جامو بورحيم ناجية تحكي كيف غسلت 13 جثمانا لنساء قضين تحت الأنقاض

مغربيات

 تحكي جامو  كيف نجت من موت محقق، بعد أن تم انتشالها من تحت الأتربة في وقت اعتقدت أنها هالكة لا محالة، وكيف وجدت نفسها مسؤولة عن غسل 13 جثمانا لنساء قضين تحت الأنقاض. 

في الثامن من شتنبر الجاري ليلة وقوع الكارثة بقرية “أسلدا” بمنطقة أسني واحدة من القرى التي فارق فيها 24 شخصا الحياة إثر الزلزال المدمر الذي ضرب إقليم الحوز، و الذي خلف ما لا يقل عن 2946 قتيلا و 6125 جريحا. تناولت جامو  وجبة العشاء برفقة عائلتها ثم آوت إلى فراشها. فهي تعيش برفقة ابنها و زوجته و أبنائه. 

تستحضر التفاصيل المؤلمة : كنت مستلقية في فراشي عندما سمعت صوتا أشبه بآلة الحفر. أصبت بالذهول كما غيري، لأننا لم نعتد على الزلازل في هاته المنطقة. ثم سمعت أبني و زوجته يصرخان ويدعواني للخروج. 

وتواصل بصوت مخنوق بالدموع : عند وصولنا إلى الباب وجدناه موصدا. عاد ابني لجلب المفتاح. قبل وصوله بقليل كان البيت قد انهار كليا و الجدار الذي يحمل الباب هوى بالكامل فوق أجسادنا. لم أع بعد ذلك حتى وجدت أبناء القرية يخرجونني من تحت ركام الأتربة. شعرت بالاختناق و بمجرد ما استعدت وعيي سألت عن ابني و أسرته. قالوا جميعا بخير. شكرت الله على نجاتنا. كنت أتنفس بصعوبة بالغة بسبب الرعب و الحوف من جهة ثم بسبب التراب الذي كان يغطي كل أنحاء جسدي. أصبت بجروح في رجلي و بدأت أتحسس أطرافي لأتأكد من سلامتها. أنظر فأرى الجثث متناثرة من حولي. أتفقد الأطفال و أجد أجسادهم باردة فأعرف أنهم فارقوا الحياة. 

ما كادت جامو تستعيد وعيها بينما رجلها التي أصيبت أثناء انهيار الحائط تنزف، حتى طُلِب منها أن تغسل النساء المتوفيات و تحضرهن للدفن. قضت الساعات داخل خيمة معدة للغرض وهي تغسلهن و لا تقوى على حملهن حتى ساعات متقدمة من صباح يوم السبت. فيما النساء الناجيات كن يلقين نظرة على الأجساد الهالكة و يهربن تاركينها لوحدها تواجه مصيرا لم تختره، بل فرض عليها عنوة و لم يترك لها حق الرفض. 

بمساعدة امرأتين فقط من القرية نجتا من الموت، انضمتا لها لمساعدتها على مهمة شاقة و صعبة، خاصة في ظل الظروف القاسية التي مرت منها، رفضت الناجيات أن تقمن بغسل المتوفيات. إنهن بكل بساطة الجارات و القريبات و المهمة شاقة و صعبة للغاية. 

 

عن هاته التجربة تقول : استجمعت قواي و توكلت على الله و انخرطت في غسل النساء المتوفيات اللواتي بلغ عددهن 13 امرأة. ما أحزنني و كان أكثر قسوة علي هو مشهد الأطفال الذين كلما جيء بأحدهم من طرف شباب القرية، إلا وجدته وقد فارق الحياة. كنت أتحسس الأجساد الصغيرة و أجدها مثلجة فأعرف أن أصحابها ماتوا. المشهد كان مريبا و مرعبا و لازلت لا أقوى على النوم إلى غلية هذه اللحظة.  

و تضيف : في الصباح استفقنا على هول الكارثة. المنازل دمرت بالكامل و رائحة الموت كانت تنتشر في كل مكان. منذ خرجت من القرية لم أعد إلى هناك. أخبروني أن الروائح الكريهة تنتشر في القرية بسبب تحلل جثث الدواب تحت الأنقاض. ففرق الإنقاذ تسابق الزمن من أجل انتشال المصابين أولا و لا تكترث للدواب النافقة تحت الأتربة. 

تعيش جامو مع أسرتها في بستان لأحد أقربائها بمنطقة أسني، وهي التي لم تغادر قريتها “أسلدا” منذ أن وعت على الدنيا. أعدوا خياما بالقرب من البستان، فبيتهم كذلك أصيب بتصدعات و لم يعد أحد يقوى على دخوله. يقضون النهار داخل  البستان و في الليل يقصدون الخيام للنوم. 

عن حياتها الجديدة تقول : لم أعد أستطيع النوم. أغفو لساعات قليلة بعد الفجر. كلما أغمضت عيني تراءت أمامي مشاهد الجثث. فقدت العديد من جاراتي و قريباتي. حياتنا انقلبت رأسا على عقب، و العيش بعيدا عن قريتنا في خيمة صعب و قاس جدا. 

وتواصل فرق الإنقاذ عمليات الإغاثة و البحث عن المفقودين تحت الأنقاض، حيث تستمر عمليات البحث عن الناجين لليوم الحادي عشر على التوالي من وقوع الزلزال الذي دمر المباني و شرد الأسر.

وتعمل الحكومة على بلورة الآليات الكفيلة بجعل عملية إعادة بناء المنازل المدمرة بالمناطق المتضررة من زلزال الحوز. 

و قد انطلقت، الاثنين 18شتنبر الجاري، عملية إحصاء سكان المباني المتضررة من الزلزال في مختلف الجماعات والبلدات بإقليم الحوز ، كما استأنفت الدراسة بالنسبة للتلاميذ و التلميذات في القرى المنكوبة، بعد إنشاء خيم مجهزة للعملية التعليمية و تزويدها بكافة المعدات. 

  

About Post Author