ليلى ماندي الخبيرة في الماء و الطاقة : نحتاج إلى تدبير جيد للموارد المائية لأن المغرب مهدد بالجفاف

مغربيات

تعتبر ليلى ماندي الأستاذة بجامعة القاضي عياض بمراكش و مديرة المركز الوطني للدراسات و الأبحاث في الماء و الطاقة واحدة من الكفاءات العلمية التي ساهمت في تطوير مشاريع هامة تخص تدبير الموارد المائية ببلادنا، كما جعلت من هذا المركز جسر وصل بين الباحثين في مجال الماء و المحيط السوسيو اقتصادي.

حصلت ليلى ماندي على الدكتوراه في علوم المياه عام 1987 من جامعة القاضي عياض بمراكش، ثم التحقت بهيئة التدريس في كلية العلوم السملالية كأستاذة مساعدة. في عام 1994، حصلت على درجة دكتوراه الدولة في مجال علوم المياه والبيئة، مما سمح لها بأن تصبح أستاذة محاضرة ثم أستاذة للتعليم العالي و ذلك منذ 1998 إلى غاية اليوم.

في سنة 2001، عينتها جامعة القاضي عياض منسقة وطنية للمياه بمركز الكفاءة البيئية (PC2E) ، وهو شبكة مغربية تشمل على المختبرات المعتمدة لـ 19 مؤسسة جامعية (تضم 300 مدرس باحث) والتي كان مركز تنسيقها في جامعة القاضي عياض.إذ بفضل جهودها الكبيرة لجعل هذا القطب حيويا ومنتجا، تم تجديد PC2E من قبل الوزارة الوصية، حيث منحت تفويضا جديدا خلال الفترة ما بين 2011-2016. فمن بين المنسقين الـ 11 لمراكز المهارات المعاد هيكلتها ، كانت ليلى ماندي المرأة الوحيدة في المغرب التي نسقت أحد هذه المراكز.

مركز الدراسات و الأبحاث في الماء و الطاقة

في سنة 2008 عينت ليلى ماندي من قبل جامعة القاضي عياض كمديرة لمركز الدراسات و الأبحاث في الماء و الطاقة (CNEREE)، هذا المركز الذي تم إنشاؤه في إطار الخطة الخماسية ( 2000/2004 ) من طرف وزارة التعليم العالي و البحث العلمي، و الذي يهدف، بالإضافة إلى تعزيز البحث العلمي في مجال معالجة المياه، إلى ربط الصلة بين الباحثين في المجال و المحيط السوسيو اقتصادي لتلبية حاجيات المغرب من المياه في السنوات القادمة.

تنكب الاهتمامات البحثية لليلى ماندي حول تقنيات معالجة المياه (مياه الصرف الصحي المنزلية و الصناعية)، و إعادة استخدامها في الزراعة، كما تهتم بدراسة المخلفات على جودة الموارد المائية. وفي هذا الإطار فقد أشرفت على أزيد من 30 رسالة دكتوراه و نشرت أكثر من 200 مقال علمي بمجلات متخصصة. وهي حاصلة على أربع براءات اختراع في مجال معالجة مياه الصرف الصحي رفقة فريقها العلمي الذي تؤطره.

استطاعت ليلى ماندي أن تبتكر حلولا تعتمد على الطبيعة لمعالجة مياه الصرف الصحي المنزلية وتطورها، مما سيمكن من التغلب على مشاكل الجفاف و تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، من خلال الهدف السادس المتعلق بمياه الصرف الصحي، و كذلك الهدف 13 المتعلق بالمناخ.

بالإضافة إلى اشتغالها بالبحث العلمي فقد عملت ليلى ماندي على تنظيم و ترأس العديد من الفعاليات العلمية الدولية و الوطنية في مجال المياه و البيئة التي تنظمها جامعة القاضي عياض بمراكش.

سياسة السدود

منذ فجر الاستقلال، أدرك المسؤولون ببلادنا أن الموارد المائية التي تتوفر في المغرب تعتبر رافعة مهمة و أحد الروافد الأساسية للتنمية الاجتماعية و الاقتصادية، لذلك طور المغرب استراتيجية طموحة وطويلة المدى من خلال إنشاء سدود لتعبئة الموارد المائية و المحافظة عليها.

تقول ليلى ماندي لمغربيات في هذا الشأن : الوعي المبكر بأهمية تعبئة الموارد المائية ببلادنا من خلال إنشاء سدود و إلى غاية اليوم، كان بهدفين أساسيين وهما توفير الماء الصالح للشرب من جهة، و ضمان جودة الري في مجال الزراعة من جهة أخرى، وهوما جعل المغرب يصبح نموذجا يحتذى به، حيث يفوق عدد السدود اليوم 149 سدا، بسعة تخزينية تبلغ 18،6 مليار متر مكعب، و من المتوقع أن يرتفع عدد السدود إلى 179 سدا بحلول سنة 2027 بتعبئة تصل إلى 27 مليار مكعب.

قوانين لتدبير جيد

أقر المغرب مجموعة من القوانين و التشريعات المتعلقة بتدبير الموارد المائية، حيث تؤكد ليلى ماندي أن أهم هذه القوانين قانون 95/10 الذي يعد إصلاحا مؤسساتيا رئيسيا في قطاع الماء، و ذلك حماية للموارد المائية، وكذلك معالجة المياه العادمة و إعادة استعمالها. هذا القانون تم تحيينه سنة 2015، حيث أصبح لدى للمغرب قانون ماء جديد ( 36/15)، وهو قانون جاء بسياسات و آليات تنظيمية و إجراءات ذات صلة بالإدارة المتكاملة للموارد المائية و إنشاء الأدوات اللازمة للتنفيذ.

في الموسم 2019/2020 أطلق المغرب خطة وطنية جديدة للمياه، من شأنها أن تضمن تغطية حاجيات المواطنين من المياه من سنة 2020 إلى غاية 2050، وذلك من أجل معالجة ندرة المياه. تقول الباحثة في هذا الصدد : من أهم ما جاء به المخطط الوطني هو مواصلة بناء السدود و ربط الأحواض المائية ببعضها البعض (جلب المياه إلى الأحماض الفقيرة) و تطوير مشاريع تحلية المياه و مواصلة ربط العالم القروي بشبكة الماء الصالح للشرب، فضلا عن توفير المياه في المجال الزراعي و الحفاظ على النظم البيئية، كما أنها عملت على تعزيز الموارد المائية غير التقليدية، مثل تحلية مياه البحر، كإنشاء محطة تحلية مياه البحر التي تغطي احتياجات ساكنة جهة سوس من الماء الصالح للشرب، كما سيتم إنشاء واحدة من أضخم المحطات بجهة الدار البيضاء ـ سطات.

تزايد الطلب على الماء

ترجع الباحثة أسباب ندرة المياه بالمدن الكبرى إلى الانفجار الديموغرافي الذي تعرفه هذه الأخيرة من جهة، بالإضافة إلى شح الأمطار الذي أدى إلى انخفاض منسوب المياه داخل السدود، حيث لم يعد يتعدى هذا الأخير 30٪ فقط بحسب المعطيات التي توفرها الوزارة الوصية على القطاع من جهة أخرى.

وتضيف الخبيرة أن الاستنزاف الذي تعرضت له المياه الجوفية كذلك بسبب الاستعمال المفرط للمياه، خاصة في مجال بعض الزراعات مثل البطيخ الأحمر (الدلاح) و الافوكادو، حيث تستهلك هذه الزراعات ما بين 80 و 90 ٪ من المياه، زادت من حدته كذلك التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، و التي بحسب الخبراء سوف تزيد بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ما يجعل المغرب مهددا بالجفاف خلال السنوات القادمة.

ومع ذلك، تشير ماندي، إلى أن أهمية الحملات التحسيسية بخطورة ندرة المياه و ضرورة الاستعمال المعقلن لها، في صفوف المواطنين، حيث الملاحظ أن بعضهم لازال لا يولي أهمية لما يطلق عليه بالذهب الأزرق و يعتقد أنها متوفرة لا تنضب.

وفي هذا الإطار دعت الباحثة إلى التتبع الصارم و تنفيذ هذه الإجراءات الاستعجالية من قبل الجهات المختصة، خاصة و أنالماء الصالح للشرب يعد ذا تكلفة مرتفعة جدا و لا يعقل تبديده في هذه الاستعمالات اليومية المتكررة. كما أكدت على إعادة استعمال المياه العادمة في الزراعة بعد معالجتها، لأن المغرب يتوفر على أزيد من 900 مليون متر مكعب سنويا من هذه المياه (مياه الصرف الصحي)، خاصة و أنه لا تتم معالجة إلا 45٪ فقط منها، مما سيمكننا من تعويض الخصاص في المياه خلال القادم من السنوات.

About Post Author