زهرة إد علي.. أيقونة الحوز التي لا تعرف الاستسلام

مغربيات : الحوز

بإرادة من حديد، تصر زهرة إد علي على إكمال مسار لم تختره لكنه اختارها. هي واحدة من النساء القل اللواتي لم تثنيهن الصعاب و لا الإخفاقات، في كل مرة كانت الضربة التي لا تقتل تزيدها إصرارا وعزيمة. هي ابنة الحوز البارة التي آمنت بمشروع نذرت حياتها له، رغم كل التحديات التي واجهتها، إلا أنها ترفع شعارا واحدا لا محيد عنه : نساء الحوز يستحققن حياة أفضل..
مغربيات تقربت من زهرة اد علي للخوض في تجربة استثنائية بكل المقاييس..

لم يكن مسار زهرة مفروشا بالورود، فقد قاست كثيرا وهي تتجول عبر الدواوير و المداشر لتقنع رجال القرى بترك زوجاتهم يستفدن من دروس محو الأمية التي كانت قد انخرطت فيها منذ تأسيس جميعة أفولكي. تقول زهرة “كنت أجد نفسي وحدي محاطة بعشرات الرجال نجلس في فناء البيت أو في قاعة الضيوف، بينما تكتفي فتيات الدار التي ننزل ضيوفا عندها بوضع طاس الماء عند المدخل. أشحذ كل الأسلحة الممكنة لإقناع الآباء بترك بناتهم يكملن تعليمهن، فالمنطقة كانت تسجل نسب مرتفعة في الهدر المدرسي في صفوف الفتيات”.

إصرار
وجدت زهرة نفسها مصرة على المضي في مشروع لم يعد ممكنا التراجع عنه رغم كل الصعاب. ليس من السهل أن تجالس فتاة من بنات المنطقة رجالاتها و تحدثهم عن أهمية الدراسة بالنسبة لبناتهم و دروس محو الأمية و تعلم الخياطة بالنسبة لزوجاتهم. مهمة لم يكن ممكنا أن تتحقق لولا هذه الإرادة و الجرأة و الثقة بالنفس، التي كانت زهرة تغذيها كل يوم حنى تنجح فيما سخرت له. تؤمن أنها إنما سخرت لكي يتحقق على يديها ما لم يكن ممكنا تحقيقه لولا إيمانها بمشروعها الذي لازال يكبر و يكبر ليشمل أكبر عدد من المستفيدات.
منذ 1999، عندما كانت زهرة تعود مساءا من عملها من مكتب للتصاميم الهندسية، كانت تجد بعض الجارات اللواتي كن ينتظرنها على أحر من الجمر لدرس محو الأمية. شيئا فشيئا توسعت دائرة المستفيدات حتى وصلت لما يفوق المائة مستفيدة، ما دفع بزهرة للتفكير في إنشاء جمعية تحمل اسم “أفولكي”.


زهرة إد علي في أحد الأنشطة

ما يناهز 800 جمعية وتعاونية نسائية..
اليوم أصبحت جمعية إفولكي تشرف على تأسيس ومتابعة ما يناهز 800 جمعية وتعاونية نسائية، بفضل الجهود التي تبذلها من حيث التأطير و التشجيع للنساء اللواتي يرغبن في خلق مشاريع مدرة للدخل، بل إن العديد من الجمعيات و التعاونيات الآن بإقليم الحوز باتت تشرف على مشاريع مهمة بدأت بحرف تقليدية كصناعة الشموع الملونة و الحقائب اليدوية التي تعتمد على سدادات القناني البلاستيكية كنوع من إعادة تصنيع مواد مستهلكة، إلى ان وصلت إلى غاية مشاريع سياحية، حيث تشرف نساء كثيرات اليوم على مشاريع سياحية جبلية، ما جعلها تفوز بالجائزة الوطنية “للا المتعاونة” في نسختها الثانية بمناسبة الثامن من مارس المنصرم و التي نظمتها وزارة السياحة و الصناعة التقليدية و النقل الجوي و الاقتصاد الاجتماعي كأحسن فكرة تطوير مشروع تعاوني نسوي بالجهة، و قد حظي المشروع بتثمين من قبل المهتمين، حيث أنه يطمح لتوسيع الطاقة الاستيعابية للإيواء و كذا الاهتمام بالتراث و الفلكلور، باعتبارهما مكونين أساسيين لهوية المنطقة، وكذا خلق فرص شغل، كما تؤكد زهرة إد علي رئيسة التعاونية.


زهرة إد علي في لقاء مع أبناء المنطقة

منذ البداية آمنت زهرة إد علي أنه لا تنمية حقيقة بدون إشراك المرأة القروية ووضعها في قلب السياسة التنموية للجماعات المكونة لإقليم الحوز، خاصة الحضرية منها وهي إقليم تحناوت و أيت أورير و أمزميز، وهو ما دفعها إلى التنسيق مع الجهات المسؤولة، في كل المشاريع التي رأت النور بالمنطقة، بفضل جمعية أفولكي، التي تدين لها اليوم العديد من بنات المنطقة بما وصلن إليه من مناصب مهمة، منهن طبيبات، استاذات ومهندسات مدينات لدار الطالبة بتحناوت و التي أصبحت فيما بعد رافد أساسي لدار الطالبة الحوز بإمكانية إكمال دراستهن الجامعية و التخرج بأعلى الدرجات.

طموح جارف
لازال في جعبتها الكثير و لازالت قريحتها حبلى بالعديد من المشاريع التي تأمل زهرة أن ترى النور. لها قدرة عجيبة على تتبع مسار رحلة لازالت لم تكتمل، و لازالت زهرة تطمح لأن تجعل من نساء منظقة الحوز، نساءا متحررات قادرات على الإعتماد على انفسهن و المضي قدما في أحلامهن و مشاريعهن دونما قيود و لا شروط، لأنها ببساطة تؤمن أن المرأة القروية إذا منحت الفرص المتاحة لمثيلاتها بالمدينة، فهي قادرة على تحقيق ما لا يخطر بالحسبان. على الرغم من ذلك تؤمن زهرة بأن التشبث بالتراث و الثقافة التي تزخر بها المنطقة، مع امتلاك أجنحة يمكن أن تحلق بهن النساء في سماء الخلق و الابتكار، كلها أمور قادرة على جعل نساء منظقة الحوز في صلب التنمية المستدامة المنشودة.


زهرة إد علي

About Post Author