فسحة رمضان (4) : محمد بنسليمان الجزولي..صاحب كتاب “دلائل الخيرات” الذي لازم الجنود في المعارك

مغربيات

على الرغم من أن تربة مراكش ممزوجة برفات عدد كبير من الأولياء الصالحين و العلماء، إلا أنه لم يحظ بالشهرة إلا سبعة منهم فقط هم أبو العباس السبتي، القاضي عياض، سيدي يوسف بن علي، الإمام أبو القاسم السهيلي، سيدي عبد الله الغزواني (مول القصور)، عبد العزيز التباع و محمد بنسليمان الجزولي، حتى أن مراكش سميت بمدينة سبعة رجال نسبة إليهم.

في الحلقات التالية نستحضر سيرة رجالات مراكش السبعة ..

يعد محمد بنسليمان الجزولي الرجل الرابع في ترتيب الرجالات السبعة كما جاء عند أبي الحسن اليوسي في قطعته المشهورة بالعينية. ولد على الأرجح سنة 807 للهجرة في بلاد جزولة بمنطقة سوس بالمغرب الأقصى. درس علوم اللغة و علوم الدين ببلدته قبل أن يشد الرحل إلى فاس ليلتحق بمدارس بني مرين آنذاك و تحديدا بالقرويين. يقع ضريحه بحي رياض العروس بالمدينة العتيقة بمراكش. لعل أكثر ما عرف به الشيخ محمد بن سليمان الجزولي هو كتابه الذي يعرفه الناس في المغرب و المشرق و عبر العصور دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على النبي المختار“. هذا الكتاب استغرق فيه وقتا طويلا لتأليفه منذ كان يدرس في فاس. حتى أضحى كتابا يقرأ بجانب القرآن، لدرجة أن هناك أناس يحفظونه عن ظهر قلب ويرتلونه و تحس لما تسمعه بمجموعة من الأنوار و أنه خص الكتاب كله في الصلاة على النبي.

يقول محمد جنبوبي في كتابه الأولياء في المغرب” : “لا ندري بالتفصيل كم مكث الجزولي بفاس، ولا متى غادرها إلى مراكش، كما لا تسعف المصادر في تحديد تواريخ انتقاله إلى ضواحي الجديدة، وإلى آسفي، وغيرها من المناطق التي حل بها، بقدر ما نجد الخبر عن ذلك متفرقا في عمومياته بين مختلف المصادر التي اهتمت بترجمته. تبعا لذلك نجد مثلا الخبر عن تواجده بفاس مقرونا بلقائه بالشيخ أحمد زروق الفاسي، وبالحدث الذي أورده أغلب المترجمين له، والذي مؤداه: ” أنه لما كان بالمدرسة المذكورة والمقصود بها مدرسة الصفارين، وكان له بيت يخلو فيه بنفسه، لا يدخله معه غيره. فبلغ ذلك والده ببلده، فظن أو قيل له لا يسده ويمنع من دخوله إلا لكونه له به مال. فقدم عليه ثم طلب منه أن يدخل ذلك البيت، فأجابه إلى ذلك وأدخله إياه، فرأى حيطانه كلها مكتوب فيها الموت، الموت، الموت، فعلم ما هو فيه ولدهورجع على نفسه باللوم يقول : أين هذا وأين نحن، ثم تركه وانصرف إلى بلده.

تشير المصادر إلى أن الإمام الجزولي قد مات مسموما، ييبلده بسوس سنة 870 للهجرة بعد أن أضحى تأثيره قويا و أصبح أتباعه بالآلاف، مما جعل حياته على المحك. يقول جنبوبي في كتابه الأولياء في المغرب” (ص: 187-188): “إن شهرة الجزولي، وتأثيره القوي في مختلف أوساط المجتمع، وتكاثر أتباعه ومريديه وتلامذته، وانفتاح زواياه على الحركات الجهادية، بل تبنيها لها، وتزعمها لمقاومة الاحتلال الأجنبي، ستلهب المخاوف في أكثر من جهة، وتعجل بتحريك آلة الدسيسة من أجل التخلص منه، وتسريع عملية اغتياله بالسم سنة 870/1464 ه).

عاش الإمام محمد بن سليمان الجزولي تقريبا في الزمن المريني، ولما توفي كان الناس يحملون ثابوته في المعارك، ويظلون يطوفون به مدة من الزمن، معتقدين في ولاية هذا الرجل. فهو نشأ في قبيلة أفوغال وجاء به الملوك السعديون ومنهم من هو مدفون بقربه. في ضريحه هناك ملوك سعديون مدفونون بالقرب منه وهم الذين جاؤوا برفاته إلى مراكش.

وبحسب المصادر فإن رفات الإمام الجزولي لم تنقل إلا مع وصول أبي العباس الأعرج إلى الحكم ودخوله إلى مدينة مراكش، حيث تم دفن الإمام برياض العروس، ليصبح واحدا من بين أشهر رجالات المراكش السبعة.

About Post Author