فسحة رمضان (3): سيدي يوسف بن علي.. الصابر على الابتلاء و الملقب ب”مول الغار”

مغربيات

على الرغم من أن تربة مراكش ممزوجة برفات عدد كبير من الأولياء الصالحين و العلماء، إلا أنه لم يحظ بالشهرة إلا سبعة منهم فقط هم أبو العباس السبتي، القاضي عياض، سيدي يوسف بن علي، الإمام أبو القاسم السهيلي، سيدي عبد الله الغزواني (مول القصور)، عبد العزيز التباع و محمد بنسليمان الجزولي، حتى أن مراكش سميت بمدينة سبعة رجال نسبة إليهم.

في الحلقات التالية نستحضر سيرة رجالات مراكش السبعة ..

هو أبو يعقوب يوسف بن علي الصنهاجي. هو أول رجالات مراكش السبعة في الترتيب كما جاء عند أبي الحسن اليوسي في قطعته المشهورة بالعينية. هو عربي من أصول يمنية. يجهل تاريخ ميلاده بالتحديد، نظرا لسكوت المصادر التاريخية عن ذلك، خلافا لباقي رجالات مراكش، لكن المعروف أنه عاش في العهد الموحدي، وتحديدا في القرن السادس الهجري. ويعد أحد أعلام الزهد و الصلاح و واحدا من أوتاد المغرب في ذلك الوقت، حيث كان زاهدا ورعا. أما ضريحه فيوجد خارج أسوار المدينة العتيقة (باب آغمات) وقد سمي حي من أكبر أحياء مراكش على إسمه وهو حي سيدي يوسف بن علي.

يجهل الكثير عن دراسة سيدي يوسف ين علي و نشاطه العلمي، حيث ركزت أغلب المصادر على إصابته بالجذام حتى أنه لقب ب يوسفالمبتلىلأنه ابتلي بمرض الجذام، ورغم ذلك ظل صابرا حامدا لله ابتلاءه، ما جعل منه رمزا لقيمة الصبر، التي حاكى فيها نبي الله أيوب، وهي الصفة التي رفعت من شأنه و جعلته يجسد هذه القيمة التي كان يتوق لها مريدوه من كل الأنحاء. اما رمزيته فتتميز بكونه ذاك الرجل الذي ابتلاه الله بمرض عضال ومع ذلك تقبل المرض بصدر رحب، حيث كانت السلطات تقذف ب المجاذيم في الحارة التي خرجوا منها إلى الغار، حيث يوجد يوسف بن علي خارج المدينة بباب أغمات، وقد كان سيدي يوسف بن علي يعتني بهم.

وقد كتب عنه محمد الصغير الإفراني في مؤلفهدرر الحجال في مناقب سبعة رجالحيث قال:‬ “أنه كان في وقت أبي يعقوب رحمه اللهأمير بمراكش من أمراء الموحدين سيء السيرة، صعب الشكيمة، فاشتكت من قبح سياسته الرعية، فاتفق رأي أعيان مراكش في ذلك العهدعلى نزعه واستبداله بغيره، فقيل لهم لو أتيتم أبا يعقوب المبتلى (أي سيدي يوسف بن علي)فاستشرتموه في ذلك لم تعدموا من مشورتهخيرا.. فقصدوا أبا يعقوب بقصد استشارته. وكان أبو يعقوب يسكن بغار، فإذا طلعت الشمس خرج من غاره وقعد فيها.. فجاؤوه وقد مد فيهارجليه واجتمع عليهما ذباب كثير، فلما دنا منه أعيان مراكش، قال لهم: قفوا هنالك ولا تدنوا مني فيطير هذا الذباب الذي شبع مني فيأتينيذباب جائع. ففهموا إشارته وأنه يقول لهم: اتركوا هذا الأمير الذي عندكم فإنه قد شبع، وإن خلعتموه وأتيتم بآخر جاءكم جائعا فلا يشبع حتىيؤذيكم…” (درر الحجال، ص 138، 139).

بالنسية لضريح سيدي يوسف بن علي فيروي محمد الصغير الإفراني في درر الحجالدائما : “وكان قبره في قعر الغار، ينزل الناس إليه بمدارج في مكان مظلم. ولم يكن عليه من البناء إلا القليل. فلما كان عام أربعة وثلاثين ومائة وألف جاء سيل جارف فدخل الغار والمسجدوهدم بيوت القرية المستندة على الغار، وضاع بسبب ذلك مال كثير، فاحتفل والي المدينة إذ ذاك في البناء على أبي يعقوب، فشيد القبةالموجودة الآن. واحتفر الغار كله إلى أن صار ضريح أبي يعقوب بارزا للشمس، وأراد أن يتركه كذلك، فقيل له لو غيبت ضريحه كما كان قبل لكان أولى، فسقف على ضريحه فوق أعمدة، تم بنى القبة فوق ذلك، فبقي الضريح في سرداب، من أحب النزول له نزل على مدارج ومن أحب زار الضريح الأعلى؛ لأنه مسامت للضريح الذي أسفل السرداب‬.

About Post Author