لطيفة أخرباش : إذا لم نكن قادرين على بناء هوية و ثقافة، سنخسر معركتنا في التواصل

مراكش : مغربيات

قالت لطيفة أخرباش رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري إننا اليوم مطالبون بتعليم المغربيكيف يعيش العصر الرقمي، و جعله منتجا للإعلام الرقمي بدل أن يبقى مستهلكا.

و أشارت المتحدثة، خلال الندوة التي نظمتها جامعة القاضي عياض بمراكش، مساء أمس الثلاثاء 26 أكتوبر الجاري ، بعنوان الديموقراطية و التنمية الإسهام المتفرد لتقنين الإعلام” ضمن سلسلة محاضرات منابر مراكش” التي أطلقتها الجامعة، إلى أن الإعلام يعد فاعلا أساسيا في التحولات الاجتماعية و تعميق الديموقراطية، لأنه يساهم في تنشيط النقاش العمومي و توسيع الفضاء العمومي، فضلا عن تعزيز مشاركة المواطنين في ترسيخ الفعل الديموقراطي (التصويت أثناء الانتخابات من خلال الإطلاع على البرامج السياسية عن طريق وسائل الإعلام كمثال).

و  عن دور الإعلام في بناء الديموقراطية، قالت أخرباش إنه لا ديموقراطية بدون مواطن يمتلك المعلومة عن طريق وسائل إعلام  مستقلة و متعددة و ذات مسؤولية اجتماعية، لأن مواطنا لا يتوفر على المعلومة لا يمكنه أن يكون مساهما في العملية الديموقراطية، مشيرة إلى أن امتلاك المعلومة هو حق لكل مواطن ومواطنة“.

و أضافت أن التواصل هو أن نكون قادرين على إعطاء معنى، و على التعبير عن هويتنا و عن ثقافتنا و أن ننصت و نعطي الكلمة، مؤكدة أن التواصل ليس عملا تقنيا يباع و يشترى و إنما هو يبنى بعرض وطني، و أنه إذا كنا عاجزين عن إنتاج مضامين فإننا لن نخسر المعركة التكنولوجية، لأن هذه الأخيرة تباع وتشترى، لكننا سنخسر معركة التواصل.

وعن الدور الذي تلعبه الهاكا التي ترأسها، أشارت المتحدثة إلى أن هذه الهيئة لها فقط سلطة مراقبة المنتوجات الإعلامية للاتصال السمعي البصري، وكذا السلطة الجزرية، في حال كان المنتوج الإعلامي ذا خطاب عنصري و يحرض على العنف أو يبث الكراهية أو يهين أو يعمد إلى التشهير و اقتحام الحياة الخاصة للأفراد، مؤكدة أن القرارات تتخذ بشكل ديموقراطي داخل المجلس المشكل للهيئة.

و قالت إن الهاكا لا تتخذ قرارات بالجزر وحسب، بل إنها سبق و أن بثت قرارات داعمة لصحفيين كذلك، مستحضرة قضية الصحفي بالإذاعة الوطنية، قبل سنتين، والذي انتقد الأطباء في أحد البرامج الحوارية، لكن دون أن يصدر عنه أي تجريح بحقهم، و رغم الشكاوى التي رفعت من هيئات الأطباء ضده و اللغط الذي صاحبها على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الهيئة حسمت القضية لصالحه، لأنه لم يُسجل في حقه أي تجاوز.

و أكدت أخرباش أن هيئة الاتصال السمعي البصري تعد راعية لحرية التعبير و حرية الاستثمار كذلك بما يضمن مصلحة المواطنين في التزود بالأخبار و مواكبة البرامج، التي أظهرت بعضها أنها تنجح عندما تستجيب لانتظارات المواطنين

و أضافت أن الهيئة ترعى كذلك حرية ضيوف البرامج و المستمعين و المشاهدين الذين يتصلون ببعض المحطات، و لا تسمح بأن يتعرضوا للتضييق في التعبير بحرية عن آرائهم، مشيرة إلى الزجر الذي طال أحد منشطي البرامج الرياضية الذي لم يستسغ أن تعبر متصلة عن موقفها من أداء المنتخب الوطني في إحدى المباريات، ليخاطبها أنصحك بأن تتوجهي للمطبخ لمتابعة برنامج الطبخ شميشة بدل الرياضة، وقد صدر قرار زجري بحقه.

و أشارت أن الهيئة لا تصدر أحكام قيمة بشأن المنتوج الإعلامي، لكنها تعتمد على الأرقام من خلال المراقبة و التتبع، فمثلا من خلال تسجيل الوقت الممنوح لكل حزب سياسي للتعريف ببرنامجه الانتخابي، وكذلك المدة الزمنية التي يستغرقها كل فريق سواء كان ينتمي لليمين أو اليسار، ثم حضور النساء في البرامج الحوارية مقارنة بالرجل، يتم استخلاص ملاحظات حول النسب المعتمدة.

و عن التحديات التي يفرضها العالم الرقمي أشارت أخرباش إلى بعض الأرقام المهولة التي يسجلها فاعلون عمالقة في مجال التواصل، و الذين باتوا يهيمنون على التواصل الرقمي عبر العالم وعلى رأسهم محرك البحث غوغل الذي يسجل لوحده 90% من البحوث على شبكة الأنترنيت ، بمعدل 81.000 بحث في الثانية، فيما يستعمل مليار شخص موقع “يوتيوب” خلال السنة ، أي بمعدل 82.000 فيديو مُشاهَد في الثانية، و 32% يستخدمون آبل”، في حين يستخدم 2,85 مليار شخص فيسبوك خلال السنة، و مليار شخص تستعمل “واتساب” في السنة، و 1,3 مليار شخص يستخدم “أنستغرام” في السنة، ومليون شخص يعملون بشركة “أمازون”، و 88% من الحواسيب عبر العالم تستخدم ميكروسوفت، فيما سجلت نيتفليكس” 200 مليون منخرط في العالم.

و أكدت أخرباش إلى أن هذه الأرقام الصادمة تسائلنا اليوم عن موقعنا من هذا العالم الرقمي المخيف من حولنا، حيث نعيش على مدى سنوات تحولات رقمية في المنظومة الإعلامية و التواصلية، و نحن نشهد كل يوم امتزاج خصوصيات التداول الرقمي مع عادات الاستهلاك و ما نسميه الاستهلاك النقال و الذي أحدث رجة مفاهيمية لتمثلنا للزمان و المكان، حيث أن كل المفاهيم التي حسبناها مألوفة من قبل، أصبحت اليوم موضوع تساؤل و مساءلة أيضا ضمن هذه المنظومة الإعلامية التواصلية الجديدة الشمولية

و تساءلت رئيسة الهيئة عن معنى بعض المفاهيم اليوم مثل مفهوم السيادة في فضاء إعلامي شمولي عابر للقارات، وكذلك مفهوم الحدود المجالية  و مفهوم الخصوصية و مفهوم الأنظمة القانونية المؤطرة للفعل الإعلامي في هذا الواقع الجديد، و أنماط الإنتاج و الاستهلاك الإعلامي، وكيف ننتج و نوسق ونستهلك مضمونا مغربيا يستجيب لانتظارات المواطن المغربي، أي نماذج إقتصادية لؤسساتنا الإعلامية وعلى رأسها المصلحة العمومية للسمعي البصري

من جهته أشار مولاي الحسين أحبيض رئيس جامعة القاضي عياض إلى أن هذه المؤسسة الجامعية التي يرأسها سبق و أن استضافت أسماء لامعة في مجال البحث و الفكر و الفلسفة ضمن سلسلة ندوات تواصلية دأبت الجامعة على تنظيمها

و أشار إلى أن الجماعة بمؤسساتها الخمسة و التي تتمركز في كل من مراكش، آسفي، الصويرة و قلعة السراغنة تضم 106.000 طالب و طالبة، من بينهم 32.000 جدد التحقوا هذه السنة، و 14.000 حامل شهادة تخرجوا سنة 2020.

و أضاف أن الجامعة تضم 650 أستاذ باحث، و 751 موظف إداري، فضلا عن 57 مختبر ، و عدة بحوث نشرت اليوم في أزيد من 1000 منشور، مما يجعلها ذات إشعاع إفريقي دولي، حيث تعتبر  رائدة في مجال البحث العلمي.

مولاي الحسين أحبيض

جانب من الحضور

About Post Author