خالد البوعزاوي : ينبغي إحياء التراث القديم لأن أغلب الشباب يجهلون شيوخ و شيخات العيطة القدامى

مغربيات

تعلم فن العيطة من والده الحاج البوعزاوي. هذا الأخير، بعد أن نصحه بالاهتمام بدراسته، غير رأيه عندما اكتشف أن ابنه مولع بالكمنجة و حريص على الحفظ من شيوخ العيطة الكبار أمثال المارشال قيبو. إنه خالد البوعزاوي أحد الأعضاء المهمين لفرقة “أولاد البوعزاوي” التي اشتهرت بفن العيطة. 

“مغربيات” سألت الفنان خالد البوعزاوي عن عاداته خلال رمضان و عن ولعه بفن العيطة المرساوية و مستقبلها في الحوار التالي.. 

مغربيات : أين قضيت شهر رمضان ؟

بين أفراد أسرتي بمدينتي الكارة. 

ماهي العادات التي تحرص عليها خلال هذا الشهر؟ 

أمكث بالبيت طيلة الشهر. لا أخرج إلا للصلاة فقط. 

ما هو الطبق الذي لابد أن يكون على مائدة الإفطار؟

السلطات بجميع أنواعها. أتجنب الحلويات الرمضانية و أتناول القليل من “الحريرة”. 

ماذا بشأن السحور؟ 

أكتفي بشرب كوب من الحليب و القليل من “سلو”.

هل أمن من عشاق النوم و الكسل في رمضان؟

لا بالعكس. أستيقظ مبكرا. و أقضي الصباح في قراءة القرآن الكريم. أحرص على ختمه عدة مرات خلال هذا الشهر. 

ماذا عن الكمنجة؟

اقاطعها كليا في رمضان. في السابق كنا نحيي حفلات و سهرات في الدار البيضاء، حتى في شهر رمضان. خلال السنوات الأخيرة أصبحت أتفرغ للعبادة. رمضان مناسبة لكي أرتاح من العمل. أجالس أفراد أسرتي و أقضي وقتا أطول معهم. 

بِِمَ تحتفظ من ذكريات طفولتك خلال شهر رمضان؟

أكثر ما أفتقده هو البرامج التلفزيونية التي كانت تبث خلال الشهر الفضيل. كحصة القرآن التي كانت تأتي مباشرة بعد وقت الإفطار، يتلوها الطرب الأندلسي و الملحون. بالإضافة إلى السلسلات الفكاهية للفنانين  الدسوكي و الزعري، و الجميل في الأمر أن موسيقى الجينيريك و الموسيقى التصويرية كانت عبارة عن موسيقى شعبية للماريشال قيبو. افتقدنا تلك الأجواء الجميلة، على بساطتها، كانت مزيجا من الفن و المتعة. إنه الزمن الجميل بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

الملاحظ أن حتى النمط الغذائي و الأطباق الرمضانية تغيرت..

تماما. كل شيء تغير من حولنا. كان الفطور بسيطا و تقليديا و فيه الكثير من البركة. اليوم أصبحت العديد من الأطباق دخيلة على موائدنا ، وعلى كثرتها و تنوعها، إلا أنها بدون أية فائدة غذائية تذكر. 

هل فن العيطة لازال بخير؟ ما رأيك في فناني العيطة من الشباب ؟

أعتقد أنه لايزال بخير، و إن كان اليوم أغلب الشباب الذين يميلون لهذا اللون الغنائي لا يؤدونه وفق القواعد السليمة لفن العيطة، باستثناء القليلين جدا. أغلب شيوخ و شيخات العيطة لم يعد لهم وجود. لازالت هناك شيخة واحدة أو اثنتين في الدار البيضاء. بالنسبة للعيطة العبدية هناك شباب يؤدونها بشكل جيد، لأنهم تلقوها على يد شيوخ العيطة الكبار. أغلب الشيخات اللواتي تلقين أصول العيطة المرساوية تزوجن و تركن المجال، و بالتالي هناك عدد قليل جدا منهن. 

ما رأيك في الشباب الحالي الذي يؤدي فن العيطة؟

“الجديد لو جدة و البالي لا تفرط فيه”. لا شيء يضاهي تراثنا الأصيل بالنسبة لي، مهما جددنا و مهما تفننا في إدخال أشياء جديدة. 

هل يمكن القول إن الفنانين الجدد شوهوا فن العيطة؟

ليس تشويها بالمعنى الحرفي للكلمة. لكن العصر فرض أشياء أخرى جديدة، مثلما وقع في كل المجالات ليس فقط في فن العيطة. ومع ذلك فإن الناس تستشعر حنينا جارفا للتراث الأصيل، كالمرساوي الذي لم يعد موجودا كما كان. على أي لا يمكننا إيقاف الزمن و التطور الذي يغزو حياتنا. 

من هو مثلك الأعلى في فن العيطة؟

طبعا هناك والدي الحاج البوعزاوي رحمه الله، يليه المارشال قيبو. تعلمت على يديهما أصول هذا الفن . للأسف والدي لم يسجل أية أسطوانة، بسبب اعتراض أسرته المحافظة على امتهانه لهذا المجال. 

كيف تلقى ميولاتك لهذا الفن؟ هل واجهك اعتراض؟

اعترض طبعا في البداية، ونصحني بالاهتمام بدراستي. عندما اكتشف موهبتي و أدرك أنني حفظت عن شيوخ العيطة الكبار من أمثال المارشال قيبو، تغيرت نظرته و أصبح يقول لي أدرس و حافظ على موهبتك في فن العيطة. 

الملاحظ انكم كأسرة كلكم توجهتم لهذا اللون. ما سبب ذلك؟

بحكم أن الوالد كان محترفا لفن العيطة، كنا نسمع الكمنجة طوال الوقت في بيتنا. نحن تسعة إخوة. هناك من  درس و يعيش خارج المغرب. ثم هناك من يزاول مهنا أخرى ومع ذلك فهو عضو داخل فرقة “أولاد البوعزاوي”. كنا أربعة إخوة في الفرقة و بعد أن توفي شقيق لي أصبحنا ثلاثة فقط. نؤدي “المرساوي” و كبرنا في هذه الأجواء المفعمة بالنخوة و التمغربيت الأصيلة. 

هل تشجع ابنك أو ابنتك إذا توجه لفن العيطة؟

طبعا أكيد. فقط أن أبنائي فضلوا الدراسة و لا أحد منهم يستهويه المجال الفني للأسف. 

كيف ترى مستقبل العيطة اليوم؟ 

اتمنى أن يلتفت المسؤولون لهذا اللون الغنائي لأنه جزء من تراثنا المغربي الأصيل. لِمَ لا تنظم مسابقات غنائية في فن العيطة مثلما هو الشأن للبرامج التنافسية الأخرى من أجل تشجيع الشباب على هذا اللون، حتى لا يندثر. لم لا تخصص حصص لتلقين العيوط في المعاهد الموسيقية كما هو الأمر بالنسبة للفنون الأخرى و الألوان  الغنائية الأخرى. كل هذه مشاريع ثقافية من شأنها أن تحافظ على هذا التراث. ينبغي إخراج الأرشيف القديم من الرفوف و بث الأغاني القديمة لشيوخ العيطة القدامى عبر المحطات الإذاعية و شاشات التلفزيون للتعريف بهم، لأن أغلب الشباب يجهلون هؤلاء الشيوخ و ما قدموه لفن العيطة للأسف، خاصة شيخات العشرينيات اللواتي كانت لهن أصوات جميلة جدا تشبه صوت “أسمهان” .

ماذا تعني لك الأسماء التالية ؟

فاطنة بنت الحسين : مدرسة حقيقية و موسوعة كبيرة في فن العيطة العبدية رحمها الله. ذهبت و في جعبتها خزانة غنية من العيوط. 

ججيب : فنان تعلم على يد الحمونية و فاطنة بن الحسين. يؤدي العيطة العبدية و  الزعرية. 

خديجة البيضاوية : رحمها الله. كانت فنانة العيطة المرساوية بامتياز. 

حسن نجمي : باحث ماهر و كذلك بوحميد رحمه الله. مثقف و ملم بفن العيطة. 

الحمونية : فنانة متفردة جمعت بين العيطة العبدية و المرساوية. 

About Post Author