ليلى الزهراوي : رقصة “الكدرة” تراث صحراوي يقرب النساء و الرجال قصد الزواج
مغربيات
تشتهر منطقة الصحراء المغربية، و تحديدا جهة كلميم واد نون، برقصة “الكدرة“، و قد شكل هذا النمط التراثي العريق للمنطقة أحد اللوحات المتفردة التي ميزت الدورة 51 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش الذي نظم بمراكش خلال الفترة ما بين 1 و 5 يوليوز الجاري.
“مغربيات“ التقت ليلى الزهراوي من فرقة “الكدرة للرقص و الطرب الحساني“ على هامش المهرجان للتقرب من هذا التراث و معرفة دلالاته الرمزية و الثقافية.
“الكدرة“ رقصة تقليدية تميز منطقة الصحراء، وتعتمد على النقر على الطبل و الغناء بواسطة الرجال فقط، فيما تتكلف النساء بالرقص وهن جالسات على ركبهن و سط العازفين المتحلقين من حولهن.
شاركت فرقة “الكدرة باب الصحراء للرقص و الطرب الحساني“ خلال المهرجان ب15 عضوا، من بينهم خمس نساء، حيث اعتبرت ليلى الزهراوي في تصريح خصت به “مغربيات“ أنها حضرت رفقة بعض أعضاء الفرقة لدورات سابقة وهم صغار السن و تقول “كبرنا مع هذا المهرجان، وهو يشكل بالنسبة لنا فرصة للالتقاء بباقي الفرق الشعبية من جميع أنحاء المغرب، كما أنه مناسبة للتعرف على الفلكلور المغربي المتنوع و الغني بإيقاعاته و أهازيجه المختلفة، كل منطقة لها اسلوبها و طابعها الخاص الذي يميزها“.
عن ما يميز رقصة “الكدرة“ تقول : رقصنا محتشم لا يعتمد إلا على اليدين و حركات الرأس فقط وهوما يجعل أي امرأة قادرة على رقصه دون إحساس بالحرج. وعن تاريخ هذه الرقصة توضح : قديما لم يكن مسموحا للرجال أن يتقدموا للتعرف على النساء قصد الزواج، فكانت تقام رقصة “الكدرة“ التي تقدم فيها النساء غير المتزوجات هذه الرقصة على إيقاع دق الطبول، حتى إذا ما أعجب رجل باحداهن، تقدم نحوها و وضع سبحة حول عنقها، ليقول للآخرين إنه يتقدم لخطبتها، و لا يحق لأي كان أن يخطبها“.
و تضيف لا ينظر للمرأة التي ترقص “الكدرة“ بأي نوع من الانتقاص، بالعكس فهي تحظى بسمعة جيدة، عكس بعض الفرق الفلكلورية التي صرحت عضواتهن أنه لا يسمح بالانضمام للفرقة إلا بالنسبة للمطلقات و العازبات، إذ لا يمكن تقبل امرأة متزوجة العمل في فرقة موسيقية شعبية.
أما عن الشباب، فتؤكد أنهم أصبحوا مقبلين بشكل كبير على هذا التراث، وهو أمر محمود، خاصة و أن كبار رواد “ الكدرة“ رحلوا، وفي حاجة لمن يخلفهم.
أصبح فن “الكدرة“ مطلوبا بكثرة في الحفلات و المهرجانات، سواء الوطنية أو الدولية، وقد كان للفرقة فرصة كبيرة في التنقل عبر دول كثيرة (فرنسا، إسبانيا، ألمانيا، بلجيكا، دولة الإمارات العربية..) و مدن مغربية للتعريف بهذا التراث الذي يميز منطقة كليميم واد نون، سواء من خلال الإيقاع الصحراوي أو الرقص الذي يحمل دلالات رمزية تنم عن موروث ثقافي توارثته الأجيال عبر قرون من تاريخ المنطقة.
رغم احترافها لفن “الكدرة“ الصحراوي، إلا أن ليلى، كباقي أعضاء الفرقة، لا يعتمدون على ممارسة هذا النشاط لكسب رزقهم، نظرا لندرة الملتقيات و المهرجانات الثقافية، و بسبب الكساد الذي ضرب بأطنابه كل بقاع العالم أثناء الجائحة طيلة المسنتين الأخيرتين.
تقول “ شغفنا بهذا الفن و التراث الصحراوي هو ما جعلنا نتمسك بالفرقة، إذ رغم توفرها على بطاقة الفنان، إلا أننا لا نستفيد منها شيئا، ونعتمد فقط على الحفلات الخاصة التي تتم دعوتنا لها، على قلتها، خاصة في وسط المغرب، حيث تحظى رقصة “الكدرة“ بمكانة متميزة في الأوساط غير الصحراوية، و يطلبها الكثيرون، إذ باستثناء ذلك فنحن نعيش طيلة السنة بدون مورد مالي“.