رئيس النيابة العامة : غياب المساعدة الاجتماعية و الخبرة الطبية من أهم أسباب زواج القاصر
مراكش : مغربيات
أوضح مولاي الحسن الداكي الوكيل العام لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة أن من بين نقط القصور التي وقفت عليها الدراسة التشخيصية التي أنجزتها النيابة العامة في موضوع زواج القاصر، ضعف اللجوء للمساعدات الاجتماعيات بالمحاكم لإجراء الأبحاث الاجتماعية في ملفات زواج القاصر بنسبة لا تتجاوز 12%، علما أن نسبة كبيرة من الأذونات بزواج القاصر لا يتم اللجوء فيها إلى الخبرة الطبية بنسبة تتجاوز 43%، مع أن كلا من الخبرة الطبية و البحث الاجتماعي عندما يُنجَزان على الوجه المطلوب فإنهما يعينان القاضي على تقدير مصلحة القاصر في الزواج من عدمه.
و أضاف المسؤول القضائي، خلال اللقاء التواصلي الذي انعقد صباح اليوم بمراكش، لتقديم الدراسة التشخيصية حول زواج القاصر، أن الدراسة الميدانية التي أنجزتها النيابة العامة أظهرت أن الأوساط الاجتماعية التي تعاني من الهشاشة هي الأكثر إنتاجا لزواج القاصر، فضلا عن وطأة الأعراف و التقاليد و التأويل الخاطئ للدين التي تعد من الأسباب الأساسية لخيار الزواج المبكر .
وخلال هذا اللقاء الذي حضره إلى جانب رئيس النيابة العامة كل من الوزراء المعنيون وممثلون للقطاعات ذات الصلة ثم قضاة النيابة العامة المكلفين بالزواج، أكد الوكيل العام أن الملتمسات الرامية لرفض تزويج القاصر قد بلغت برسم سنة 2019 58,4% من مجموع الملتمساتالمقدمة في الموضوع، في حين شكلت هذه النسبة 36% خلال سنة 2018، كما ارتفعت هذه النسبة سنة 2020 إلى 65% من مجموعالملتمسات، وقد انعكس هذا المنحى الإيجابي كذلك على مستوى الإحصاء العام لأذونات زواج القاصر، و الذي عرف انخفاضا مضطرا برسم السنوات 2018 و 2019 و 2020 مقارنة بسنة 2017.
و أشار المتحدث إلى أن النيابة العامة تواصل انخراطها في الجهود الوطنية الرامية إلى التصدي لزواج القاصر بالانفتاح على الجهات الفاعلة و المعنية بالموضوع، حيث بادرت إلى توقيع اتفاقية إطار للشراكة و التعاون مع قطاع التربية الوطنية، تنفيذا للالتزامات المشتركة المضمنة في إعلان مراكش 2020، الذي تم إطلاقه تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمة الملكي الأميرة للا مريم.
و أكد المسؤول القضائي على أن من بين الأهداف الأساسية لهذه الاتفاقية ضمان متابعة الفتيات تمدرسهن إلى نهاية التعليم الإلزامي من أجل الوقاية من زواج القاصرات، وذلك انطلاقا من قناعة واقعية مفادها أن الهدر المدرسي يشكل رافدا أساسيا لتزويج القاصرات، مبرزا أن هذه الاتفاقية قد انطلق تفعيلها في مرحلة اولى بمراكش كتجربة نموذجية في مارس 2021، ليتم تعميمها على مجموع التراب الوطني.
و أوضح رئيس النيابة العامة أن هذه الجهود تأكدت نجاعتها وفعاليتها عند التقييم، حيث أسفرت عن استرجاع ما يقارب 2000 فتاة انقطعنفعلا عن الدراسة بجهة مراكش أسفي لوحدها، وتمت إعادتهن إلى مقاعد الدراسة.
وبحسب المسؤول، فإن هذه الدراسة تعد أرضية بالغة الأهمية مبنية على معطيات علمية دقيقة مستقاة من واقع الممارسة العلمية بالمحاكم فيقضايا زواج القاصر التي تناولتها بالتحليل في محور أول لتعمل في محور ثان على البحث في المعطيات الميدانية ذات الصلة بالقاصرات موضوع هذا الزواج، حيث استقرأت خصوصية محيطهن الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي.
عن خلاصة الدراسة، أبرز الوكيل العام أن المعطيات التي جاءت بها الدراسة خلُصت إلى استنتاجات تلقي الضوء على الأسباب المختلفة التي تقف وراء ارتفاع أرقام زواج القاصر في المجتمع، حيث مكنت هذه الاستنتاجات من اقتراح خطة طريق تهيئ لمستقبل العمل القضائي من جهة، و العمل التشاركي المتعدد التدخلات من جهة أخرى، وذلك من خلال توصيات تأمل رئاسة النيابة العامة أن تساعد وترشد المتدخل و الممارس و المهتم بالموضوع.