ثلاثة أسئلة للدكتور حمضي : هذه هي التدابير التي ينبغي اتخاذها بعد تأزم الوضعية الوبائية ببلادنا!
يرى الدكتور الطيب حمضي الطبيب و الباحث في السياسة و النظم الصحية أن اكتساح الوباء ببلادنا كان أمرا متوقعا بالنطر للتراخي و التباطؤ الذي عرفته عملية التلقيح، و كذا عدم احترام التدابير الاحترازية، وهو الأمر الذي سبق و نبه إليه منذ شهر أكتوبر الماضي. و بالنسبة لاحتمال توقف الدراسة، شدد الدكتور حمضي على ضرورة التلقيح بالجرعة الأولى و الثانية و الثالثة، و اتباع التدابير من تباعد جسدي و اجتماعي و كذا وضع الكمامات وتهوية الأماكن المغلقة و تطهير اليدين، فضلا عن إجراء التحاليل لمجرد ظهور الأعراض و اتباع النصائح الطبية..
مغربيات : تحدث خالد ايت الطالب وزير الصحة و الحماية الاجتماعية عن اكتساح وبائي لمتحور “أوميكرون“ بنسبة 70٪. كيف تقرؤون هذا الوضع؟
سبق و صرحت وقلت سابقالا أن المحور “أوميكرون“ سيصبح مع بداية شهر يناير هو السائد، وهذا ما تم تأكيده اليوم، حيث أصبح بالفعل هو السائد. كما كان متوقعا ف“أوميكرون“ أصبح أخذ مكان “دلتا“ وهو سريع الانتشار حيث انتشر بشكل مرتفع في بريطانيا وجنوب إفريقيا. بالنسبة للمغرب فقد وجد الفيروس المتطور كل الظروف مناسبة حتى يصبح هو السائد و ينتشر، هناك تباطؤ في التلقيح و عدم احترام للتباعد و تراخي في وضع الكمامات، كما أن الفصل البارد يبدأ عندنا خلال شهر دجنبر مما جعل الفيروس الوضعية الوبائية تتازم خلال نهاية هذا الشهر. سبق وقلت في شهر أكتوبر المنصرم بأن المغرب سيشهد موجة للإصابة بالفيروس خلال نهاية دجنبر و ليس شرطا أن يظهر أي متحور جديد، بالأحرى وقد ظهر هذا المتحور “أوميكرون“، و بالتالي فكان متوقعا جدا أن نصل لهاته الوضعية. للأسف انتشر عندنا الوباء بسرعة كما هو الشأن بالنسبة لدول أخرى، وكان بالإمكان تفادي انتشاره بهذا الشكل لو تم احترام التدابير الوقائية و التلقيح بالجرعة الأولى، و الثانية و الثالثة. إذن انتشاره جاء نتيجة أسباب منطقية ومعقولة، و لو لم ينتشر لكنا تساءلنا كيف أنه لم ينتشر.
ماهي التدابير التي يمكن اتخاذها للحد من انتشار الوباء؟
لدينا ثلاث وسائل لكي نواجه هذه الوضعية، الوسيلة الأولى هي التدابير الاحترازية : وضع الكمامة، التباعد الجسدي و الاجتماعي و تطهير اليدين و تهوية الأماكن المغلقة، و أشدد على التهوية، لأنها تحمينا بشكل كبير (عشر دقائق في كل ساعة واحدة) سيما و أن أحوال الطقس ببلادنا تسمح بالتهوية، حيث لا نسجل درجات حرارة تحت الصفر. بالإضافة إلى تجنب التباعد الجسدي و الاجتماعي و الابتعاد عن السفر غير الضروري و التجمعات التي لا داعي لها، ثم هناك التلقيح بالجراحة الأولى و الثانية و الثالثة، حيث أثبتت الوقائع أن الفيروس ينتشر بسرعة في أوساط غير الملقحين أكثر منه لدى الملقحين. خاصة بالنسبة للجرعة الثالثة التي تحمي من الوصول إلى أقسام الإنعاش بالمستشفيات، أما الوسيلة الثالثة فتخص الأشخاص الذين يعانون من الأعراض، هؤلاء يجب أن يعزلوا أنفسهم في منازلهم و يجروا الاختبار للتأكد من الإصابة و أن يتبعوا جيدا النصائح الطبية، لأن الهدف من معرفة الأشخاص المصابين ليس هو تحديد عدد المصابين في كل إقليم أو جهة، لكن الهدف هو معرفة المصابين لعزلهم و للحد من انتشار الفيروس. للأسف فالعديد من المواطنين و رغم ظهور الأعرض لديهم إلا أنهم لا يجرون الاختبار اللازم و لا يعزلون أنفسهم في بيوتهم، بل إن منهم من يصرون بأنهم تعرضوا لنزلة برد حادة أو أنهم تعرضوا للتكييف الذي تسبب في إصابتهم بالزكام..
هل تتوقعون عودة الدراسة عن بعد و العمل كذلك في ظل هذا الوضع ؟
هذا احتمال وارد جدا، لكنه مرتبط بالمدن. حسب الحالة الوبائية لكل مدينة، سيتم اتخاذ الإجراءات الضرورية. بالنسبة للمناطق التي ينتشر فيها الوباء بشكل كبير و مستشفياتها سجلت أرقاما كبيرة في أعداد الوافدين عليها أو ذا كانت هناك إصابات في أوساط الأطفال في المدارس، أو أن تكون بعض المدارس تحولت لبؤر، فأكيد أنه سيتم اتخاذ إجراءات من قبيل توقيف الدراسة أو اعتمادها عن بعد لكن لمدد محدودة طبعا، إما أسبوعا أو عشرة أيام حسب الوضعية السائدة في كل مؤسسة و في كل مدينة أو جهة. وهذا طبعا سيتم بمراعاة خصوصية كل مدينة و جهة، لكن لفترات قصيرة ومحدودة كما قلت. لا ينبغي ان يدفع الأطفال ثمن تراخي الكبار الذين يرفضون أن يُلَقحوا. لو كان المواطنون أخذوا الجرعة الأولى و الثانية و الثالثة في الوقت المناسب و احترموا الإجراءات الاحترازية، لما اضطررنا لاتخاذ مثل هذه الإجراءات، ولكان أطفالنا يتابعون دراستهم في المدارس بدون أية مشاكل و حتى و إن أصيبوا بالعدوى فهم لن يشكلوا أي خطر على أهاليهم.. ما يزيد من تفاقم الوضع هو أننا في المغرب لا نتوفر على إمكانية إخضاع عدد كبير من المواطنين لأجراء التحاليل للكشف عن الفيروس، وهو ما يجعلنا لا نستفيق إلا بعد أن تكون المدرسة قد وصلت لوضع وبائي خطير، الشيء الذي يدفع ثمنه الصغار الذين تضيع عليهم فرص التعليم الجيدة، بسبب الانقطاع عن الدراسة. إذا أردنا أن نحمي صغارنا و نجعلهم يتابعون دراستهم في وضع سليم، علينا أن نخضع للتلقيح بالجرعة الأولى و الثانية و الثالثة و أن نحترم التدابير الاحترازية، آنذاك لن نكون مضطرين لتوقيف الدراسة.