دراسة تكشف عن أرقام صادمة في العنف المبني على النوع و تزويج الطفلات بجهة مراكش
مغربيات
في إطار الأيام الأممية لمناهضة العنف و الحملة الوطنية لتغيير مدونة الأسرة، نظمت فدرالية رابطة حقوق النساء بجهة مراكش، بشراكة مع جامعة القاضي عياض، أمس الأربعاء، مائدة مستديرة في موضوع “العنف المبني على النوع و تزويج الطفلات بجهة مراكش، أسفي“، حيث تم تقديم نتائج دراسة كشفت عن مجموعة من المعطيات و الأرقام، التي رأى المشاركون خلال اللقاء أنها صادمة و أصبحت تتطلب تظافر كل الجهود للقضاء على ظاهرتي العنف ضد النساء و تزويج الطفلات.
بحسب الدراسة التي تم تقديمها فإنه خلال سنة 2021، 61،51٪ من النساء المستجوبات تعرضن لنوع من العنف، منهن 42،25٪ تعرضن للعنف مرة واحدة، و 31،02٪ منهن تعرضن للعنف مرتين أو ثلاثة و 26،74٪ تعرضن للعنف أربع مرات أو أكثر.
بالنسبة لمكان وقوع العنف، فإن 73،33٪ من أشكال العنف تكون داخل بيت الزوجية، و 10،2٪ في الأماكن العامة، و 10،1٪ في أماكن العمل، و 6،67٪ في أماكن مخصصة للتكوين.
كما تشير الدراسة إلى أن 62،34٪ من النساء و الفتيات المستجوبات يعتقدن أن نسبة العنف قد ارتفت خلال فترة الحجر الصحي، و أن 25،25٪ منهن لا يقمن بالتبليغ عن هذه الأفعال المجرمة، وذلك لعدة أسباب منها : 62،12٪ الخوف من الانتقام أو من الضغط الممارس عليهن من طرف العائلات و المجتمع تحت غطاء العادات و التقاليد، و 7،32٪ الخوف من الفضيحة و العار، و 11،63٪ حماية العائلة و الأطفال من التشرد.
و بشأن رأي المستجوبات في قانون العنف، تشير الدراسة إلى أن 63،4٪ منهن يجدن أن التدابير المتخذة لمحاربة العنف ضد النساء والفتيات تبقى محدودة جدا وغير كافية للقضاء على هذه الظاهرة، و يؤكدن على ضرورة تعزيزها بقانون إطار عوض القانون 103 ـ 13.
فيما يخص أسباب العنف، 19،37٪ من المستجوبات يرجعنه إلى التعاطي للكحول و المخدرات، و 15،71٪ يربطنه بالتطرف وعدمالاتزان النفسي، و 14،14٪ يعزينه على الجهل و انعدام التربية.
كما توضح الدراسة أن 15،69٪ من المستجوبات يعتقدن أنه من حق أزواجهم تعريضهن للعنف في بعض الظروف (حالة الخيانة الزوجيةمثلا) و أن 71،55٪ لا يعتقدن بوجود مساواة بين الجنسين.
وتبين الدراسة أنه من أصل 26،97٪ من المستجوبات اللائي لجأن إلى جمعيات المجتمع المدني، و 7،73٪ فقط منهن لجأن إلى جمعيات التخطيط العائلي، و 25٪ منهن شاركن في ورشة تحسيسية حول وسائل منع الحمل، و 22،37٪ منهن شاركن في حملات تحسيسية حول مخاطر تزويج الطفلات، و 52،8٪ فقط من المستجوبات يستعملن وسيلة من وسائل منع الحمل، و 47،86٪ يؤكدن في حالة تعرضن لنوع من أنواع العنف يمكن أن يقدمن شكوى، و 43،52٪ يلتمسن مزيدا من الصرامة في عقوبة الحبس و الغرامات.
و أوضحت الدراسة أن العنف في الأماكن العامة يمثل 59،33٪ في المجال الحضري و 40،67٪ في المجال القروي، و تحتل مدينة مراكش و مدينة أسفي و إقليم الحوز المرتبة الأولى في الجهة.
و كشفت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء بجهة مراكش، أسفي سناء زعيمي إلى أن الدراسة التي قدمت جاءت في الشق الثقافي و الترافع الخاص بمشروع “باراكا شباب لمناهضة العنف المبني على النوع“، وهو المشروع الذي انخرطت فيه الفدرالية منذ نيسان / ابريل سنة 2021 و سينتهي في آذار / مارس سنة 2023
و أضافت أن هذا المشروع يعتبر مكتمل الزوايا، حيث تضمنت الزاوية الثقافية الدراسة التي ستشكل أرضية للترافع و الاستدلال على مختلف ما تنادي به الفدرالية في إصلاح مدونة الأسرة و قانون العنف، إضافة الى تقوية القدرات الخاصة بخلايا المنتمية للمؤسسات الرسمية، خاصة مؤسسة التعاون الوطني و اللجنة الجهوية لمناهضة العنف المبني على النوع و للتكفل بالنساء و الأطفال ضحايا العنف بجهة مراكش.
بدورها أوضحت نائبة رئيس جامعة القاضي عياض فاطمة الزهراء إفلاحن إن هذه الدراسة تأتي كتكملة لعمل طويل، شكل نسقا يجتمع فيه الأستاذ الباحث و الطالب وكذلك المجتمع المدني للعمل على النهوض و الدفع بحقوق الإنسان، خاصة حقوق النساء و مناهضة كل أشكال العنف ضدهن.
و أضافت أن مركز التعليم الدامج و المسؤولية الاجتماعية بالجامعة بدأ الاشتغال مع الباحثين و ناشطين في المجتمع المدني كشركاء في قطب يسمى قطب الفاعلين من أجل المساواة سنة 2014 بجهة مراكش، حيث تم إنجاز دراسة حول العنف ضد النساء، و التي أظهرت مدى صعوبة الوضع بالجهة، خاصة بالنسبة لتزويج الطفلات.
من جهتها أشارت مديرة مركز التعليم الدامج و المسؤولية الاجتماعية قطب النوع الاجتماعي بجامعة القاضي عياض سامية برادة، أن هذه الدراسة تندرج في إطار الشراكة التي تجمع بين المركز و فدرالية رابطة حقوق النساء، حول قضايا تتعلق بضمان المساواة و تكافؤ الفرص، و التي تدخل ضمن اختصاصات المركز.
و أضافت أن من ضمن اختصاصات مركز تعليم الدامج و المسؤولية الاجتماعية كذلك مناهضة كل أشكال التمييز، سواء المرتبطة بالمشاكل الصحية (أشخاص من ذوي الإعاقة) أو المرتبطة بالهشاشة السوسيو ـ ثقافية أو مشاكل مرتبطة باندماج الطلبة الأجانب في الاختلاف الثقافي .
بحسب تقرير اليونسيف فإن المغرب يحتل المرتبة 83 في العالم بمعدل 15،9٪ سنة 2017 بشأن تزويج الأطفال، أما على المستوىالوطني فيمثل عدد قبول الطلبات 67،16٪ سنة 2017، و 79،47٪ سنة 2018، و 62،15٪ سنة 2019.
بالنسبة لمراكش، تمثل نسبة قبول الطلبات 82،27٪ سنة 2017، و 77،88٪ سنة 2018، و 85،5٪ سنة 2019، و 86،11٪ سنة2021، كما أن 99٪ من الطفلات المتزوجات غير متمرسات و لا يشتغلن.
و أوصى المشاركون، خلال اللقاء، بضرورة إلغاء الفصل الذي ينص على تزويج الطفلات كاستثناء أصبح قاعدة، مشددين على أن جهة مراكش تسجل أرقاما مهولة في قبول طلبات تزويج الطفلات.
كما انتقد الحاضرون القانون 103ـ13 المتعلق بالعنف ضد النساء، مشددين على ضرورة مراجعة القانون الجنائي برمته.
و أوصت الدراسة، في المجال التشريعي، إلى إصلاح شامل لمدونة الأسرة بما يضمن حقوقا متساوية للمرأة مع الرجل، ومراجعة نظام الإرث مع احترام تام لمبدأ المساواة، و منع تزويج الطفلات أقل من 18 سنة، و تجويد و تفعيل مقتضيات القانون 13ـ103 بشأن العنف ضد المرأة، لاسيما التدابير الحمائية في أفق إقرار قانون إطار شامل لمناهضة العنف ضد النساء، و إلغاء جميع المقتضيات التي تحرم النساء من حقها في الولاية القانونية على الأبناء القاصرين.
و في مجال التربية و التكوين، أوصت الدراسة بالعمل على تنقيح مناهج التدريس من الصور النمطية و التمييزية تجاه النساء و النهوض بثقافة حقوق الإنسان و المساواة، و تفعيل قانون إلزامية التعليم و تحسين البنيات التحتية للمدارس و المرافق الصحية بها، و الرفع من دور الطالبات و تقوية و تعميم خدمات النقل المدرسي.
وبشأن قطاع السياسات العمومية، دعت الدراسة إلى تفعيل السياسات العمومية و تنسيق التدخلات و الاستراتيجية القطاعية الحكومية و تفعيل دور الجماعات في مناهضة عنف النوع، و إنشاء الشباك الوحيد لمتابعة القضايا المدنية و الزجرية بما يضمن التنسيق وعدم الإفلات من العقاب و يوفر الحماية و الدعم النفسي و المعالجة الطبية و الإيواء و المساعدة الاجتماعية للنساء الضحايا الناجيات من العنف.
أما في القطاع الاقتصادي فأوصت الدراسة بوضع برامج و سياسات عمومية مستجيبة للنوع الاجتماعي لمناهضة البطالة و الرفع من النشاط الاقتصادي للنساء على مستوى البرمجة، وجعل ورش الحماية الاجتماعية مدخلا لتحقيق الكرامة للنساء العاملات في القطاع غير الهيكل، و تمتعهن بشروط العمل اللائق.
و في قطاع الصحة و الحماية الاجتماعية، دعت الدراسة إلى وضع استراتيجية وطنية عامة هدفها حماية صحة النساء طوال حياتهن بضمان حصول جميع النساء على خدمات صحية شاملة مجانية و ذات جودة، و توفير و تعميم التغطية الصحية الشاملة للنساء و ضمان مجانية العلاج.
بالنسبة لقطاع الثقافة و الإعلام، فقد أوصت الدراسة بالعمل على الرفع من الوعي المجتمعي بمخاطر و تداعيات العنف و التمييز تجاه النساء عبر تعزيز الإعلام و كافة قنوات التنشئة الاجتماعية، و تشجيع الإبداع و البحث العلمي و خاصة المرتبط في القضايا النسائية.