وتحدي على حلكة الواقع، معتبرة أن مهمة الشاعر تكمن في التنبيه إلى مكامن الجمال في هذه الحياة، و استخراج الكنوز الكامنة فينا.
أما عن جيل الثمانينات وما رافقه من زخم شعري وثقافي، فقالت إنها تحن لتلك الفترة التي اتسمت بكونها كانت فترة سياسية حارقة (سنوات الرصاص)، مشيرة إلى أن قصائدها آنذاك كانت نضالية تتوق للتغيير و التحدي و المقاومة و الرغبة في مغرب أفضل يحفظ كرامة الجميع.
و أكدت المتحدثة أن شعراء تلك الفترة لم يكونوا يستسهلون الكتابة، حيث شكلت هذه الأخيرة ممارسة نضالية و مسؤولية كذلك، و بالتالي كان الشعراء الشباب في تلك الفترة يمارسون الرقابة الذاتية و لا ينشرون إلا ما يكون لائقا بالأدب لغة و صورا و قدرة على الإتيان بالجديد في المعاني، كما أشادت بالدراسات النقدية التي كانت تتبع نشر نصوص المبدعين، بعيدا عن المجاملة، و التي كان ينتظرها الكتاب بنوع من الخوف و التوجس، وهو ما تأسفت لغيابه اليوم عن المشهد الثقافي المغربي.
عن تجربتها النقدية، قالت ماجدولين إنها لا تعتبر نفسها ناقدة رغم كونها أصدرت كتابين في النقد و تدرسه في الجامعة، بل هي شاعرة و تتشبث بهذه الصفة، كما أبدت أسفها لكون بعض النقاد يتخصصون في كاتب واحد و وحيد، مؤكدة أن من يقوم بذلك ليس بناقد و إنما هو صديق مجامل، معتبرة أن ذلك يضر بالمشهد الثقافي عندنا و يسيء للأدب المغربي.
و انتقدت المتحدثة ندرة النقاد المتخصصين في الشعر بالنظر إلى العدد المتزايد للمبدعين و الشعراء، مؤكدة أن عدد النقاد يكاد لا يتجاوز الأربعة تقريبا، كما أكدت على حاجة الشعر بالنقد و دعت النقاد إلى الالتزام بالحياد و الموضوعية.
عن مشروعها في تطوير الثقافة ببلادنا، اعتبرت المتحدثة أن الثقافة هي المدخل الأساسي لكل جوانب التنمية سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، وعبرها يمكن تكوين و بناء الجيل المبدع المبتكر و الفاعل و المتفاعل مع كل القضايا في العالم، معتبرة أنه لا بد من المراهنة على السياسة الثقافية في أي حكومة كيفما كانت، وذلك من أجل تأهيل المجتمع وتطويره، إذ لا يمكن بناء مجتمع متقدم بدون الاهتمام بالثقافة، و بالتالي، تضيف ماجدولين، ينبغي أن نجعل من الثقافة ممارسة يومية في حياتنا، خاصة القراءة، و ذلك عن طريق تجسير العلاقة بين العديد من القطاعات، مثل وزارة الثقافة ووزارة التربية الوطنية و التعليم العالي، مؤكدة أنها من خلال تجربتها في التدريس، وقفت على حقيقة جهل الطلبة بالكُتاب و المبدعين المغاربة، وهو ما ترى أنه من مسؤولية الوزارة التي تغفل في مناهجها التعليمية التعريف بمبدعينا.
من جانبه قال الشاعر نجيب خداري إن الصوت هو ما يتبقى بعد أن يفنى الوجود، وهو ما أكدته الدراسات العلمية حديثا، حيث يتلاشى كل شيء ويندثر ما عدا أصوات البشر تبقى عالقة في الفضاء، داعيا الشاعرة ثريا ماجدولين إلى قراءة بعض من شعرها.
و اختتم اللقاء بقراءة شعرية لثريا ماجدولين أتحفت من خلالها الحاضرين بإحدى قصائدها “قهوة النسيان“ .