فسحة رمضان (7) : الإمام السهيلي.. صاحب البردة و العينية و المنفرجة التي تغنى بها المغاربة

مغربيات

على الرغم من أن تربة مراكش ممزوجة برفات عدد كبير من الأولياء الصالحين و العلماء، إلا أنه لم يحظ بالشهرة إلا سبعة منهم فقط هم أبو العباس السبتي، القاضي عياض، سيدي يوسف بن علي، الإمام أبو القاسم السهيلي، سيدي عبد الله الغزواني (مول القصور)، عبد العزيز التباع و محمد بنسليمان الجزولي، حتى أن مراكش سميت بمدينة سبعة رجال نسبة إليهم.

في الحلقات التالية نستحضر سيرة رجالات مراكش السبعة ..

يعد الإمام السهيلي الرجل السابع ضمن ترتيب الرجالات السبعة كما جاء عند أبي الحسن اليوسي في قطعته المشهورة بالعينية. ومعروف أن السلطان الموحدي أبو يعقوب يوسف الموحدي عمل على جلب ثلة من خيرة العلماء بالأندلس، قصد إغناء المجال العلمي بحاضرة مراكش العاصمة، كنوع من استقدام علماء ينعشون الحياة الفكرية للمدينة و يرفعون بمستوى طالبي العلم بما يليق بالعاصمة، حيث لم يكن الإمام السهيلي لوحده، بل هناك فلاسفة و علماء آخرون مثل ابن طفيل، ابن رشد و الإمام السهيلي.

وهذا ما يؤكده عبد الواحد المراكشي بقوله في كتابه المعجب في تلخيص أخبار المغربعن السلطان يوسف بن عبد المؤمن الموحدي : “ولم يزل يجمع الكتب من أقطار الأندلس و المغرب و يبحث عن العلماء و خاصة أهل علم النظر إلى أن اجتمع منهم ما لم يجتمع لملك قبله من ملوك المغرب“.

وقد كان الإمام السهيلي من المدافعين عن الدعوة الموحدي، حيث يبدو ذلك في كتابه الروض الأُنُف، وهو ما جعل الخليفة يوسف بن عبد المؤمن إلى مراكش، و تشير بعض المصادر إلى أن الإمام السهيلي استقبل عند مدخل المدينة بوفود مراكشية قرب تانسيفت نظرا لمكانته العلمية من جهة و لأنه كان مؤيدا للموحدين من جهة أخرى.

للإمام السهيلي عدة مؤلفات في الحديث و السيرة و اللغة و الفقه، منها نتائج الفكر في علل النحوو التعريف و الإعلام فيما أبهم في القرآن من الأسماء و الأعلام، و من أهم كتبه الروض الأُنُف و المنهل الرٌَوي في ذكر ما حدث عن رسول الله و رُوىوهو في شرح السيرة النبوية، وهو القائل يا من يرى ما في الضمير و يسمع أنت المعد لكل ما يتوقع“.

كان الإمام السهيلي ضريرا، وقد تضاربت الاقوال حول إصابته بالعمى، سيما أن تلميذه ابن دحية الكلبي وهو أشهر تلاميذه لم يرد عنه ذلك، باستثناء تلميذه أبو بكر العربي الذي يصفه بشيخنا الضرير أبي زيد السهيلي المالكية..”، و يروى أنه أصيب بالعمى وهو ابن السابعة عشرة بسبب مرض ألم به، وهو ما جاء في كتاب بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلسلأحمد بن يحيى الضبي، ونفس الشيء أشار له كتاب التكملةلابن الأبار حيث قال وكف بصره بما نزل به، و إن كان ابن دحية الكلبي أشهر تلاميذه لم يتطرق لذلك.

ترك الإمام السهيلي مجموعة من النصوص الخالدة كأحد أبيات قصيدته العينية الشهيرة « يا من يرى ما في الضمير ويسمع أنت المعد لكل ما يتوقع »، بالإضافة إلى نصوص أخرى يقرأها المغاربة كالعينية و البردة و المنفرجة وغيررها من النصوص التي أصبحت ذات بعد تقديسي، لما تحمله من معان روحية، سامية وعميقة جدا.

تجمع المصادر على أن الإمام السهيلي مكث بمراكش ثلاث سنوات تقريبا على عهد السلطان الموحدي أبو يعقوب يوسف الموحدي (580 هجرية)، أما قدومه لمراكش فان في حدود سنة 578 للهجرة، و قد وافته المنية سنة 581 للهجرة، حيث دفن بالقرب من باب الرببمراكش.

About Post Author