فسحة رمضان (6) : عبد الله الغزواني.. “مول القصور” الذي اهتم بالزراعة و استصلاح الأراضي
مغربيات
على الرغم من أن تربة مراكش ممزوجة برفات عدد كبير من الأولياء الصالحين و العلماء، إلا أنه لم يحظ بالشهرة إلا سبعة منهم فقط هم : أبو العباس السبتي، القاضي عياض، سيدي يوسف بن علي، الإمام أبو القاسم السهيلي، سيدي عبد الله الغزواني (مول القصور)، عبد العزيز التباع و محمد بنسليمان الجزولي، حتى أن مراكش سميت بمدينة سبعة رجال نسبة إليهم.
في الحلقات التالية نستحضر سيرة رجالات مراكش السبعة ..
يعد عبد الله الغزواني الرجل السادس ضمن ترتيب الرجالات السبعة كما جاء عند أبي الحسن اليوسي في قطعته المشهورة بالعينية . ينتمي لقبيلة غزوان (قبيلة من عرب تامسنا). ولد أبو محمد عبد الله بن عجال الغزواني بمدينة القصر الكبير، حيث تعلم أسس علوم الدين، وقد كان والده سيدي عجال واحد من عباد الله الصالحين و تنبأ لاينه عبد الله أنه سيكون له شأن عظيم و سيكون له أتباع من كل البقاع.
ويعد عبد الله الغزواني واحدا من تلامذة الشيخ عبد العزيز التباع. لقب ب“مول القصور” نسبة إلى حي القصور الذي دفن به. دخل إلى مراكش بعد زوال الدولة الوطاسية و تتلمذ على يد الشيخ عبد العزيز التباع.
يقول عنه محمد جنوبي في كتابه “الأولياء في المغرب” : “فيما يتعلق بمسار تحصيله العلمي لدراسته الأولى كانت بفاس قبل أن ينتقل إلى الأندلس التي تتلمذ فيها على يد اليه علي بن صالح الذي كان متصديا للعلم بغرناطة، و حين غادرها تبعه عبد الله الغزواني إلى مدينة فاس التي لازمه بها، منقطعا فيها إلى مجلسه“.
تشير الكتابات و الدراسات التي تناولت حياة الشيخ عبد الله الغزواني إلى أن هذا الأخير كانت له اهتمامات اجتماعية، حيث لم يقتصر تأثيره على الناس في الجانب الديني فقط، بل إنه كان مؤسسا لجانب مهم و المجال الاقتصادي، حيث عمل على إنشاء السواقي و استصلاح الأراضي. عن ذلك يقوب محمد الجنبوبي في كتابه
“الأولياء في المغرب” : ” مع استقراره بصفة نهائية بمدينة مراكش، وتأسيسه لزاويته بحي القصور، ستنطلق رحلة جديدة في حياة الغزواني، أساسها تلك الممارسة التي حرر بها من ثقاف الإرادة، وذلك الأمر الذي نال من أجله إجازة شيخه التباع، وهو المتعلق بالمجال الزراعي الذي برع فيه كمريد، وتوفق في تمريره وتلقين مبادئه وتقنياته وهو شيخ إلى مريديه وتلامذته، الذين نجد من بينهم وليا توفق جيدا في ذلك، واشتهر باستصلاحه للعديد من الأراضي، التي حولها من بقع جرداء إلى حقول غناء، وأسس بها زاوية هي اليوم من أشهر الزوايا في المغرب اسمها زاوية تامصلوحت، واسمه عبد الله بن حسين الأمغاري“.
كان عبد الله الغزواني يدعو مريديه لحفر السواقي و الآبار، حيث كان يقول “من حفر ساقية صنع للناس طعاما“، وقد ارتكزت تربيته الصوفية على الانخراط في محاربة الفقر و جلب الخضرة و النماء الاقتصادي للناس، وتدبير المجال في تحقيق الرخاء و العيش الكريم للناس.
كان يعلم الناس و يطعمهم أيام القحط و المجاعة، يقدم لهم المساعدات ويحثهم على مقاومة الخوف من البشر (أصحاب السلطة) و من الكوارث الطبيعية، وشجعهم على الزراعة و استصلاح الأراضي.
عاش عبد الله الغزواني خلال مرحلة السعديين التي عرفت دخول الإستعمار البرتغالي إلى المغرب و احتلال شواطئه، حيث هم من بادروا بالرد على المستعمر البرتغالي، بأن أنشأوا مجموعة من الزوايا و الرباطات بجانب البحر، وكان هدفها الدفاع عن المغرب.
توفي الشيخ الغزواني سنة 935 هجرية (1591 ميلادية)، حيث من المرجح أنه مات بسكتة قلبية، بينما كان في طريقه عائدا إلى مراكش، حيث لاحظ مرافقوه أنه قد مال على فرسه، فلما اقتربوا منه وجدوه ميتا، وقد دفن بزاويته بحي القصور.