توفيق أبو الضياء.. محتضن المقاولين الناشئين بجهة مراكش آسفي
مغربيات
في سنة 2015 أنشأ رجل الأعمال الشاب توفيق أبو الضياء رفقة الفرنسي “باسكال شوفاليي” مركزا للمقاولات الناشئة “emerging Business factory”، و الذي يعد أول حاضنة للمقاولات الناشئة في عالم الرقميات و التكنولوجيا الحديثة بجهة مراكش آسفي. مشروع جعل منه هذا الشاب القادم من عالم الفلسفة إلى “الديجيتال” واحدا من أكبر المراكز الحاضنة للشباب الراغبين في خلق مقاولاتهم الخاصة، عن طريق المواكبة و التتبع و التكوين..
وراء هذا “البروفايل” الذي يمثله توفيق أبو الضياء و الذي يبدو معه للوهلة الأولى أنه خارج للتو من العالم الرقمي، بدينامية ملفتة و قدرة عجيبة على التعبير عن الأفكار و المشاريع، يوجد شخص آخر تشبع بالنظريات الفلسفية التي درسها في الجامعة و منحته هذا العمق في استقراء التوجه الذي اختاره منذ البداية لنفسه، حيث قرر أن يكون جاهزا لاحتضان شباب متطلع قادر على أخذ مكانه في عالم التكنولوجيا الحديثة و “الديجيتال“.
بعد حصوله على دبلوم الدراسات المعمقة في نظريات المعرفة “الابستمولوجيا” سنة 2003 بجامعة القاضي عياض بمراكش، سوف يتخلى توفيق أبو الضياء عن الفلسفة التي دفعته لأن يحول مساره التعليمي الثانوي من شعبة العلوم الرياضية نحو الآداب من أجل دراستها، و ينشئ مقاولته الخاصة في عالم الرقميات “الديجيتال“، متمكنا بذلك من خلق منصة رقمية خاصة بالفنانين العرب، كان أبو الضياء يشرف عليها من مراكش، و تخص أهم مشاهير المطربين العرب.
في 2013 سيأسس شركة تُشغِل ما يناهز 50 شخصا تعد الأولى في شمال إفريقيا في سائل الإعلام الرقمية، حيث تشرف على 60 مجلة رقمية عبر العالم، محطمة بذلك رقما قياسيا، بنسبة زيارات تفوق مليار أو 500 مليون زائرا لصفحاتها في الشهر.
ولكي يطور أبو الضياء مشروعه الذي مافتئ يتوسع و أصبح في حاجة إلى شراكات مهنية، فكر في اقتحام المجال لاجتماعي، بداية من خلال الإلتحاق بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، حيث تم تعيينه كرئيس للجنة الاقتصاد الرقمي، ثم كاتبا عاما بعد ذلك للاتحاد بجهة مراكش آسفي، فرئيسا للجنة الاستشارية للسياسة المندمجة للشباب بجهة مراكش آسفي.
يقول أبو الضياء ل“مغربيات” : في البداية فتحت الحاضنة ذراعيها في وجه خمس مقاولات فقط، دعمناها بمبلغ يتراوح ما بين 30 ألف و80 ألف يورو سنة 2016، لكن وخلال السنة الموالية أي سنة 2017، تم التخلي عن هذا النموذج بسبب ضعف تدفق العروض أو الصفقات أو ما يسمى ب” deal flow”، حيث يتطلب الأمر وجود عدد كبير من المشاريع أو الأفكار مثلا ليقع الاختيار على 10 منها أو 6 ، وهو ما لم يكن متاحا في مدينة مراكش سنة 2016 و 2017.
توفيق أبو الضياء
تشتغل الحاضنة كذلك وفق نموذج “coworking space”، أي أنها توفر مكتبا بجميع المستلزمات المطلوبة للمقاولة الناشئة (مكتب، تكييف، ربط بشبكة الانترنيت..)، لكن هذه الخدمة ليست هي المهمة في حد ذاتها، يؤكد أبو الضياء، بل إن هذا الفضاء الذي توفره الحاضنة هو أيضا يمنح صاحب المقاولة فرصة اللقاء بشخصيات مهمة في عالم الاقتصاد و السياسة، لن يكون في مقدوره اللقاء بها لولا “EBF”.صحيح أن المركز لا يقدم إلا رقعة صغيرة لوضع حاسوب و ربطه بشبكة الإنترنت، لكنه في المقابل يقدم فرصا للشباب من أجل الانفتاح على أشخاص يعملون في مجال تخصصهم، و كذا إتاحة الفرصة أمامهم للقاء أشخاص وازنين ماكانوا يلتقون بهم حتى لو تسنى لهم فتح مكاتب في أرقى أحياء مراكش.
منذ البداية اختار أصحاب المشروع ألا يفتحوا الأبواب إلا في وجه المقاولات التي تعنى بالتكنولوجيا الحديثة و مجال الرقميات، لأن الفضاء لا يمكنه أن يستوعب الكثير من المقاولات من جهة، و لأن العملية في رمتها تتطلب تنسيقا بين كافة المكونات التي يتوفر عليها المركز (استوديو للتصوير، متخصصين في التسويق وما شابه..).
لا يقتصر العمل الذي تقوم به الحاضنة على توفير المكان و الاحتضان فقط بالنسبة للمقاولات الناشئة، إنما تتعداها إلى خلق مشاريع تشرك العديد من الشركات المحتضنة فيما بينها، وهي مشاريع أسفرت عن خلق موارد مالية مهمة، عن طريق توحيد الرؤية و الدفع بكل مقاولة لاستثمار الإمكانيات المتاحة أمامها و استغلالها.
تشكل الحاضنة كذلك مؤسسة للتكوين المستمر في مجال التخصص الذي اختاره المقاول الشاب، و تسمى “Eemerging Business Academy” وتمتد لثلاثة أشهر يتلقى فيها المقاول كل ما يحتاجه من دعم لخلق شركته الخاصة، بعد ذلك يعمل المركز على مواكبته مدة 12 شهرا، ثم يصبح المقاول الناشئ خارج البرنامج، لكن ذلك لا يمنع من أن يبقى صديقا للمركز ويمكن أن ينخرط في مشاريع مستقبلا، وهو ما وقع مع عدد من المقاولين الذين مازلوا شركاء فعليين في عدد من البرامج التي يشرف عليها المركز.
تضم الحاضنة اليوم ما يناهز 50 مقاولة ناشئة تتوزع بين المقاولين الذكور و الإناث على حد سواء، و إن كان العنصر النسوي بنسبة ضعيفة، حيث لازالت النساء لا تجرأن على اقتحام عالم المقاولة إلا بنسبة 10 ٪ تقريبا،
يعمل مسؤولو مركز “EBF” إلى توسيع المؤسسة و خلق ملحقات أخرى في أماكن أخرى بعيدا عن الحي الصناعي سيدي غانم بمراكش، الذي شهد ميلاد الحاضنة الرئيسية، في غضون الشهور القادمة، عبر إلحاقه بمدن أخرى مثل الصويرة و قلعة السراغنة بجهة مراكش آسفي، وذلك حتى يستفيد أكبر عدد من شباب الجهة.
بالإضافة إلى كونه المسؤول عن المركز، حاضنة المقاولات الناشئة، يعمل توفيق أبو ضياء بقبعات متعددة، خلقت أمامه فرصا حقيقية لإسماع صوت الشباب الطموح والمتطلع للابتكار و خلق مشاريع ذكية و الذين يمثلهم في عدد من المؤسسات التي تشتغل في المجال، فهو عضو اللجنة الإدارية لفيدرالية للمقاولين الاستشاريين “MSEC” التي تضم 19 عضوا فاعلا يعملون في مواكبة المقاولين الشباب بالمغرب، كما أنه يشغل منصب الكاتب العام للاتحاد العام لمقاولات المغرب بجهة مراكش آسفي، ونائب رئيس جمعية شركات سيدي غانم “AESG”، كما أن “EBF” يعد مستشارا رقميا للكنفدرالية الوطنية للسياحة و كذلك المجلس الجهوي للسياحة، وهو ما جعله يستقطب اهتمام كل الفاعلين في المجال الرقمي و التكنولوجيا الحديثة بجهة مراكش آسفي.
يستعد أبو الضياء حاليا لإصدار كتاب حول “الاقتصاد الإبداعي” وهو كتاب يتناول المعيقات التي حالت دون أن ينحى المغرب في هذا الاتجاه، ويقدم اقترحات بشأن التدابير و الحلول لتخطي هذه العراقيل وتشجيع هذا النوع من الاقتصاد ببلادنا، خاصة في مجال الإعلام الرقمي، و الذي يرى أبو الضياء أنه في حاجة إلى خلق إعلام بديل جاد وهادف بدل صحافة “البوز” و “الفضائح“، التي انتشرت في الآونة الأخيرة، وجعلت العديد من الشباب يهربون نحو إعلام رقمي خارج المغرب، في غياب إعلام بمحتوى جيد و تقنيات حديثة تساير العصر. يمثل توفيق أبو الضياء اليوم رقما مهما في المعادلة الرقمية بجهة مراكش بفضل التجربة و الخبرة التي راكمها طيلة سنوات من العمل، فضلا عن انفتاحه على الشباب، ما جعله سفيرهم لدى العديد من المؤسسات التي تشتغل في المجال بدون منازع.
خلال إحدى الدورات التكوينية