لطيفة حليم.. أديبة بأجنحة من حرير
فوزية التدري
عندما تكتب لطيفة حليم أشعر وكأن صنبور ماء انفتح ولن يتوقف صبيبه! تكتب تفاصيل عاشتها هي ولازالت مخزنة بذاكرتها تفرغها على الورق كلما أتيحت لها الكتابة، والأجمل في ذلك أنها تخلط بين المتخيل وما لصق بالذاكرة، فنقف نحن قراؤها أمام مشاهد جميلة من الحاضر نحو الماضي والعكس صحيح في محاولة أدبية تنحو نحو حفظ الذاكرة/الحكاية للأجيال القادمة، أي أنها تبني نسقا سرديا يمتح من الماضي ويعاصر الحاضر ويستشرف المستقبل.
كنت دائما أتساءل عن تعلق الكاتبة لطيفة حليم بالسرد عن طريق اعتماد الجمل القصيرة، وبعد تقربي منها شخصيا فهمت طبيعتها كإنسانة نشطة، خفيفة الحركة والظل، تدور بيننا نحن صديقاتها كنحلة تسقينا عسلا من حلاوة كلامها وكرم ضيافتها.لطيفة حليم نموذج امرأة مغربية قحة ، تعمل خارج البيت وداخله، تطبخ داخل مطبخها لزوجها وأولادها وأصدقائها ومقربيها، وتطبخ على الورق حروفا تغلي في رأسها وهي تشتغل طيلة النهار أو عندما تمارس رياضة المشي التي تعشقها.
بكتابات لطيفة حليم نجد الكثير من الحكي والتاريخ والحب والسياسة والسوسيولوجيا ، لهذا فلن نستغرب اصرارها الجميل على فتح أبواب بيتها الجميل في وجه صديقاتها إذ خصصت لهن” غرفة” اسمتها ب“غرفة صديقات أجمل العمر” ، هذه الغرفة التي تستقبل كل راغبة في المعرفة والعلم وكل محبة للاداب والفنون والثقافات، نعم لقد مر من تلك الغرفة التي“أسست” منذ زمن طويل والتي كان لي شرف الجلوس فيها ومتعة لقاء العديد من الطاقات النسائية الأدبية والعلمية والفنية تحت ضيافة الأستاذة الكريمة لطيفة حليم.
مسار الأديبة لطيفة حليم زاخر بالكتابة والبحوث، إذ صدر لها سنة 2007 رواية“دنيا جات” لتبدع مرة ثانية في سنة 2012 ويصدر لها رواية“نهاران” ثم في سنة 2016 يصدر لها بحث شيق قيم بعنوان“الكنديون والكنديات من أصل عربي” لتمتعنا سنة 2021 بإصدار رواية حديثة شيقة بعنوان“نيران طرفي النهار“.
في السنوات الأخيرة انتقلت لطيفة حليم للإقامة بكندا ، لكنها لا تنفك تزور بلدها الأم لتقيم فيه لبعض الأشهر ، وهكذا تعيش الأستاذة بين كندا والمغرب لتمتد نوافذ “غرفة صديقات أجمل العمر” بين البحار والأجواء وألا تنحصر في حي الرياض بالعاصمة الرباط ، إذ تلتقي بصديقاتها المبدعات من مختلف الجنسيات والأعراق حيثما كانت سواء هنا بالمغرب أو هناك بكندا، وفي أثناء هذه اللقاءات الثقافية الجميلة تبرز شخصية لطيفة حليم كامرأة جميلة تجيد فن القول والاستقبال ونثر المعرفة.
لطيفة حليم هكذا أراها ويراها كل من عرفها عن قرب ، أدبية بأجنحة من حرير ، تحلق في عالم الأدب والفن ، تنتقد بسلاسة ولا تخدش بقسوة ، فهي لطيفة اسم على مسمى.