فاطمة يوزالين.. هامة  تطاول السماء و تنافح من أجل تحرر نساء الحوز (فيديو)

مغربيات

 

جابت فاطمة جميع مناطق إقليم الحوز بحثا عن نساء متعطشات للتعلم و تجاوز أعطاب الذات و الخروج من شرنقة الجهل و التوكل على رجال المنطقة. 

“النساء يحركن الجبال ” شعار رفعته جمعيات المجتمع المدني بمنطقة أسني التابعة لإقليم الحوز، و منحت جائزته خلال اليوم العالمي للجبل في دورته الثامنة التي نظمت أخيرا، للناشطة فاطمة يوزالين، تقديرا للمجهودات و الخدمات التي ما فتئت تقدمها لساكنة المنطقة و نسائها.

امرأة قوية و خدومة استطاعت أن تحرك المياة الراكدة في المنطقة و تعبر بنسائها نحو ضفة الطموح و الإرادة لتحقيق الذات و التمكين الاقتصادي. 

منذ 1997 وهذه المرأة تعمل بجد على جميع الواجهات متسلحة بإرادة من حديد و طموح جارف لا حدود له نحو التحليق في أعالي جبال الأطلس الكبير، الذي قطعته طولا و عرضا لتعليم نسائه أبجديات القراءة و الكتابة و الحرف اليدوية، شعارها “التمكين الاقتصادي للنساء كشرط للاستقلالية و فرض الذات”.

تقول فاطمة ل”مغربيات” : بدأت مع بعض المنظمات التي كانت تشتغل ببعض مناطق الحوز. كنت مكلفة بإعطاء دروس في محو الأمية للنساء القرويات و تعليمهن الصنعة (الخياطة، التطريز، صناعة الملابس الصوفية، صناعة الزربية..)، ثم تنقلت عبر العديد من الجمعيات، و أنا الآن أنشط منذ سنوات في جمعية “تيفاوين” للتنمية الاجتماعية بمنطقة أسني. 

لم يكتب لفاطمة أن تبلغ مراتب متقدمة في التعليم، لكن ذكاءها المتقد و إرادتها شكلا زادها الذي جعلها تركب الصعاب و تتحدى كل الظروف لتثبت أن المرأة المغربية قادرة على تحقيق ما يبدو مستحيلا، إن توفرت شروط الرغبة في النجاح. 

انخرطت فاطمة في العمل الجمعوي سنة 1997 كناشطة في منظمة “هيأة السلام” بجماعة تامصلوحت، حيث كانت ترافق الفتيات اللواتي لم يحالفنهن الحظ لدخول المدرسة أو انقطعن عن الدراسة لسبب من الأسباب إلى المدن المجاورة ( الصويرة، أسفي ..)، لكي يتعرفن عن قرب عن تجارب نساء استطعن أن يكسرن حواجز العزلة و يخلقن مشاريع مدرة للدخل، محققات بذلك الاستقلالية. 

في سنة 2002 ستلتحق فاطمة بمنظمة “سيراي” بعد أن اكتسبت خبرة كبيرة في مجال إعطاء دروس محو الأمية وتعليم الفتيات القرويات الخياطة و التطريز و صناعة الألبسة الصوفية بواسطة “ماكينة” الخياطة، وهي حرف أرادت فاطمة أن تنقلها لنساء المنطقة حتى يحققن من خلالها مشاريع مدرة للدخل.

وقد استمرت في العمل بمنطقة إمليل لست سنوات، تجوب الدواوير و المداشر بحثا عن نساء يرغبن في التعلم و التزود بسلاح يواجهن به أنياب الزمن، لكنها اصطدمت بالعديد منهن من اللواتي لم يبدين رغبة في الاعتماد على النفس و خلق مشاريع تحقق لهن الاستقلالية، مكتفيات بانتظار أن يطرق الزوج بابهن لينتقلن للعيش في بيت الزوجية مكتفيات بما يجلبه الأزواج من مأكل و مشرب.

هذه الاختيارات السهلة التي تعتبرها فاطمة حلولا استسلامية و اتكالا على الغير دفعت ثمنها غاليا، بعد أن أمضت سنوات في تلقين النساء أصول الصنعة التي تركنها مفضلات المكوث ببيوتهن دون تحقيق شيء يذكر، لتجد نفسها في كل مرة تبدأ من جديد من نساء أخريات.  

تقول فاطمة : للأسف النساء في هذه المناطق يفضلن الاتكال على الأزواج، و يكتفين بمداخيل بسيطة بدل البحث عن مصادر للرزق. بالنسبة لهن الزواج و تربية الأطفال و القيام بالأعباء المنزلية هي أقصى طموحهن في الحياة.  

حصلت فاطمة على العديد من الجوائز الهامة كأفضل صانعة تقليدية من “دار المعلمة” سنة 2009، كما حازت عدة شواهد تقديرية اعترافا بما أسدته من خدمات جليلة لنساء و فتيات إقليم الحوز (جماعة أسني، إمليل، ثلاث نيعقوب، تامصلوحت..)، و لازالت إلى غاية اليوم تعلم نساء منطقة أسني. 

سقف أحلامها كبير جدا و طموحها جارف لا حدود له. تعمل بجد و تمني النفس بأن ترى نساء المنطقة متعلمات، مستقلات، قادرات على تحمل أعباء الحياة في غياب الأزواج. 

About Post Author