حقوقيون بمراكش يناقشون كتاب “تزويج الطفلات، عنف مؤسسي ورق و اتجار بالبشر” لفريدة بناني
مغربيات
نظمت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بشراكة مع مختبر تحليل الخطاب و أنساق المعارف، مساء أمس الجمعة بمراكش، لقاءا علميا حول إصدار للباحثة و الناشطة الحقوقية فريدة بناني تحت عنوان “تزويج الطفلات، عنف مؤسسي و رق و اتجار بالبشر”.
وقالت فريدة بناني بالمناسبة، إن الدافع لهذا الإصدار أملته مجموعة من الاعتبارات، بحكم أن هذا التزويج عمر لعقود من الزمن، من بينها أن الجمعيات النسائية و الحقوقية ترافعت طيلة هذه العقود من أجل إلغائه.
و أضافت “لما أصبح الاستثناء الذي تنص عليه مدونة الأسرة هو القاعدة، فإن ذلك خلق جدلا في الأوساط الاجتماعية والحقوقية و الفكرية، واصفة الوضع بكونه أصبح مقلقا”.
و لفتت إلى أن المؤسسات الدستورية اعتبرت أن هذه الظاهرة تشكل أزمة حقيقية و ظاهرة مجتمعية مزعجة، مما أدى إلى المنافحة و الترافع من أجل إلغاء ذلك الاستثناء و ملاءمة مدونة الأسرة مع الاتفاقات الدولية التي صادق عليها المغرب.
كما اعتبرت أن إصدار كتابها “تزويج الطفلات، عنف مؤسسي و رق و اتجار بالبشر”، أملته كذلك عوامل موضوعية، بحكم أن هذا التزويج أصبح يعتبر عنفا مبنيا على النوع الاجتماعي، بداية من الفكرة و إلى غاية التنفيذ، بالإضافة إلى كونه رقا و اتجارا بالبشر، و آلم لما يناهز 65 سنة.
بدورها أثنت المحامية و الناشطة الحقوقية جميلة السيوري على أهمية الكتاب و ما يمكن أن يمثله من قيمة سواء بالنسبة للباحثين الأكاديميين أو الفاعلين الحقوقيين في مجال حقوق النساء.
جميلة السيوري
و أشادت بالمجهود الذي ما فتئت الباحثة فريدة بناني تقوم به، كواحدة من أيقونات الحركة النسائية، حيث يطبق عليها لقب “فقيهة الحركة النسائية”، باعتبارها واحدة من اللواتي أثريت الفكر في مسار الحركة النسائية من خلال البحوث التي أنجزتها.
و ذكرت في مداخلتها حول “تزويج الطفلات بين فرضية الإجبار الواقعي و القانوني و الانتهاك الصريح لحقوقهن الإنسانية” أن هذه الظاهرة تتفاقم من سنة إلى أخرى، مشيرة إلى أن الإحصائيات التي تصدرها وزارة العدل و كل المؤسسات التي تناولت الموضوع لا تعكس الواقع، لأنها ترصد فقط حالات الزواج التي تعرض أمام القضاء، فين يغيب عنا واقع الزواج بالفاتحة و زواج “الكونترا”.
كما أوضحت أن الرقم الرسمي الصادر عن وزارة العدل و المتمثل فيما يفوق 13000 حالة تزويج، فإن الواقع هو أضعاف الرقم لعشرات المرات، وهو يؤكد أن الدولة و المؤسسات عاجزة عن حماية الطفلات من الاستغلال و الفقر و التهميش و الاعتداءات بكل أصنافها.
و في بعدها الاجتماعي اعتبرت السيوري أن هذه الظاهرة أصبحت وصمة عار على جبين المجتمع المغربي بسبب العقلية الذكورية و الفكر المحافظ المهيمن في المجتمع، أما في بعدها القانوني فقد خرجت عن طور الاستثناء إلى القاعدة لأسباب اجتماعية وثقافية و اقتصادية كان يفترض أن تعالج لحماية المصلحة الفضلى للأطفال.
من جهتها ذكرت المحامية و الناشطة الحقوقية خديجة الروكاني في مداخلة تحت عنوان “تزويج الطفلات بعيون الباحثة فريدة بناني”، أن الكتاب يعد مرجعا أساسيا للباحثين و الطلبة و المجتمع المدني، سيغني الدراسات الجامعية و يمكن اعتماده من أجل تغيير المنظمة التشريعية و ملاءمتها مع الدستور، وم التزامات المغرب الدولية في مجال الحقوق بصفة عامة و مجال حقوق النساء بصفة خاصة.
خديجة الروكاني
و أوضحت الروكاني أن فريدة بناني اشتغلت على العديد من المواضيع المرتبطة بالعنف المبني على النوع الاجتماعي و قضايا حقوق الإنسان بشكل عام، إلى أن وصلت لواحدة من أهم الظواهر السلبية في مجتمعنا الحالي وهي “تزويج الطفلات”، معتبرة أن هذا المصطلح تستعمله الحركة النسائية الديموقراطية و ضمنها “تحالف ربيع الكرامة”.
و اعتبرت أن هذه الظاهرة تتعارض مع الدستور و مع التزامات المغرب الدولية، و أيضا مع المشروع السياسي الديموقراطي الحداثي للمغرب، كما تحرجه وطنيا و إقليميا و دوليا.
و أشارت إلى أن الكتاب يتضمن كما هائلا من المعطيات و المفاهيم، التي استندت فيها على نتائج دراسات، حيث مزجت فيه بين النظري و الميداني، كما وضعت فرضيات و ملاحظات لتصل إلى معرفة قانونية حقوقية و علمية يقينية.
و أثنت على المؤلف الذي قالت إنه كان غنيا بالهوامش و المراجع و الإحالات، و التي تعد كفيلة بجعل كل اطلع عليه، من طلبة و باحثين و فاعلين حقوقيين أو غيرهم، ملما بقضايا حقوق الإنسان عموما و ليس فقط حقوق النساء أو موضوع “تزويج الطفلات”، معتبرة أن الكتاب يدفع قارءه للبحث و التقصي في الموضوع.
جانب من الحضور