جيهان صانعة تقليدية تستحضر التاريخ من خلال الحلي و المجوهرات التي تبتكرها
تزنيت : عبد الغني بلوط
استطاعت الصانعة التقليدية جيهان الخوشالي أن تصنع لنفسها اسما في فن صناعة الحلي بمدينة تزنيت. فهي تعتبر أن صناعة الحلي أكثر من مجرد ابتكار مجوهرات تتزين بها النساء، بل هي قطع تحكي قصصا ينبغي أن تروى و تلهم نساء اخريات لكي يطورن مهاراتهن و يحققن ذواتهن.
في زاوية هادئة تجلس الصائغة الشابة جيهان الخوشالي وسط ورشتها وعيونها تراقب الزوار الذين يتجولون في معرض “تيميزار” للفضة بمدينة تزنيت. حين تقترب منها امرأة تبحث عن هدية فريدة، تمد جيهان يدها وتشير الى قطعة جميلة قد أتمت ترتيبها للتو وسط مجوهرات أخرى، وتشرح معنى الباب الموجود عليها.
تقول بحماسة ظاهرة ل”مغربيات” “أحاول أن أستلهم جمال الأبواب التقليدية وأتحول بها إلى تحف فنية من الحلي والمجوهرات”.
لمسة
يعتبر معرض “تيميزار” للفضة منصة مهمة لعرض المواهب الشابة في مجال صناعة المجوهرات، وهو فرصة للجمهور للتعرف على أحدث التصاميم والإبداعات في هذا المجال.
من يقترب أكثر من منتجات هذه الصانعة، يدرك لمستها الفنية الخاصة، كل قطعة تروي منها قصة فريدة، انطلاقاً من شعارها المميز “لكل قرط حكاية”، والذي يعكس فلسفتها في صناعة المجوهرات، حيث ترى أن كل قطعة هي أكثر من مجرد زينة، بل هي عمل فني يحمل في طياته قصة تستحق أن تروى.
وتقول جيهان: “الأبواب التقليدية هي مصدر إلهام لا ينضب بالنسبة لي، فهي تحمل في طياتها تاريخاً وثقافة، وأنا أحاول أن أترجم هذا الجمال من خلال تصميمات عصرية تتناسب مع أذواق الناس”.
وتضيف “أحرص على تطوير نفسي باستمرار، وأبحث دائماً عن أفكار جديدة ومبتكرة لإضافة لمسة شخصية على كل قطعة من أعمالي”.
فكرة
تروي الشابة جيهان (27 سنة) كيف بدأت فكرة تحويل شغفها إلى مشروع حقيقي منذ سنتين، خلال محادثة عادية مع صديقها الذي أصبح زوجها الآن.
هو من شجعها على تحويل أفكارها إلى واقع ملموس، فكانت بداية استكشاف عالم الحلي والمجوهرات، وسرعان ما وجدت نفسها منجذبة إلى التراث المغربي الغني، خاصة الثقافة الأمازيغية.
وتضيف ” قررت أن أجعل من حلقات الأذن وسيلتي لنقل قصص هذه الثقافة العريقة، وأن أدمج بين جمال البوليمر ونبل الفضة لتقديم قطع فريدة تحمل في طياتها تاريخنا وهويتنا”.
ورد وشوك
لم يكن طريق جيهان دائما مفروشاً بالورود، فقد استغرقت ستة أشهر من البحث والتدريب المكثف لإتقان فن صناعة المجوهرات.
كان كل يوم تحد جديد بالنسبة لها، ولكنها كانت مصممة على تحقيق حلمها، إلى حين إطلاق مشروعها في الخامس عشر من فبراير عام 2023، يوم لن تنساه أبدا، كان مصدر شعور بسعادة غامرة لرؤية فكرتها تتحول إلى واقع ملموس.
مع ذلك تعتبر جيهان نفسها في بداية الطريق، لكنها متحمسة لاكتشاف المزيد من أسرار صناعة الفضة، وهي تطمح دائما إلى تطوير مهاراتها وتوسيع مجموعتها، وأن تجعل من علامتها التجارية رمزاً للإبداع والحرفية المغربية.
تواصل ومتعة
تعتمد جيهان في تسويق منتجاتها على التسويق الرقمي، حيث تنشر صوراً ومقاطع فيديو توثق رحلتها الإبداعية منصات التواصل الاجتماعي، وتشارك متابعيها بقصص وراء كل قطعة، كما أنها تشارك في المعارض والحرف اليدوية للتواصل المباشر مع الناس وعرض أعمالها.
تهدف جيهان إلى أن تكون علامتها التجارية وجهة لعشاق الحلي الفريدة الذين يبحثون عن قطع تحمل قيمة جمالية ومعنوية. وتأمل في أن تساهم في الحفاظ على التراث المغربي ونقله إلى الأجيال القادمة.
تؤمن بأن صناعة المجوهرات هي أكثر من مجرد حرفة، إنها شكل من أشكال التعبير عن الذات. وهي تأمل أن تلهم قصتها نساء أخريات لتحقيق أحلامهن وتطوير مواهبهن.
تجد جيهان متعة كبيرة في التعامل مع الفتيات الصغيرات. تقول : “عندما أرى إعجابهن بعملي وحبهن للثقافة المغربية، أشعر بسعادة غامرة. يعيدني ذلك إلى طفولتي وأحلامي. أرى في عيونهن الشغف نفسه الذي كان يحركني، وأشعر بأنني أساهم في زرع بذور الإبداع والاهتمام بالتراث في نفوس الجيل القادم.”