زلزال الحوز .. رائحة منفى بقلم فاطمة المعيزي
بقلم فاطمة المعيزي
رائحة منفى
یسحبک الجنون لفوهة الموت دون أن تدري، تلتف بکرامته و یزعجک غیره إن کان یشبهه في الخطی ملتمسا لوجوده کل الأعذار المرتبکة، لکن للموت هذه المرة طقس قریب جدا من الغیاب فیک، یحجبک عن العالم ویجعلک جثة تطفو فوق السیاقات الممکنة لوجود یتضاءل بکیفیته المعهودة، و في الوقت الضاٸع من عمر نستهلکه في منفانا، یکون المنفی قد ولی هاربا من أقدارنا، منزعجا من احتمالات وجود ملتبس، و يكون الحب مرثية تناغي أحلامنا، أنا جزء من أحلام راکدة في ذاکرة زلزال یبحث عن شفاهي لیطبع قبلة بمسافة غفلة. زلزال یعیدني لنقطة الصفر لحساباتي ویثنیني عن خطط أمست الآن عقیمة .
وأنا أبحث عن عاشق یحضن خيبة رواٸية أحبت من خلقته بأطراف أصابع نحثتها خفیة عن خجل، بلون وردي لتتذکر سعادة الأمس في حضن ملتهب بأشواق امرأة ورجل بحجم عاصفة، رواٸية نسیت أن تحتفظ بأظافر قلمتها لتزداد زينة ، ولو ترکتها لربما نفعتها في حفر سجن أرغمتها الطبیعة علی دخوله حین قررت الأرض أن تنفض الکسل وتقوم إلینا متشمرة بکل الحبال الصوتیة المخیفة، . الرواٸية نفخت في من خلقت کریزمات نعش یمشي أفقیا دون أن یفاضل بینه وبین من یحمل من? ، نفخت من مدادها کل الجبروت الأرعن الذي یبکي کلما طال به الصمت لیجري في عروقه مجری الأحمر القاني لیلة بعث .
ما أروعک یا أحلام وأنت تتألهین وتجعلین رجلا یفقد نشوة رجولته علی ورق مقوی یمیل لونه لصفرة الشمس وضجیح الأعراس ، تقتلعین الحیاة من بین السکون لیضج العالم بالکثير من ماهیات الفرح المسربل علی أذرع تلوذ بأجساد ملتهبة في عز السفر الأبدي، تضمین الحروف لصدرک لینز حلیبا بلغة تسیل لحنا ملاٸكيا یعلمک یقین السعادة، وأسایر زوربا الیوناني حین قال “
إن الإنسان قلما يحس بالسعادة وهو يمارسها, فإذا ما انتهت سعادته ورجع ببصره إليها أحس فجأة وبشيء من الدهشة في بعض الأحيان بروعة السعادة التي كان ينعم بها” و أضیف للحن قصیدة یا أحلام، تشق طریقها في جبل انتفض لیضع حمله قبل شهوره المعدودة لیکتمل المخاض کقمر بوجهه الصبوح، و الأمنیات التي بالقلب تحمل وعکةالعناق کأنصاف حلول میتة ، آه یا أحلام حین تصدع الجدار الصغیر بفوضی الحواس، أهرقت خوفي في كل خلایاي وتمرغت مکرهة في وحل الفجیعة لأجدني في النفخة الأولی لا أعرفني، و ما الخوف إلا غریزة تبقی أكثر قوة من غریزة الحیاة، ألم یکن الخوف کالإقبال علی شهوة مسروقة في لیلة تغتي احتراقها? أو قبلة من خارج الصور تلتهم شبق جوعها بدون شهیة? خذیني کامرأة تجاوزت سن الغرور واعتکفت في صوفیة أنوثة تتجاذب حریة حبرها و جنون قلم یغریها بخطایا جسد، فینتهک حرمة السقوف لیشبع فضول الغزو مابین عشاءين.
السقوف? أقلت السقوف? تربکني السقوف کلما احتمیت بریعها، أذکر في هذه اللحظة بالذات، وأنا أجثم علی فوضی الحواس بحواسي الخمس، مستلقیة علی جریمة تعدني بالإنفجار دون وعکة ضمیر، وسمفونیة جمعت الأرض أوصالها لتصرخ في كل آذان البشر.
زغرودة للموت قادمة من أعماق الأرض. أسندت رأسي وترکت سریري الوفیر للغبار القادم المحمل براٸحة الموت. في البدء ، ظننت أن أحدهم قد استعمل آلة هدم لجدار ما في إنسانیته لایلیق بالإنسانیة.
اللیل في بدایته ، وعدني بقیامة من نوع آخر ، قیامة تسبق المترقب الأخیر في هذا العالم ، وما أدراني بالساعة أنا? لیل ناصع البیاض لجل ساکنة مغرب لطالما عاهدته الطبیعة علی الحب ولا شيء سواه، الصوت یتعاظم کما تتعاظم فینا رغبة البقاء، صوت قادم من جوف أرض یحمل أطیاف الهلع علی أجنحته، وۭلا یثقن الحب ولا یلقي السلام، صوت یختلف عن کل الأصوات التي عرفتها الخلیقة وتلک التي یتعاظم بها غرورنا کبشر فوق الطبیعة. جسدي یهتز، یتدحرج من رکن لآخر، یتضاءل ککرة سلة أهملها لاعب فاستدارت للجهة المخالفة لکل ظنونه، الصوت یتعاظم أكثر فأكثر ، فأكثر وأعصابي تتشنج، أنا الأخری أفقد السیطرة علی فاطمة، وأترک ید أحلام تفلت من یدي، وکل فوضی حواسها تفقد الإحساس بحواسي، أنتصب واقفة وخمرة الخوف تفرغني مني کغربة میت في قبر لا یجد فیه بقایاه، أحلام تمشي وهي مستلقیة علی بدعة أن القوة بید الإنسان، تخذلنا حواسنا معا ونستکین مقتولات في خلایانا، والمنزل …. المنزل بقامته یتقزم ویشرع في رقص مجنون لا تطاله لا یدي ولاید أحلام، أرقص معه مجبرة ، أصرخ…. زلزااااااال ، زلزاااااااال، یستیقظ ما بقي من أرواح ، نخرج مع البقیة لمساحة بالقلب واسعة، یرتفع صوت داخلنا یستهزٸ بالذین یعمرون الأرض بجبروتهم، بکبریاٸهم، بأحلامهم التي تفوق أحلام الأرض حین یصیبها الفرح وترغب في التعبیر عنه بکیفیتها، تنهال الرساٸل الإلکترونیة لمن کان یحمل في هروبه محمولا، کل المدن ترقص عاریة علی موسیقی تجز الخوف من ذواتنا لنموت کالعراٸس المحملة بسعف النخل، موسیقی تعزفها منطقة الحوز بعدما اختفت الأورکتسرا في أعماق الجبال وتدروشت وهي تفرغ تحت التراب أكیاسا من التراب.