8 مارس بعيون النساء..
مغربيات
في ثامن مارس من كل سنة يخلد العالم العيد الأممي للنساء أو اليوم العالمي للمرأة، كيفما كانت التسمية بين من يعتبره عيدا، أو من يعتبره فرصة لطرح الأسئلة حول الواقع الحقوقي للنساء، ترى العديد من الفعاليات النسائية، كل واحدة من موقعها، أنه يمثل فرصة للمساءلة و تقييم الوضع الحقوقي للنساء، خاصة و أن المغرب كغيره من الدول يمر من وضع اقتصادي متأزم، بسبب مخلفات أزمة كوفيدـ19 أولا، ثم شح التساقطات المطرية التي انعكست لا محالة على المستوى المعيشي للمغاربة بشكل عام.
“مغربيات“ استقت شهادات من فعاليات نسائية مختلفة بمناسبة 8 مارس..
فاطمة رومات (أستاذة العلاقات الدولية و مديرة المعهد الدولي للبحث العلمي) : غياب المناصفة بالجامعة يكلف المغرب الشيء الكثير.
العيد الأممي للنساء الذي يصادف الثامن من مارس من كل سنة، هو مناسبة لكي نستحضر بعض الأسئلة الحارقة التي تسائلنا حول التمثيلية النسائية داخل الجامعة المغربية، وهنا لا يفوتني أن أسجل بعض الملاحظات حول دور الجامعة في ترسيخ الديمقراطية و ثقافة حقوق الإنسان بما فيها حقوق النساء، حيث الملاحظ أن هناك خلل كبير داخل الجامعة فيما يخص المساواة بين الجنسين. فبحسب إحصائيات وزارة التعليم العالي و البحث العلمي فإن عدد الأستاذات الجامعيات لا يتعدى 12،42٪ (9،58٪ في العلوم القانونية و الاجتماعية و الاقتصادية و 3،51٪ في العلوم و 3٪ في الآداب و العلوم الإنسانية).
أما فيما يخص نسبة النساء في معاهد البحث العلمي فلا تتجاوز حسب إحصائيات الوزارة 13،68٪، ونسبة النساء في بعض المؤسسات الجامعية فهي 3،19٪ في كلية العلوم القانونية و الاجتماعية و الاقتصادية أكدال الرباط و 0،79٪ في كلية العلوم الرباط و 0،70٪ في المدرسة المحمدية للمهندسين (التسمية نفسها هنا تترجم هذه النسبة). و أضيف هنا أن تمثيلية النساء على مستوى رئاسات الجامعات غائبة كليا وضعيفة جدا على مستوى عمادة الكليات، ونفس الشيء بالنسبة للهياكل الجامعية مثل مجالس الجامعات ومجالس الكليات و رئاسة الشعب و اللجان العلمية ومجموعات البحث. للأسف كل هذه الهياكل تبقى حكرا على الرجال مع وجود نسب ضعيفة جدا من النساء.
وهذا يحيلنا إلى طرح سؤال جوهري حول تكلفة عدم إعمال مبدأ المناصفة في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، وجعل مهام تسيير الجامعات والهياكل الجامعة حكرا على الرجال لمن شأنه أن يؤثر سلبا على الحكامة الجيدة للجامعة المغربية التي أصبح الفساد يتجلى في مختلف مناحيها.
عدم إدماج المرأة في تسيير الجامعات وبقاء مراكز القرار في هذا القطاع حكرا على الرجال من شأنه أن يكلف المغرب الشيء الكثير إذا ما استحضرنا التحديات الداخلية التي تندرج في إطار تحقيق أهداف الألفية والتحديات الخارجية التي تفرضها العولمة واتفاقيات التبادل الحر التي عقدها المغرب مع قوى اقتصادية وتكنولوجية كبرى. هذه التحديات تفرض على المغرب أن يجند كل موارده البشرية لا أن يهمش ويقصى نصفها.
وهنا أشدد على ضرورة القيام بحملات توعية و تحسيس داخل المؤسسات الجامعية بأهمية مقاربة النوع الاجتماعي و المساواة بين الجنسين في الحقوق و الواجبات، حيث التكوين و التوعية و التحسيس تشكل ركيزة أساسية لتحقيق التغيير المنشود الذي يفترض أن يبدأ من الجامعة.
سامية أحمد (فنانة ) : يجب الرفع من منسوب الوعي لدى النساء بالتخلي عن الخطاب الذكوري.
بالنسبة لي فإن 8 مارس هو ذكرى لأكبر انتفاضة قامت بها النساء بالولايات المتحدة الأمريكية تنديدا بالظلم و الحيف الذي عانين منه، و بالتالي فأنا أعتبره يوما عالميا لحقوق المرأة، و ليس عيدا، مع أنه ليس لدي أي مشكل مع التسميات، لأنني أعتبر كل يوم أعيشه هو بمثابة عيد و يستحق الاحتفال، فقط ينبغي أن يقترن بأحداث إيجابية، و بالتالي فالاحتفال سيكون عند تحقيق المساواة بين الرجل و المرأة في الحقوق و الواجبات. سنحتفل عندما تضمن المرأة العيش بكرامة وفي ظل عدالة اجتماعية، وطبعا في ظل مجتمع يحترم القيم الإنسانية، وهنا أصر و ألح على أن حقوق المرأة لن تنزع من الرجل بل من الفكر الذكوري. الرجل ليس هو الخصم، بالعكس هناك رجال يحملون هذا الهم المتمثل في تحقيق المساواة و تمتيع النساء بكافة حقوقهن. لهذا فالفئات الهشة و المهمشة في مجتمعنا هي التي تمارس ضدها ضغوطاتأكثر، ولكي نتخلص من هذه الثقافة السائدة في مجتمعنا و التي تستمد وجودها من الفكر الذكوري، الذي لازال ينظر للمرأة على أنها مجرد آلة أو وسيلة خلقت من أجل خدمته. المرأة في مجتمعنا الذكوري هي “الحيط القصير“ ، هي العنصر الذي يتم تبخيسه و استغلاله من طرف الرجل، هي العورة، هي وسيلة لتلبية الرغبات الجنسية للرجل . للأسف هناك رجال في مجتمعنا لازالوا يحملون هذا الفكر، لأسباب سوسيو ثقافية، همهم إحكام السيطرة على المرأة، لكي يعيدوا نفس السيناريو الذي عاشوه من قبل. وهنا أود أن أشير إلى أن الرجل الذي يتمتع بكافة حقوقه الإنسانية، لن يكون في حاجة إلى طرف آخر يقوم باستغلاله. لهذا فإنني أرى أن حرية المرأة مشروطة بضمان دولة الحق و القانون.للأسف المرأة في المجتمعات الهشة هي الحلقة الأضعف التي تمارس ضدها جميع أشكال الظلم من النظرة الدونية إلى التعنيف.. ومع ذلك أكثر ما يستفزني هو تبني بعض النساء لهذه العقلية الذكورية، وهو ما يدعو إلى تكثيف الحملات التوعوية و التحسيس لرفع منسوب الوعي لدى النساء بحقوقهن، و القطع مع نمط التربية التقليدي الذي يزرع فيهن الخضوع لسلطة الذكور إخوة كانوا أو أزواجا. على هؤلاء النساء أن يعين بأن تبنيهن لهذا الخطاب إنما هو نتيجة التربية التي تلقينها و توهمن أنها الحقيقة.
حفيظة بن صالح (رئيسة جمعية “نعمة للتنمية“) : ينبغي حماية القاصرات من التزويج المبكر و التشغيل المنزلي
إن اليوم العالمي للمرأة الذي يخلده العالم في 8 مارس من كل سنة، سيبقى رمزا لمعركة تحرر المرأة من التخلف والاحتقار و اللامساواة بلإن قضية المرأة هي قضية كل يوم وليس يوما واحدا في السنة…
ثامن مارس هي محطة سنوية للوقوف على حصيلة مكتسبات نساء المغرب، وهي فرصة لمواكبة التقدم الذي حققته المرأة المغربية فيالحقل الحقوقي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي واستكشاف آفاق تحسين وضعها الاعتباري.
لقد حرص دستور 2011 على ترسيخ المضامين الكونية لحقوق الإنسان وتأكيد مكانة المرأة في المجتمع ومن المؤكد أن المرأة المغربيةانتزعت حقوقا أساسية في مسار نضالها من أجل العدالة والكرامة و المساواة، لكنها ما زالت تعاني من ضعف في تفعيل المقتضياتالدستورية التي لم تعرف بعد طريقها إلى التطبيق، حيث لم يعرف قانون الأسرة أية تعديلات منذ صدوره سنة 2004.
ليست هناك حماية للمرأة من العنف، و قانون الأسرة يجب أن يهدف إلى مراجعة حماية القاصرات من التزويج المبكر وحماية القاصرات من التشغيل المنزلي لأن مكانهن في المدرسة وليس الشغل وضمان ولوج سوق الشغل على قاعدة المساواة في الأجر وتحقيق التكافئ في مجال التغطية الاجتماعية.
ينبغي كذلك إعادة النظر في عدد من المواقع والمراكز داخل المجتمع والأسرة، والمساهمة في تمكين المرأة المغربية من الأخذ بزمام المبادرة ورسم مسارها بمسؤولية كاملة ، و كذا ضرورة القيام بعدد من الإصلاحات بشكل إيجابي لصالح تطور القضية النسائية وإدماجها في التنمية..
. إن بلوغ المرأة المجال الاقتصادي ومشاركتها التدريجية في المجال السياسي حثها على إعادة التفكير، والاستثمار في مشاريع التنمية وتعزيز مكانتها على الساحة الوطنية والدولية، إلا أن النظام الأبوي وجيوب مقاومة التغيير تحد من تمكين المرأة، وتعرقل المسيرة نحو تحقيق المساواة.
عزيزة بوجريدة (رئيسة جمعية “نساء مراكش“ و نائبة برلمانية عن الحركة الشعبية) : لازال ينقصنا الكثير على مستوى التمثيلية السياسية للنساء.
أهنئ النساء المغربيات بعيدهن الأممي و نساء مراكش على وجه التحديد. و أتمنى أن تتوسع قاعدة الملتحقات بنا من النساء بجمعية “نساء مراكش“ التي أصبح لها إشعاع وطني اليوم. خلال هذا الشهر (مارس) الذي يتزامن مع اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن منه، قمنا بالعديد من الأنشطة الرياضية و الثقافية و لازال البرنامج مستمر طيلة شهر مارس الجاري
بالنسبة لتمثيلية النساء في المجالس المنتخبة لازال هناك الكثير لكي نقوم به، حيث لازلنا نعاني من العقلية الذكورية التي تحارب الفعاليات النسائية و ترفض وجودها في الحياة السياسية، و لا أتحدث هنا عن البرلمان، لأنه داخل هذه المؤسسة لا مكان للتمييز بين البرلمانيات و البرلمانيين. هناك بعض الرجال الذين يدعمون النساء أثناء قيامهن بأدوارهن، وهنا آخرون يعرقلون العمل، وهذا ما لمسناه داخل المجالس المنتخبة و أثناء الحملات الانتخابية وغيرها من المحطات التي تضعنا وجها لوجه مع العقلية الذكورية التي لاتزال سائدة في مجتمعنا.صحيح تحققت الكثير من الأشياء لكن لازال ينقصنا الكثير كذلك على مستوى التمثيلية السياسية للنساء.