خديجة الرباح : المناصفة آلية أساسية لبلوغ المساواة و تغيير القوانين التمييزية ضد النساء

مغربيات

رغم نضالات الحركة النسائية و الهيئات الحقوقية بالمغرب حول مطلب المناصفة كشرط اساسي لبلوغ  المساواة و رفع التمييز ضد النساء و بلوغهن لمراكز صنع القرار، إلا أنه لازال مطلبا بعيد المنال. 

  أكدت المحامية و عضو الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب خديجة الرباح في تصريح ل”مغربيات” أن السؤال عن ” أين نحن اليوم من المناصفة؟” يعد سؤالا جوهريا، خاصة في هذه الظرفية التي تشهد حملات متعددة و متنوعة ضد نساء فرضن حضورهن في عالم الرياضة أو الفن أو  السياسة.

و أضافت، في هذا الصدد، أن مناضلات الحركة النسائية عندما يرفعن النقاش  عاليا حول التغيير الشامل و الجذري للقوانين التمييزية، خاصة تلك المرتبطة بمدونة الأسرة، تكثر حملات العنف الرقمي و الحملات التي تحاول أن تبين بأن كل مناداة و كل ترافع و كل المحاولات الرامية للنهوض بالتنمية المستدامة من خلال مراجعة شاملة لكل القوانين وعلى رأسها مدونة الأسرة و القانون الجنائي المغربي تعتبر ضربا للهوية المغربية و ضربا للإسلام، في حين أن الحركة النسائية عندما تناضل و تنادي بمراجعة القوانين و مدونة الأسرة فإن ذلك يكون بهدف مشاركة كاملة للنساء. 

و أكدت أن الحديث عن مطلب المساواة الفعلية، و على رأسها القوانين التي تهم المجال السياسي، سواء تعلق الأمر بالقانون التنظيمي لمجلس النواب أو القانون التنظيمي لمجلس المستشارين أو المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الترابية أو القوانين المنظمة للجماعات الترابية و مختلف المجالس المنتخبة أو ما يصطلح على تسميته بالقوانين الانتخابية، كلها لا ترقى إلى مستوى مطلب الحركة النسائية و الحركة الديمقراطية من أجل المناصفة التي ما فتئت تنادي بجعل المناصفة أساس المشاركة و أساس تواجد النساء و الرجال معا داخل المؤسسات المنتخبة، ووصول النساء لمراكز صنع القرار.

و ذكرت أن ذلك لن يتاتي إلا بجعل المناصفة آلية لتحريك مشاركة كاملة في تدبير الشأن العام و الشأن المحلي، إلا أنه للأسف لازالت المناصفة مطلبا بعيد المنال، لأن القوانين الانتخابية تتعامل مع النساء ليس بكونهن نصف المجتمع، بل تعتبرهن فقط تكملة للمشهد السياسي، حيث لا يتم التفكير دائما بمنطق لوائح وطنية أو جهوية  خاصة بالنساء، بل بمنطق لوائح إضافية أو الجزء الثاني من اللوائح، بعيدا عن منطق المناصفة الكاملة و الشاملة و الفعلية. 

كما أشارت إلى أن الحاجة اليوم ملحة لنقاش حقيقي حول المناصفة باعتبارها مدخل أساسي لمشاركة فعالة و فعلية للنساء في السياسات العمومية، من أجل أن  تصبح السياسات أداة لتقليص الفوارق و الفجوات و القضاء على الفقر.

ودعت إلى اعتبار السياسات العمومية كذلك أداة للتفكير في نساء القرى و الجبال و النساء المهمشات و اللواتي لاصوت لهن، و اللواتي تعانين في صمت و أحيانا تدفعن حياتهن ثمنا أثناء الوضع في أماكن غير آمنة للولادة، و أولئك اللواتي تخاطرن بحياتهن في البحر وهن راكبات في قوارب الموت بحثا عن الحلم المنشود خارج البلاد، حيث السياسات لازالت غير دامجة و غير مستجيبة للمساواة الفعلية بين الرجال و النساء، لتبقى المناصفة مطلبا و ليست حقيقة بعد. 

و لفتت إلى أن المناصفة هي مطلب أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، و لن تتأتى إلا إذا توفرت هناك إرادة سياسية حقيقية. 

و قالت : المناصفة ليست شعارا للحركة النسائية بل هي مطلب أساسي لابد من توفره لتحقيق التنمية المستدامة التي تتطلب إشراك النساء و الرجال بجميع فئاتهم الاجتماعية و العمرية و الترابية في كل القضايا المرتبطة بالتنمية المستدامة، وبعيدا عن الشعارات الجوفاء التي تتخذ من قضية النساء و تحررهن مجرد قضية لخدمة أجندات سياسية أثناء الانتخابات. 

و بالنسبة للمقتضيات الدستورية، فأكدت أن  الفصل السادس من الدستور المغربي ينص على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنين و المواطنات و المساواة فيما بينهم و تعزيز مشاركتهم في الحياة السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية ، كما ينص الفصل  19 منه على تمتع المرأة و الرجل على قدم المساواة بالحقوق و الحريات المدنية و السياسية و الاقتصادية و الثقافية و البيئية، كما يقر الفصل 30 بتشجيع تكافؤ الفرص بين النساء و الرجال في ولوج الوظائف الانتخابية. 

وقد شكل دستور 2011 خطوة متقدمة لتحقيق مبدأ المناصفة، الذي يضمن ولوج النساء للوظائف والمناصب العمومية،وكذا تكافؤ الفرص بين الجنسين داخل المجالس والهيئات المنتخبة، فضلا عن تنصيصه على إحداث الهيئة المكلفة بالمناصفة و محاربة جميع أشكال التمييز.

About Post Author