سعاد عبد الرما.. رئيسة تعاونية “بلادي” التي تحدت “صلابة” الرحامنة

مغربيات

نشأت سعاد عبد الرما في ضيعة فلاحية بمراكش. قربها من الأشجار و الخضرة و الماء المتدفق من حولها خلق في نفسها هذا الوفاء للأرض، وهو ما دفعها لكي تنشأ تعاونية بلادي التي تعد واحدة من أكبر التعاونيات الفلاحية بجهة مراكش آسفي، تحتضن 485 متعاونة يعملن في تربية الماعز و انتاج الحليب و مشتقاته و زرع البذور و استنباتها و كذا خلق غابة مثمرة.. كلها مشاريع منتجة و مدرة للدخل تحدثنا عنها رئيسة تعاونية “بلادي” بمنطقة الرحامنة و رئيسة الجمعية الجهوية للنساء الفلاحات بجهة مراكش آسفي..

بصلابة صخور الرحامنة، تصر سعاد عبد الرما بكل عزيمة و تفان في أن تجعل الأرض التي ينظر لها عادة على أنها قاحلة تنطق بالخضرة و الحياة. همها أن تجعل من نساء الرحامنة نساءا قادرات على خلق مشاريع مذرة للدخل تقيهن عاديات الزمن. منذ أن استجابت لنداء الأرض قبل وقت طويل، و كانت الوجهة منطقة الرحامنة عاهدت نفسها ألا تنسحب من مشروع/ حلم ما لبث يكبر يوما بعد يوم بأرض تعرف شح التساقطات المطرية لكنها لا تخلو من خصوبة الإرادة التي تحملها نساء الرحامنة.

بمعمل صناعة الأجبان

جمعية بلادي

تعنى جمعية بلاديبتثمين التربة ‪و المواد الفلاحية‬ عن طريق الابتكار الذي يشمل المواد الفلاحية و الغذائية، و هي أشبه بشركة ذات أهداف اجتماعية، حيث تستعمل أحدث الوسائل التقنية و العلمية لتطوير المنتجات الفلاحية و الغذائية لتثمين الأرض و الحبوب، وهو أمر ليس بغريب على رئيسة التعاونية سعاد عبد الرما المتخصصة في الكيمياء الحيوية.

بالإضافة إلى ما تقوم به التعاونية فهي تعد كذلك مشتل للتعاونيات النسائية، حيث عملت على خلق تعاونيات أخرى، عن طريق دعمها كذلك بشراكات، فضلا عن دعم النساء المنخرطات من خلال استفادتهن بتكوينات لهن و لأطفالهن.

في غضون 2022 سيتم خلق غابة مثمرة، و التي سيصاحبها إنشاء دار الفَلاحةللتكوين و التأطير في المهن الفلاحية المبتكرة و تثمين المنتوجات الفلاحية بالنسبة للجهة شبه الجافة.

سعاد عبد الرما رفقة نساء التعاونية

المرأة هي الأرض

تقول سعاد لمغربيات : المرأة هي أكثر شخص قريب من الأرض، و هي أحرص من غيرها على البذور، مع تغير المناخ أصبحنا أكثر إدراكا أن الأرض تتطلب تعاملا فيه بعض العطف دون حرثها. يكفي أن نزرعها و كل ما جادت به مع الأمطار القليلة فهو يكفي مع الحفاظ على غطائها النباتي. نحن اليوم نعيش شحا في التساقطات المطرية و آن الأوان لكي نتعايش مع الطبيعة كما هي دون استنزاف للأرض“.

أمام تفاقم الأوضاع بسبب الجائحة استطاعت تعاونية بلادي أن تخلق شراكات مع وزارة الفلاحة و المبادرة الوطنية للتنمية و المكتب الشريف للفوسفاط من أجل التخفيف من وطأة الجائحة التي شلت عددا من القطاعات المنتجة.

وقد كان لهذه الشراكات دور فعال في دعم بعض المشاريع مثل استنبات البذور كالشعير و الحبوب التي كانت حاضرة بشكل كبير في المطبخ المغربي مثل : الحلبة وحب الرشاد و الحبة السوداء و زريعة الكتان وغيرها.

ولمواجهة ظروف الجفاف التي باتت تهدد القطاع الفلاحي بمختلف جهات المملكة، تؤكد رئيسة التعاونية، أنه تم أعتماد مشروع غرس مليون شجرة، من أجل تغيير الظروف المناخية و ضمان التساقطات المطرية التي تحتاجها المشاريع الفلاحية بقوة في المنطقة.

وفاء للأرض

الذكاء الجماعي

الذكاء الجماعي.. هذا المفهوم الذي تشربت سعاد عبد الرما معانيه منذ مرحلة مبكرة من حياتها ساعدها كثيرا في بلورة مشروعها الفلاحيو الاجتماعي. تقول الآن أصبح يدرس مفهوم الذكاء الجماعي في الجامعات، غير أنني أدركته في وقت مبكر من حياتي، لأننا كنا نمارسه بشكل يومي في بيتنا الذي كان يعج بالخضرة و الأشجار المثمرة، حيث كنا نحقق الاكتفاء الذاتي الغذائي في البيت دون أن نلجأ لاقتناء حاجياتنا من السوق. وهو ما رغبتُ دوما في تحقيقه من خلال مشروع فلاحي تستطيع النساء أن تخلقن منه تأمين الغذاء و الدخل لأسرهن.

اختيار منطقة الرحامنة بالنسبة لها لم يكن اعتباطيا، منذ ذهبت ذات يوم لاقتناء خروف العيد، وقعت عقدا وجدانيا مع المنطقة و عاهدت نفسها على أن تفي بالوعد الذي قطعته على نفسها، حين قال أحد أقربائها لأبيها الذي أنجب ابنا واحدا وسط البنات، إن الأرض التي زرعها لن تجد من يرعاها من بعده، وهي العبارة التي دفعت سعاد لكي تدخل في تحدي مع نفسها أولا قبل أن يكون مع الآخرين، و لكي تثبت أنها قادرة على رعاية الأرض و استخراج كنوزها التي لا يمكن إلا أن تأتي بالنفع لكل من أخلص لها.

مشروع لتربية الماعز

About Post Author