ساحة جامع الفنا تستعيد عافيتها على إيقاع الحكايات الشعبية

مغربيات

توافد العشرات من عشاق فن الحكاية و الحلقة، مساء أمس الأربعاء، على ساحة جامع الفنا لمتابعة عروض فنية متنوعة قدمها حكواتيون من مختلف الجنسيات ‫(‬الولايات المتحدة الأمريكية، انجلترا و المغرب‫) وسط الساحة،‬ من المشاركين في إطار مهرجان مراكش الدولي لفن الحكاية الذي انطلق في 12 فبراير الجاري وتتواصل فعالياته إلى غاية 20 منه‫.‬

وجاب الحكواتيون المغاربة و الأجانب برفقة ثلة من المثقفين و المتهمين بالحكاية، قبل الوصول إلى ساحة جامع الفنا، أزقة المدينة العتيقة في موكب استعراضي على إيقاع موسيقى “كناوة”، حيث اصطف المتفرجون على الجنبات وهو يتطلعون للمشاركين الذي انخرطوا في أجواء من الغناء و الرقص قبل الوصول إلى الساحة.

وأتحفت نساء حكواتيات من مختلف الجنسيات الحاضرين بعروض جملية، حيث سردن قصصهن باللغة الإنجليزية و العربية على جمهور الحلقة لأول مرة في ساحة جامع الفنا، في أجواء اتسمت بالتلاقح و التبادل الثقافي، وهو ما جعل جمهور الحلقة يلتف حولهن باندهاش. و أبرزت الحكواتيات قدراتهن في فن الحكي بكل ما يتطلبه ذلك من ضبط لتفاصيل الحكاية و تغير نبرة الصوت حسب الموقف، وهو ما أثار إعجاب الحاضرين. 

بدوره شارك سفير المملكة المتحدة بالمغرب سايمون مارتن بسرد حكاية أسماها “قصة حب”، حول رئيس الوزراء البريطاني السابق ونستون تشرشل الذي زار مراكش، بدعوة من الرئيس الأميركي روزفلت وافتتن بها، لدرجة وصفها في رسالة وجهها لزوجته، وقرأ السفير بعضا مما جاء فيها، وهو يدعوها لأن تزور المدينة، لأن هذه المدينة من أجمل ما رأت عيناه. 

الحكواتية حجيبة الأزلية

وعما إذا كانت ساحة جامع الفنا قد استعادت عافيتها بعد سنتين من الجمود الثقافي بسبب الجائحة، قال الإعلامي و الكاتب ياسين عدنان ل‫“‬مغربيات‫إن ساحة جامع الفنا بهذا البرنامج الذي يأتي في إطار مهرجان مراكش الدولي لفن الحكاية، قد أستعادت الحكاية لتكون في قلبها، باعتبار أن الساحة كانت فضاءا للحكاية (فنون القول) ثم تأتي باقي الأنواع الأخرى من الفرجة. ‬

كما اعتبر أنه بتنظيم مهرجان دولي لفن الحكاية بمراكش يستقطب حكواتيين من مختلف أنحاء العالم يمكن القول اليوم إن ساحة جامع الفنا قد استعادت جوهرها الثقافي‫.‬

الحكواتي “بابا سي” من الولايات المتحدة الأمريكية

بدوره أشاد الحكواتي عبد الرحيم الأزلية، في تصريح ل‫“‬مغربيات‫“‬ بالنسخة الأولى للمهرجان الدولي لفن الحكاية الذي تحتضنه مراكش، رغم أنه تأخر كثيرا، حيث كان يكتفي حكواتي مراكش بالمشاركة في المهرجان الدولي للحكاية الذي ينظم سنويا بالرباط، و كذلك في كل من زاكورة و صفرو و طانطان‫.‬

و أوضح الأزلية أن أحد طلابه الذين يتابعون دراستهم في مدرسة فن الحكي ، و التي يشرف فيها الأزلية و حكواتيين آخرين من جيله على تلقين 22 طالب، هو من قام بتوجيه دعوة للعديد من الحكواتيين في عدد من الدول، والذين أبدوا استعدادهم للمشاركة في فعاليات المهرجان، الذي تأخر كثيرا بالنسبة لمدينة مراكش، التي تعد الراعية الأولى للحكواتيين‫.‬

وأكد أن المهرجان على الرغم من كونه نظم في إطار ضيق، حيث لا تتعدى العروض قاعات صغيرة داخل رياضات محدودة، إلا أنه يعد نقطة ضوء وسط الجمود الثقافي الذي عرفته ساحة جامع الفنا خلال السنوات الأخيرة‫.‬

ودعا الأزلية المسؤولين عن الشأن الثقافي لالتفات للحكواتيين الذي يعانون في صمت، بعد أن لفظتهم الساحة التي امتلأت بأصحاب المأكولات و العصائر و باقي أنواع الفرجة، في حين لم يعد الحكواتي مكانه بها، بعد أن عم الضجيج و الصخب‫ أرجاء الساحة، علما أن الحكواتي لا يحتكم إلا على زاده من الحكايات و صوته الذي لم يعد يسمع لرواد الحلقة.‬

الحكواتي عبد الرحيم الأزلية

و عما إذا كانت المدرسة التي تم إنشاؤها لتلقين عشاق الحكاية من الجيل الناشئ الحكايات ، قال الحكواتي محمد باريز إن جيله من شيوخ الحلقة هم آخر من تبقى من فناني الحكي، و قد وُفِقوا في إنشاء جيل جديد حفظ عنهم الحكايات التي أصبحوا يروونها باللغة العربية و الفرنسية و الإنجليزية، لكنهم لن يكونوا بديلا عن جيل نبت في ساحة جامع الفنا، و بالتالي فإن فن الحكي الشفاهي العفوي الذي ولد في الساحة في طريقه إلى الاندثار لا محالة، و لا يمكن بأية حال من الأحوال أن يتم توقيف هذا القدر‫.‬

و أبرز باريز أن الوجه الأول للفنون الشفاهية هو الحكاية، على اعتبار أن الحلقة كانت عبارة عن مسرح في صيغته الأولى البدائية‫.‬

كما أبدى أسفه لكون الجيل الجديد، الذي ساهم رفقة آخرين في تكوينه و تلقينه فن لحكاية، لن يكون بمقدوره العمل في حلقة وسط جامع الفنا، رغم توفره على كل المؤهلات التي تمكنه من سرد الحكايات، حيث سيكتفي هذا الجيل بتقديم عروض داخل الفنادق المصنفة و الرياضات و المهرجانات و المدارس. و كعادته في ضرب الأمثلة و الاستعارات التي تشبع بها في فن الحكاية شبه باريز ساحة جامع الفنا بقطيع الغنم الذي تتربص به الذئاب، في حين الراعي غائب. 

الحكواتي‬ان محمد باريز و محمد الركيبي

جانب من الحضور

About Post Author