سناء عماد الدين : التشخيص المبكر يساعد على علاج مشاكل النطق عند الأطفال

مغربيات

يعاني العدين من الأطفال و حتى البالغين من عسر في النطق، إما لأسباب نفسية أو عضوية، مما يتطلب تدخل مختص في تقويم النطق لديهم، حيث ينصح بالإسراع بالكشف المبكر لتفادي تفاقم الوضع، و ضمان علاج فعال وناجع‫.‬

للحديث عن أسباب مشاكل النطق و طرق علاجها، ‫“‬مغربيات‫“‬ تواصلت مع سناء عماد الدين المختصة في تقويم النطق بمراكش و أجرت الحوار التالي ‫:‬

“مغربيات” : ماهي أسباب مشاكل النطق عند الأطفال؟ وهل ترتبط بسن معين؟

قبل التطرق لأسباب مشاكل النطق عن الأطفال، ينبغي أولا معرفة ما إذا كان الطفل يعاني أم لا من أية مشاكل صحية وذلك بالرجوع إلى تتبع جميع المراحل منذ الحمل و إلى ما بعد الولادة‫، ‬لأن هذه كلها أسباب مباشرة قد تؤدي إلى حدوث مشاكل في النطق، و التي قد تظهر شهورا أو سنوات فيما بعد‫.‬ و بالتالي ينبغي التأكد أولا من ما إذا كان الطفل لا يعاني من أية إعاقة يمكنها التأثير في قدرته على النطق، كإعاقة ذهنية أو غيرها‫.‬ ثم تأتي مرحلة التمدرس وتحديدا مرحلة التعليم الأولي، حيث ينتقل الطفل من التعلم داخل المحيط الأسري إلى مرحلة جديدة يجد فيها أطفالا من نفس عمره

بإمكانيات ومعارف أخرى، الشيء الذي يتطلب منه بذل مجهود للتأقلم مع المحيط الجديد الذي يمنحه فرصة متابعة مسيرته في التعلم و الكلام، و كل ما سيحتاجه خلال المراحل اللاحقة‫.‬ إذن بالنسبة للطفل الذي اجتاز كل هذه المراحل بشكل منتظم و سليم، يمكن الجزم أنه في سن السادسة يصبح قادرا على المرور للقسم الأول من التعليم الابتدائي بدون مشاكل، سيما و أنه يتوفر على رصيد لغوي و معرفي و إمكانيات ومكتسبات تعلمية، تمكنه من تعلم القراءة و الكتابة بالاعتماد على المكتسبات التي راكمها خلال المرحلة الأولية‫.‬ أما في حال وجود إعاقة و التي قد تكون صمم ناتج عن تشوه خلقي يؤثر بشكل مباشر على النطق و الكلام، أو إعاقة ذهنية تعيق المكتسبات التي يحتاجها الطفل في المراحل الاولى من حياته، حيث يبدي تأخرا ملحوظا مقارنة بالأطفال من نفس سنه، فأحيانا يكون متأخرا بشهر أو شهرين فقط، فما بالك عندما يتعدى الأمر ذلك بسنة أو أكثر‫، آنذاك يبدأ الأخصائي ‬في البحث عن الأسباب و تشخيص الحالة و تحديد البروتوكول العلاجي‫.‬ هناك مثلا إعاقات تتعلق بالثلاثي الصبغي21‫.‬ بالنسبة لهذه الحالات نحن نعرف بشكل مسبق بأن هؤلاء الأطفال سيعانون من مشاكل في المشي و الحركة و النطق وغيرها من المعيقات، و بالتالي ينبغي التدخل بشكل مبكر لضمان النتائج، التي يمكن من خلالها إدماج الطفل في محيط مدرسي عادي، مع أطفال عاديين، يستطيع عبره أن يساير بشكل عادي عملية التعلم‫.‬ ثم هناك مشكل أساسي أود التطرق إليه وهو تعرض الأطفال بشكل مفرط للشاشات الالكترونية، ما يجعلهم مجرد مستهلكين للصور و الأصوات دون أن يتمكنوا من التفاعل معها بشكل صحيح و سليم، حيث يغيب التواصل‫.‬ أحيانا يكون الطفل للأسف يتمتع بإمكانيات جيدة و بمعدل ذكاء تستطيع الأسرة المدرسة أن يستثمراه فيما بعد نحو الاتجاه الصحيح، لكن للأسف الملاحظ أن بعض الآباء يتركون أبناءهم عرضة لهذه الشاشات التي قد تتسبب في حصول ما يسمى ب‫“‬طيف التوحد‫“‬ أو ‫“‬أطفال الشاشة‫“‬ وهو ما يسبب مشاكل في النمو لديهم منها الحركة المفرطة وعدم الانتباه و ضعف التركيز ‫.‬

في أي سن يمكن التأكد بأن الطفل يعاني من مشاكل في النطق؟

بالنسبة للسن، هناك معايير نعتمدها كمرجع لمعرفة ما إذا كان الطفل يعاني من مشكل ما، من خلال تتبع مراحل نمو طفل طبيعي لا يعاني من اية إعاقة كيفما كانت‫.‬ ففي سن ثلاث سنوات ونصف مثلا يكون الطفل قادرا على فهم و استيعاب اللغة التي نتحدث معه بها، كما يستطيع أن يتفاعل و يجيب‫.‬ هناك شيئان أساسيان مرتبطان أولا بالنطق و الفهم‫ : ‬ مثلا إذا كان طفل في سن سنتين ونصف غير قادر على أن يسمي أشياء ولو بكلمة واحدة، أو كأن يعبر عن رغبة معينة بالاعتماد فقط على الإشارة دون نطق، فهنا يطرح السؤال حول ما إذا كان يعاني من مشاكل تستوجب التدخل الطبي‫، ثم هناك ‬الطفل في سن ثلاث سنوات الذي يكون قد دخل في مرحلة إثبات الذات و يقدر على أن يعبر عما يريد عن طريق استعمال ‫“‬أنا‫“‬ كما يستطيع أن يعبر عن رفضه لأشياء باستعمال ‫“‬لا‫“‬، إذن هذا طفل قادر على فرض وجوده بالكلام و تكوين جمل يعبر من خلالها عما يريده، أما بالنسبة للطفل الذي يفرض وجوده بالسلوك دون الاعتماد على اللغة، هنا يتوجب على الآباء أن يطلبوا استشارة طبية في هذه المرحلة العمرية، والنظر ما إذا كان الطفل قادر على التعبير عن رغباته و رفضه أم لا‫، سيما أنه خلال‬ تلك المرحلة يكون قد ولج إلى التعليم الأولي، مما يتطلب منه التواصل مع المربية بشكل صحيح و استيعاب ما يعرض عليه أثناء العملية التعلمية‫.‬ إذا لاحظ الآباء أن طفلهم يعاني من مشاكل في النطق في هذه المرحلة عن طريق المقارنة مع طفل في مثل سنه من المحيط العائلي، آنذاك وجب التوجه نحو الطبيب و طلب الاستشارة‫،‬ حيث يقوم هذا الأخير بفحص سريري من أجل معرفة أسباب هذا العسر، وما إذا كان مرتبطا بصمم‫ (‬ معروف أن الطفل الذي لا يسمع لا يمكنه أن يتكلم‫)‬، ثم تحديد البروتوكول العلاجي الذي يتلاءم و احتياجاته‫.‬

هناك اطفال  لا ينطقون بعض الكلمات بشكل جيد. هل هم في حاجة لتقويم النطق؟

يجب أن نعرف أن أسباب صعوبات النطق كثيرة ومتعددة. قد يكون التأخر عاديا، حيث ينطق الطفل لكن بطريقة غير سليمة كأن يرتب الكلمات داخل الجمل بشكل غير صحيح ،  لكننا مع ذلك نكون قادرين على فهمه،  ثم هناك أطفال ينطقون كلمات غير مكتملة مثل ‫“‬لغة الرضع‫“‬ l‫e langage de bébé “. لذلك تكون لغته مفهومة فقط في محيطه الأسري بحكم أنه المحيط الذي يقضي فيه معظم الوقت‫..‬ و بالتالي إذا كان هذا الطفل يستطيع أن ينطق الحروف بشكل جيد خارج سياق الكلمات، فهنا يمكننا الجزم بأن الأمر يتعلق بتأخر فقط في الكلام‫ و اللغة. أما إذا كانت هناك صعوبة في نطق بعض الحروف فقط‬ دون سواها، سواء داخل الكلمات أو بمعزل عنها، آنذاك وجب القيام بفحص و إخضاع الطفل للمقارنة مع أطفال في مثل سنه لمعرفة مرحلة نموه أولا، و للتأكد ما إذا كان الأمر يتعلق بتأخر لغوي أو تأخر في النطق أو هما معا، ناتج عن خلل في النطق‫.‬ ونفس الشيء بالنسبة لوجود خلل في النطق الذي يمس بعض الحروف التي لا ينطقها الطفل بشكل سليم، وفي هذه الحالة يستحسن علاجه قبل أن يصل إلى مرحلة التمدرس‫، لأنه ببساطة سينطق الحروف بالشكل الذي يسمع فيه نفسه يرددها، مثلا إذا كان ينطق ‫“‬شين سين‫“‬ و ‫“‬جيم زاي‫“‬ آنذاك سيصبح لديه مشكل آخر مرتبط بعسر القراءة، و بالتالي سيغير معنى الكلمات التي يقرأها، أو وربما سينطق كلمات تكون موجودة لغويا و لكنها ليست هي المناسبة للمعنى المطلوب، أو ينطق كلمات غير موجودة أصلا في اللغة، وبالتالي سيقرأ اللغة بشكل غير سليم أو سيتعذر عليه فهم ما يقرأه، ومن هنا ننصح الآباء و المربين في المدرسة أن ينتبهوا لمثل هذه الحالات ، حتى يتمكنوا من التوجه للمختص في التقويم‫، الذي يعتمد بروتوكولا علاجيا يتماشى وحاجياته و حالته. ‬

ثم هناك حالة التوحد، التي يتميز فيها الأطفال بسلوك غريب شيئا ما، حيث يصعب على الطفل التحدث و يكتفي فقط بالإشارة، أو كأن يرى بطرف عينه فقط، أو يقوم بحركات بيديه، أو كأن يصم أذنيه عن الضجيج لأنه لا يتحمله، و قد يقفز في مكانه بشكل ملفت، هذه كلها علامات ينبغي الانتباه لها، وأهم شيء هو عدم التأخر في طلب الاستشارة‫، لأنه كما سبق و أشرت كلما تأخرنا في التشخيص كان العلاج بطيئا، و يتطلب تدخلا متعدد الاختصاصات، وقد نحتاج لمُرافِقة مختصة تلازم الطفل حتى داخل المدرسة، لهذا ينبغي تجنب تفاقم الحالة. ‬

ماهي الوسائل و الآليات التي تستعمل في تقويم النطق؟

كتشخيص أولي، نقوم بفحص دقيق لمعرفة الرصيد المعرفي و اللغوي لدى الطفل، طريقة النطق و مخارج الحروف و القدرة على تكوين الجمل، الذاكرة و مستوى الذكاء‫ وغيرها من المهارات و المكتسبات،‬ إذن هذه كلها معطيات نقوم بتقييمها لمعرفة ما إذا كان الطفل يحتاج لتدخل علاجي أم لا‫.‬ نحن كمختصين في تقويم النطق نتدخل في تقويم مشاكل النطق و اللغة‫.‬ هناك أطفال يعانون من عسر القراءة‫، و‬ في هذه الحالة نقوم بفحص شامل يساعدنا على معرفة ما إذا كان هناك مشكل بالفعل، كما نقوم بتحديد درجته ‫(‬ضعيف‫، متوسط أو حاد). ‬هذا الفحص نعتمده كذلك بالنسبة للأطفال الذين يعانون من مشكل التأتأة وهو مشكل يعاني منه العديد من الأطفال، و يمكن اكتشافه في وقت مبكر، لأنه للأسف هناك بعض الآباء الذين لا يلجؤون إلى المختص إلا بعد وقت طويل من اكتشاف الحالة ‫(‬6 سنوات فما فوق‫)، مما يجعل العلا.‬ بالنسبة للأطفال الذين يعانون من مشاكل ذهنية مثل ‫“‬ثلاثي الصبغي21 ‫”‬ كما قلت أو إعاقة في السمع، هؤلاء ننصح الآباء بالإسراع في طلب التدخل، لأنه كلما كان الفحص مبكرا كان العلاج أنجع‫.‬ أما فيما يخص الوسائل التقنية المعتمدة فهي فعالة وتختلف حسب كل حالة، كما نقول الوسائل تختلف لكن الغاية تبقى واحدة، وهي الحصول على علاج فعال وناجح‫.‬

من هي الفئة التي تُقبل على العلاج؟

طبعا كل الفئات الاجتماعية من الذين يعانون صعوبات في النطق أو التعلم‫.‬ لكن ينبغي أن نعلم شيئا أساسيا وهو أن هذا التخصص يعتبر جديدا و المغرب حديث العهد به‫.‬ أغلب الناس لم يكونوا مدركين لأهميته حتى حدود السنوات الأخيرة‫، تقريبا‬ خلال العشرين سنة الأخيرة، بدأ هذا الاختصاص يحظى بالاهتمام و بأهمية‫ تدخل المختص في تقويم النطق.  في البداية كانت فئة من الناس من الذين لهم وعي بأهمية العلاج‬ هم من يقبلون عليه، حيث كان يعتبر ترفا وليس ضرورة، إلا أنه في الآونة الأخيرة أصبح الناس يتوافدون على عيادات مختصي تقويم النطق، بحكم التعرف على أهميته أكثر عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي،‫ ولا ننسى الإعلام أيضا الذي كان له دور جيد في التعريف بهذا الاختصاص‫.‬ اليوم أصبح الناس يتحدثون عن صعوبة النطق و التعلم والتوحد وغيرها من الاختلالات التي تصيب الأطفال، دون أن ننسى الجمعيات التي تعنى ببعض الفئات مثل جمعيات ثلاثي الصبغي21″‬ أو التوحد أو ‫“‬الصم و البكم‫“‬، ومن هنا أصبح الناس أكثر انتباها لأطفالهم و لبعض المشاكل التي قد يعانون منها والتي تتطلب تدخلا طبيا لعلاجها في وقت مبكر وقبل فوات الأوان‫.‬ بالنسبة لي كمختصة في هذا المجال يمكنني الجزم بأنني أستقبل كل الفئات الاجتماعية، سواء كانت فقيرة أو غنية، بغض النظر عن مستواها التعليمي، وهذا في حد ذاته يعد أمرا جيدا لأن أغلب الناس حصل عندهم وعي بأهمية التدخل الطبي في حال كان الطفل يعاني من مشاكل في النطق من أجل ضمان نموه بشكل طبيعي‫.‬

إلى جانب المختص(ة) في تقويم النطق، من هي الجهات التي يمكن أن تنخرط في العلاج؟

غالبا عندما يلجأ الأبوان للمختص، يكونان قد استشارا سلفا مع طبيب الأطفال، الذي ينصح بالتوجه للمختص في النطق، و أحيانا قد يلاحظ الأب أو الأم أن طفلهما يعاني من مشاكل في النطق فيتوجها مباشرة إلى المختص.‬ نحن كمختصين نقوم بالتشخيص بناءا على المعطيات المتوفرة، حيث نخضع الطفل لاختبار لمعرفة ما إذا كان يتوفر على كل المكتسبات و المهارات التي ينبغي أن تكون لديه في تلك المرحلة العمرية، حتى إذا تبين أنه يعاني من مشكل في النطق، ننتقل إلى معرفة ما إذا كان يعاني من مشكل نفسي أو فرط في الحركة، آنذاك نوجهه نحو الطبيب النفسي الخاص بالأطفال، هذا الأخير يقوم بفحص لتشخيص الحالة، لمعرفة ما إذا كان  في حاجة لأخذ الدواء بالموازاة مع الترويض أم لا‫، خاصة و أن‬ هناك بعض  الأطفال الذين لا يمكن إخضاعهم للعلاج قبل تقويم سلوكهم وجعله مستقرا، خصوصا إذا كانوا مفرطين في الحركة التي يتعذر معها إجبارهم على الجلوس وإخضاعهم للعلاج‫.‬أحيانا قد يطلب المختص النفسي استشارة من طبيب في ‫“‬الحسي الحركي‫” ( psychomotricité)‬ لمعرفة أسباب الحركة المفرطة لدى الطفل، وهنا نتبع بروتوكولا علاجيا متعدد الاختصاصات‫.‬ قبل البدء بالعلاج ينبغي توفير تعدد الاختصاصات لأن كل واحد منها يكمل الآخر‫.‬ إذن فالطفل يكون هو مركز كل هذه الاختصاصات، التي يعمل كل منها بشراكة مع الآخر، وطبعا هذه الحالة لاتكون دائما لدى جميع من يعانون من مشاكل في النطق، حيث أحيانا يكون تدخل مختص النطق كافيا لتقويم الحالة‫.‬

هل كل الحالات قابلة للعلاج؟

مثلما سبق و أشرت إلى ذلك، تماما كما هو الشأن بالنسبة للعديد من الأمراض عندما يكون التشخيص مبكرا فإن العلاج قد يكون ناجحا بنسبة 100٪، إلا أنه كلما تأخرنا في التشخيص والتدخل كلما تفاقمت المشاكل أكثر، لذلك ننصح الآباء و الأمهات بالتوجه نحو المختص فورا إذا لاحظا أن طفلهما يعاني من مشاكل في النطق أو تأخر في الكلام‫.‬ ففي مثل بعض الإعاقات مثل ‫“‬ثلاثي الصبغي21‫”‬ أو الصمم، نكون علة علم  مسبقا بأن الطفل سيعاني من تأخر في الكلام، طبعا هذا لا يمنع من استشارة المختص الذي يتدخل وهو بعلم بأن هذا الطفل الذي يعاني من مثل هذه الإعاقات أكيد سيكون لديه تأخر عن باقي أقرانه‫، وفي هذه الحالة يصبح من النادر جدا أن يعطي التدخل العلاجي نتائج بنسبة 100٪، أما إذا كان الطفل لا يعاني من أية إعاقة تذكر و متأخر في الكلام، فهنا غالبا يكون العلاج فعالا و يعطي نتائج مرضية، شريطة أن يكون التشخيص مبكرا، و يكون التعاون طبعا ما بين الطبيب و المدرسة و الأسرةأما بالنسبة للحالات الصعبة فهي حتما تتطلب وقتا أطول و مجهودات أكبر و الأهم الصبر و المثابرة في تتبع حصص العلاج للحصول على نتائج مرضية، و حتى و إن لم نستطع الحصول على نتيجة بنسبة 100٪، فإننا قد نصل لنسبة 70 أو حتى 80٪، والهدف طبعا هو ألا يكون الطفل مهمشا و أن يكتسب بعض المهارات التي تمكنه من الاندماج بشكل صحيح في محيطه المدرسي و الأسري. ‬ .

هل هناك إجراءات استباقية أو وقائية لتفادي هذا المشكل؟

إذن كما سبق و قلت من قبل، ينبغي أن يكون الآباء واعين وملمين بالعديد من الأمور المرتبطة بنمو الطفل الطبيعي، سواء فيما يتعلق بالمشي أو النطق وغيرهما، لأن بعض أولياء الأمور يكونون غافلين وليست لهم دراية كافية بمثل هذه الأمور، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بطفل أول، حيث لا ينتبهون إلى أمور رغم أهميتها، حتى ينبههم أحدهم من المحيط العائلي أو صديق‫.‬ نصيحتي للآباء هي أن يحاولوا التحدث مع أطفالهم حتى وهم رضع، لأن الطفل يرى و يسمع ويتفاعل مع محيطه رغم عدم قدرته على الكلام، فهو إما يتواصل بابتسامة أو حركة، إذن هناك تفاعل مع ما يقع حوله بتعبيرات صامتة حتى قبل أن يبدأ النطق‫.‬ الملاحظ أن بعض الآباء يضعون أطفالهم قبل أن يتموا سنتهم الأولى أمام جهاز التلفزيون أو لوحة الكترونية، دون تشجيعهم على التفاعل عن طريق الكلام، ومن أمة فإن الطفل يستقبل الكثير من الصور التي يخزنها دون أن يتمكن من الرد أو التفاعل‫،‬ وهذا الأمر من شأنه أن يحد من إمكانيات الطفل الأولية في الكلام‫، علما أنه يولد بإمكانيات يمكن تطويرها مع مرور الوقت. ننصح الآباء من تجنب وضع الأطفال ‬أمام أجهزة التلفزيون و اللوحات الالكترونية حتى يكملوا ثلاث سنوات ونصف على الأقل، حيث يكونون قادرين على الكلام و التفاعل و وإيصال المعلومة، طبعا مع تحديد وقت معين لذلك وليس بالساعات‫.‬ ثم هناك شيء مهم أريد أن أشيرإليه وهو أن مختص النطق، يمكنه التدخل في مراحل عمرية تتراوح ما بين 6 أشهر و 90 سنة وهناك عدة مشاكل مرتبطة بصعوبات في النطق قد نجدها عند البالغين و المراهقين كذلك مثل ‫“‬التأتأة‫“‬ ومشاكل ‫الصوت (la dysphonie) التي تكون إما وظيفية أو عضوية لدى البالغين الذين تعرضوا لجلطة دماغية تسببت في شلل نصفي قد يفقده القدرة على الكلام، أو الحسبة (l aphasie)‬ وبالنسبة لهؤلاء أيضا ينصح بالتشخيص المبكر لدى المختص في التقويم، لأن الدماغ يبدأ في البحث عن بدائل أخرى قد تفقد المريض بعض الإمكانيات التي قد تكون في مصلحته لو أن التدخل كان سريعا وبشكل مبكر‫.‬ نفس الشيء بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مثل ‫“‬الباركنسون‫“‬ أو ‫“‬الزهايمر‫“‬ أما يسمى بمرض ‫“‬شاركو‫“‬ وغيرها من الأمراض التي تتطلب تدخل مختص في تقويم النطق و الكلام و الصوت و السمع ‫.‬

About Post Author