أيام بوزنيقة السينمائية و المراهنة على تكوين الشباب
أحمد سيجلماسي
تعتبر أيام بوزنيقة السينمائية، التي تنظم دورتها الثانية بدار الشباب ودار الثقافة بمدينة بوزنيقة من 18 إلى 21 غشت الجاري تحت شعار “لنتحدث سينمائيا”، تظاهرة فنية/ثقافية فتية أسسها سينمائيون وجمعويون محنكون وشباب متعطشون لكل ما هو فني وثقافي ويديرها فنيا السيناريست والمخرج السينمائي والتلفزيوني حكيم القبابي.
فبغاية نشر الثقافة السينمائية بين الجميع، ومنذ الدورة الأولى سنة 2022، راهنت جمعية بوزار، الجهة المنظمة لهذه التظاهرة السينمائية، على تكوين شباب المنطقة عمليا ونظريا عبر برنامج تحضر فيه الورشات واللقاءات مع الفاعلين في حقول السينما وثقافتها بالموازاة مع عروض ومناقشة أفلام مختارة بعناية، وتغيب عنه البهرجة الفارغة والمسابقات المبتذلة، التي عودتنا عليها الكثير من التظاهرات والمهرجانات المنظمة هنا وهناك في مختلف جهات المملكة.
وإذا تأملنا مليا فقرات برنامج أيام بوزنيقة السينمائية الثانية تبدو لنا واضحة رؤية المنظمين وغايتهم من هذه الأيام، المشار إليها أعلاه، من خلال ما يلي:
الورشات التكوينية:
تهدف هذه الورشات الصباحية، التي يؤطرها ممارسون في الميدان، إلى تقريب المستفيدين منها من عوالم السينما وتقنياتها وجعلهم يستأنسون ببعض أبجدياتها ومصطلحاتها، مما قد يفتح للموهوبين منهم والراغبين في اتخاد السينما مهنة مستقبلية لهم أفقا لاختيار نوع التخصص الذي يتوافق مع ميولاتهم ومؤهلاتهم.
تتمحور مواضيع ورشات دورة 2023 حول التخصصات التالية:
مهنة مساعد مخرج: من تأطير ربيع سعيد (دار الثقافة- السبت 19 غشت- س 10).
مهنة مدير تصوير: من تأطير إبراهيم أزبار (دار الثقافة- الأحد 20 غشت- س 10).
مهنة موضب (مونتور): من تأطير مريم الشادلي (دار الثقافة- الإثنين 21 غشت- س 10).
اللقاءات مع الفاعلين السينمائيين :
الغاية من هذه اللقاءات هي الإحتكاك ببعض الفنانين الممارسين (الممثل والمخرج رشيد الوالي) وبعض المشتغلين في حقل الثقافة السينمائية (الأستاذ والباحث السينمائي الدكتور حمادي كيروم) من أجل الحوار وتقاسم التجارب والخبرات.
لماذا رشيد الوالي؟
لأنه فنان راكم تجربة معتبرة أمام وخلف الكاميرا وأخرج مجموعة من الأفلام السينمائية القصيرة والطويلة، منها بالخصوص أفلامه الروائية الطويلة الثلاثة: ” الطابع” (2022)، “نوح لا يعرف العوم ” (2016) ، ” يما ” (2013). فاللقاء معه، على شكل ماستر كلاس، عشية السبت 19 غشت بدار الثقافة ابتداء من الساعة 17، أكثر من مفيد، لأنه سيقربنا من تجربته الميدانية كممثل ومخرج مسرحي وتلفزيوني وسينمائي ومن ظروف وشروط وإكراهات الاشتغال أمام وخلف الكاميرا وغير ذلك.
لماذا حمادي كيروم؟
لأنه مثقف سينمائي راكم تجربة طويلة في العمل الجمعوي السينمائي داخل حركة الأندية السينمائية (نادي العمل بالدار البيضاء) وساهم في تأسيس وإدارة مهرجانات سينمائية كبيرة (مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف ومهرجان الدار البيضاء الدولي للسينما المستقلة) وجمعيات سينمائية (الجمعية المغربية لنقاد السينما وغيرها).. كما أطر طلبة جامعيين ببعض المعاهد والكليات وساهم في تكوين سينمائيين شباب (مختبر الصحراء) وله حضور ملحوظ في ساحة الثقافة السينمائية وطنيا ودوليا عبر مشاركته في ندوات ولقاءات فكرية ولجن تحكيم وأنشطة أخرى أو عبر إصداراته ذات الطبيعة الفكرية النظرية من قبيل كتابه الجديد “فن فهم السينما.. بين اللغة والنظرية” (2023). فاللقاء مع الناقد والباحث السينمائي كيروم، على شكل ماستر كلاس، عشية الأحد 20 غشت بدار الثقافة ابتداء من الساعة 17، حول “استيتيقا الإخراج السينمائي”، أكثر من ممتع ومفيد.
عرض ومناقشة أفلام قصيرة
لا يقتصر التكوين فقط على الورشات واللقاءات مع الفاعلين السينمائيين، بل يشمل أيضا عروضا سينمائية لأفلام مغربية روائية قصيرة، حصدت مجموعة من الجوائز داخل الوطن وخارجه، ومناقشتها بحضور مخرجيها الشباب.
الأفلام الستة المنتقاة بعناية هذه السنة تمت برمجتها في حصتين على الشكل التالي:
الحصة الأولى (السبت 19 غشت ابتداء من الثامنة والنصف مساء بدار الشباب) تتضمن عرض ومناقشة الأفلام الثلاثة التالية: “الحكاية” لمحمد بوحاري، “رماد” لمصطفى فرماتي، “حبال المودة” لوجدان خاليد .
الحصة الثانية (الأحد 20 غشت ابتداء من الثامنة والنصف مساء بدار الشباب) تتضمن عرض ومناقشة الأفلام الثلاثة التالية: “تناقض” لمحمد حاتم بلمهدي، “ولد السبت” لعماد الزواغي، “أمل” لحسن شاطير.
الإفتتاح والإختتام
يتميز حفل الإختتام (الإثنين 21 غشت ابتداء من الساعة 20 بدار الشباب) بتوزيع شواهد على المشاركين في الدورة الثانية لأيام بوزنيقة السينمائية، في حين يتميز حفل الإفتتاح (الجمعة 18 غشت ابتداء من الساعة 20 بدار الشباب) بتكريم الممثلة الشابة الموهوبة مونية لمكيمل، التي انطلقت تجربتها من مسرح الهواة بمدينة بن سليمان وشاركت لأول مرة في فيلم سينمائي قصير بعنوان “أزمة” (2016) مع ثلة من الممثلين من نفس المدينة كالشرقي الساروتي ورشيد العماري وغيرهما تحت إدارة المخرج والسيناريست عبد الإله زيراط، المقيم ببوزنيقة، وتمكنت فيما بعد وبثبات من ترسيخ أقدامها في تربة الدراما والكوميديا مسرحيا وتلفزيونيا وسينمائيا ببلادنا. ولا يقتصر حفل التكريم على هذه الفنانة المحلية فحسب، بل يتعداه إلى ممثل شيخ من جيل الستينيات هو صلاح الدين بنموسى، الذي أعطى الشيء الكثير للسينما والتلفزيون والمسرح على امتداد ستة عقود. وهكذا سيتم ربط الحاضر بالماضي عبر ترسيخ ثقافة الإعتراف بفنانة تنتمي إلى جيل اليوم وفنان يمثل جيل الأمس.