عبير العابد ل”مغربيات” : الشاب خالد هو “أيدول” بالنسبة لي و أعشق “الساكسفون”

مغربيات

عرفها الجمهور منذ ظهورها الأول ببرنامج شذى الألحان ضمن فرقة “أريج” النسوية سنة 2011 بالقناة الثانية. إلى أن أطلت مرة أخرى سنة 2017 ببرنامج المواهب أرب غوت تالنت الذي يبث على قناة “MBC”، لتوسع من قاعدة معجبيها. اختياراتها الغنائية لا تخرج عن الإطار الذي رسمته لنفسها منذ البداية، حيث ظلت وفية للتراث الأندلسي، الغرناطي و الشكوري، و هي الأنماط الغنائية التي تميزت بها عبير العابد و جعلتها واحدة من الأصوات الجميلة و المفعمة بالإحساس و الذكاء الغنائي.

مغربيات اقتربت من الفنانة عبير العابد للتعرف على اختياراتها الغنائية و عن وفائها للنمط الأندلسي و عن أغنيتها الأخيرة العطار و مدينتها طنجة..

مغربيات : منذ ظهورك أول مرة ببرنامج شذى الألحان، تنبأ لك الكثيرون بمستقبل فني واعد، و زاد من تأكيده مشاركتك المتميزة ببرنامج المواهب أرب آوت تالنت“.. ما الذي تغير منذ هذه التجارب إلى غاية اليوم؟

يمكن القول إنني كسبت أولا قاعدة جماهيرية مهمة من أشخاص يتابعونني حاليا، وهم ينتظرون مني الأفضل و الأحسن. أتمنى بكل صدق أن أكون في مستوى ظنهم و انتظاراتهم. هذا من جهة، و من جانب آخر منذ تجربتي في برنامج شذى الألحان، و أنا أحاول جاهدة أن أطور من إمكاناتي الفنية، من خلال المزج بين الحداثة و التراث.

لاقت اغنيتك الجديدة العطار نجاحا لدى الجمهور. كيف جاءتك فكرة إحياء هذه الأغنية التراثية؟

في الواقع أغنية العطار لاقت نجاحا لم أكن شخصيا أتوقعه، سيما أنني مقلة في وضع الأغاني على المنصات الرقمية. تعرفين أن الفنان عندما لا يكون يتوفر على قناة خاصة به على اليوتيوب و المنصات، ييث من خلالها أغانيه، يصبح من الصعوبة إيصال جديده الفني للناس، ومع ذلك الحمد لله، بفضل مواقع التواصل الاجتماعي : فيسبوك و إنستغرام و ثلة من الأصدقاء الذين يحرصون على تقاسم كل جديد يخصني، تمكنا، بحمد الله، أن نحقق نجاحا لم يكن متوقعا، كما لا يفوتني أن أتوجه بالشكر الخاص للمحطات الإذاعية التي ساهمت بشكل كبير في إيصال الأغنية و في نجاحها أيضا. أما بالنسبة لفكرة الأغنية، فهي ليست شيئا جديدا، فأنا دائما أحاول أن أحيي التراث من خلال أداء أغاني تراثية، و الحقيقة أن أغنية العطار جاءت بمحض الصدفة، عندما كنت ضيفة على برنامج تلفزيوني و أديتها بصيغتها القديمة، ما شجعني على تقاسمها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاحظت أنها لاقت استحسان الكثيرين، فقلت لِمَ لا أعيدها بشكل جديد، وهو ما تم بالفعل.

يبدو من خلال اختياراتك الغنائية و اداءك أن هناك وفاء كبير لأنماط غنائية مثل الأندلسي، الغرناطي، الشكوري وغيرها. لماذا هذا الوفاء لهذا النوع الغنائي؟

هذا الوفاء هو نابع من رغبتي في الحفاظ على هويتي الغنائية. هذا الطابع هو ما عرفني به الجمهور منذ بداياتي. و الحقيقة أنني لم أختره، إنما تلقيته عندما كنت طالبة بالمعهد الموسيقي من بين مواد أخرى كالصولفيج و العزف على آلة البيانو. أحببت الطرب الأندلسي منذ صغري، و طورت نفسي في هذا الاتجاه، إلى أن أصبحت ما أنا عليه اليوم. وطبعا أنا مدينة لهذا النمط الغنائي، بالإضافة إلى صوتي، كونه هو من منحني هذا التميز (بحسب اعتقادي).

هل تفكرين في الانفتاح على أنواع موسيقية أخرى، أم ستبقين وفية للقديم؟

كنت دائما و لازلت منفتحة على جميع الألوان الغنائية، مع الحفاظ دائما على الطابع الأندلسي المتوسطي (méditeranéen). لكن ذلك لا يمنعني من البحث في بعض الأشكال الموسيقية العالمية و أحاول المزج بين الألوان المتشابهة في إيقاعاتها، و النمط الأندلسي يشبه أولا موسيقى الأندلس (اسبانيا)، وغيرها من ألوان أخرى.

أصبح العديد من الفنانين اليوم يستلهمون من التراث الغنائي اليهودي المغربي أو ما يعرف بالشكوري، لماذا في نظرك هذا الانفتاح على هذا النمط الغنائي التراثي؟

باعتباري قديمة في هذا المجال، يسعدني جدا أن يلتفت الفنانون لفن الشكوري. تعرفين أن أول مرور لي كان سنة 2011 ببرنامج شذى الألحان، و حتى قبل ذلك مررت بتجارب أخرى، حيث شاركت في حفلات و سهرات كثيرة في هذا الإطار، و خلال مرحلة الدراسة بالمعهد الموسيقي، التي قضيت فيها ما يناهز عشر سنوات، كنت أدرس الطرب الأندلسي. بالنسبة للفنانين الذين التفتوا لهذا اللون، أتمنى أن يواكبه بحث في هذا التراث و أن يأدوه بطريقة سليمة. ما عدا ذلك فهذا يسعدني كثيرا كوني استطعت أن أوصل هذا التراث للناس الذين أحبوني بهذا اللون الغنائي.

ما الذي أضافه هذا التراث لثقافتك الموسيقية، بمعنى آخر ماذا استفدت منه موسيقيا؟

استفدت منه الكثير طبعا، لأنك عندما تؤدي فنا تراثيا عريقا، فهذا يمنحك إمكانية الانفتاح على أنواع أخرى من الموسيقى التراثية العريقة و العالمية أيضا. عملت في مشاريع كثيرة جمعتني مع فنانين من مختلف بلدان العالم ، هناك فنانون يهود و نصارى و مسلمين من إيران و باكستان وغيرهم. التقيت بكل هؤلاء من خلال مشاركتي في ملتقيات فنية تراثية جمعتني بأشخاص من ثقافات مختلفة كانوا يمثلون بلدانهم في محافل دولية. كنا نشتغل سويا فيما يعرف بتلاقح الثقافات. و بالمناسبة أتوجه بالشكر و الامتنان لوالدي اللذين جعلاني ألج معهدا موسيقيا لتعلم الموسيقى بطريقة أكاديمية سليمة.

المتتبع لمسارك و لقاءاتك الصحفية يستشف أنك صريحة و صادقة جدا، ماذا كلفك ذلك ؟ فنيا و إنسانيا؟

أعتقد أن كل الناس اليوم في كل المجتمعات، اللهم التي تحاول أن تتحرر من التمثلات و الصور النمطية، يعانون من من هذه الصور النمطية ، التي تفرض عليك أن تقول كذا و تمتنع عن قول كذا.. بالنسبة لي أعتقد أنني متمردة بطبعي كإنسانة أولا قبل أن أكون فنانة، و أحاول دائما ألا أعبر عن هذا التمرد إلا من خلال الموسيقى، التي أتمنى أن تكون متمردة، صريحة و صادقة و تشبهني، و بالتالي فأنا ملتزمة دائما بالصدق و الصراحة مع نفسي أولا قبل أن أكون مع الآخرين، وأحب أن أرى ذلك ينعكس على شخصيتي الفنية كذلك. طيلة تجربتي في الحياة، استنتجت أن الصراحة و الصدق بقدر ما يجعلان أشخاصا يبتعدون عني، بقدر ما يكسبانني أصدقاءا من الصعب العثور عليهم في وقتنا الحالي.

من هم مطربوك المفضلون في المغرب و خارج المغرب؟

هناك كثيرين، يصعب تحديدهم أو ذكرهم بالأسماء، الفنانون من الجيل القديم طبعا، خاصة محمد الحياني رحمه الله الذي أعتبره واحدا من أروع الأصوات التي مرت في الموسيقى المغربية، ثم الفنانة القديرة نعيمة سميح والفنانة حياة الادريسي، التي أوجه لها التحية، وهي من بين الفنانين الذين يدلون بشهادات جميلة في حقي، وهناك طبعا آخرون لا يتسع المجال هنا لذكرهم جميعا، أما خارج المغرب، فأنا عاشقة للفنانة السورية أصالة، و أظن أنها الفنانة الوحيدة التي حاولت تقليدها عندما كنت صغيرة، دون أن أنسى طبعا، إعجابي الكبير بالشاب خالد، و الحقيقة أنه ليس فناني المفضل فحسب، لكنني أراه أيدول و نموذج للفنان العربي الذي استطاع أن يحقق صيتا عالميا بأن يوصل أغنية الراي للعالمية، كما أنه يؤدي أغاني تراثية يهودية قديمة.

هل تعزفين على آلة موسيقية؟ إذا كان الجواب نعم أي آلة و إذا كان لا ماهي آلتك المفضلة التي كنت تتمنين أن تعزفي عليها؟

نعم أعزف على آلة البيانو، رغم أن مستواي لازال متوسطا، بحكم انقطاعي لسنوات طويلة عن العزف، لكنني في الآونة الأخيرة، قبل حلول سنة 2022 بفترة قصيرة، استأنفت العزف من جديد على الآلة. أما الآلة المفضلة لدي فهي الساكسفون و trempette‪”،” . لدي آلةصغيرة، هي في الواقع ليست آلة ولكنها لعبة، وهي مفاجأتي للجمهور خلال أغنيتي القادمة على شكل فيديو كليب، صوتها يشبه صوت الساكسفون

هل تعملين في الحفلات و المناسبات الخاصة؟ وما موقفك من الفنانين الذين يعملون في العلب الليلة (علما أن من بينهم مواهب جميلة ورائعة)؟

طبعا إذا طلبني أحدهم في حفلة أو مناسبة خاصة، فإني ألبي الدعوة، شريطة أن يكون بشكل محترم، و ألا يعرضني لأي نوع من أنواع الإهانة، أما موقفي من الفنانين الذين يعملون في العلب الليلية، فأن أيضا اشتغلت في هذا الإطار، في الحقيقة سبق وعملت في مطعم محترم، وكان الفنان رامي عياش شريكا فيه، حيث سمع صوتي بالصدفة عندما كنت أتناول العشاء هناك، وطلبوا مني أن أؤدي أغنية و فعلا استجبت، بعد ذلك اقترح علي أن أؤدي وصلة غنائية مدتها نصف ساعة فقط بنفس المطعم. كنت أغني دائما بذات الزي التقليدي، القفطان المغربي. بالنسبة للمكان فهو راق ومحترم مقابل مبلغ محترم جدا. و بالتالي لست ضد من يغني في مطعم أو علبة ليلية طالما أن ذلك لا يمس بكرامة الفنان.

ماهي التكلفة أو الثمن الذي دفعته عبير الإنسانة لتكون فنانة؟

في الحقيقة ما من ثمن يذكر إلا أن صراحتي و تعاملي الشفاف يكونان أحيانا عائقا في مسيرتي الفنية، سيما أن المجال الفني فيه أشخاص سيئين وفيه أشخاص لطفاء كذلك، و ما أكثرهم، وبحكم شخصيتي و طبيعتي أميل أكثر لهذه الفئة الأخيرة، رغم الثمن الذي أؤديه فنيا، إلا أنني أفضل أن أكون صريحة و صادقة على أن أكون منافقة رغم المكاسب التي يمكن أن تأتيني من مصاحبة بعض الأشخاص.

ماذا تمثل بالنسبة لك مدينة طنجة؟

طنجة هي الحبيبة. هي كل شيء. هي مسقط الرأس، علما أن والداي ليسا من طنجة إطلاقا، فأبي أصوله من مدينة تازة، و أمي من مدينة وزان، لكنها ولدت و ترعرعت في مدينة فاس. في طنجة كونت علاقات و صداقات وراكمت تجارب و عشت أجمل اللحظات..

هل يمكن أن تعيشي خارجها؟ لماذا؟

طبعا يمكنني العيش في مكان آخر بعيدا عن طنجة، مكان يحفظ لي كرامتي و أشعر فيه بالأمان، سواء تعلق الأمر بالمغرب أو خارجه.لسبب واحد ووحيد هو أن طموحي لا حدود له، و إذا رأيت أن تحقيق أحلامي ومشاريعي سيكون من خلال السفر عن الوطن الأم، فإنني لن أتردد، طبعا مع الحفاظ على الحنين دائما للوطن و للحبيبة طنجة.

 

About Post Author