الملك محمد السادس : وظيفة القيادات الدينية هي التأطير والتحذير من الانزلاقات التي تهدد الحوار بين الأديان
مغربيات / و م ع
أكد جلالة الملك محمد السادس، في رسالة وجهها للمشاركين، على أن البشرية تواجه تحديات جساما، وتعيش حالة تدافع بين أزمات أمنية واقتصادية وسياسية وصحية وبيئية، وبين إرادات صادقة تسعى بكل ما أوتيت من آليات وأدوات وطاقات من أجل التدبير والاحتواء والمعالجة، مشيرا إلى أن هذا المؤتمر اليوم، يشكل أحد تجليات هذه الإرادة الجادة والصادقة، باعتباره ينخرط في تفكير جماعي يسعى إلى بلورة خطة عمل للبرلمانيين والفاعلين الدينيين، وطنيا ودوليا، مستحضرا خطورة الظرفية التي يمر بها عالمنا اليوم وهو يواجه دعوات التطرف والأنانية والكراهية والانغلاق، والأعمال الإرهابية التي تستغل السياقات الخاصة لاستنبات المشاريع التخريبية باسم الدين، والدين
كما أشاد جلالته، في رسالة وجهها للمشاركين في المؤتمر الدولي حول “حوار الأديان : لنتعاون من أجل مستقبل مشترك”، صباح اليوم الثلاثاء بمراكش، و الذي سيستمر إلى غاية 15 يونيو الجاري. بمبادرة البرلمان المغربي والاتحاد البرلماني الدولي لعقد هذا المؤتمر، منوهين ب”حوار الأديان” اختيارا وجيها لموضوعه، ومحورا هاما لمداخلاته ومناقشاته ومداولاته، معربا عن أمله في أن تسهم، عبر مخرجاتها وخلاصاتها وتوصياتها، في تجديد مقاربات ومناهج التعاطي مع مطلب حوار الأديان، وتحديد طبيعة العلاقات التي ينبغي أن تجمع أتباع الديانات المختلفة، وما ينبغي أن يسودها من وئام وسلام واحترام متبادل.
و أكد جلالته أن تنوع المواقع وخلفيات السياسية والفكرية والدينية، يشكل عاملا حاسما لتحقيق هذا الطموح، لافتا إلى أن البرلمانيين المشاركين يملكون سلطة المصادقة على التشريعات التي تيسر الحوار وتدرأ خطابات الانطواء والتعصب وتزجرها، كما أن لمسؤولي المؤسسات والقيادات الدينية وظيفة التوجيه والتوعية، وإعمال سلطاتهم الروحية، للتأطير والتحذير من الانزلاقات التي تعصف بالتعايش والحوار المثمر بين الأديان.
و أبدى الملك محمد السادس، في رسالته، عن أسفه بشأن حوادث العنف والاضطهاد والقتل بسبب العقيدة الدينية أو المذهبية، أو
الانتماء الحضاري، وأن يصبح العداء للأديان مادة مفضلة من طرف البعض في المزايدات الانتخابية.
و أشارت الرسالة الملكية إلى ارتباط فضاءات النقاش العمومي، بما في ذلك عدد من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ومنابر عمومية، مع وصم الآخر بسبب الدين أو اللون أو الأصل، مع كل المخاطر التي يحملها ذلك على وعي وثقافة الناس، وعلى تأليب الرأي العام، حيث تحتفظ الذاكرة العالمية بأعمال الإبادة الجماعية، والحروب المدمرة التي كانت بداياتها خطابات و إيديولوجيات التعصب للعقيدة الدينية، أو للطائفة أو للعرق. من الانزلاقات التي تعصف بالتعايش و الحوار المثمر بين الأديان.
و دعت إلى أن يتوج المؤتمر بخطط عمل تضطلع المكونات الثلاث التي تمثلونها بأدوار حاسمة في إعمالها، على صعيد كل بلد وعلى الصعيد الدولي، مؤكدة على أهمية إحداث آلية مختلطة، ينسق أعمالها الاتحاد البرلماني الدولي، وتسعى إلى جعل الحوار بين الأديان هدفا ساميا مشتركا بين مكونات المجموعة الدولية، ينبغي الدفاع عنه في المحافل الدولية، واعتباره أحد معايير الحكامة الديموقراطية في الممارسة البرلمانية، ومن مؤشرات احترام التعددية والتنوع الثقافي.
و أبرزت الرسالة أن منطلق العيش المشترك هو أن يكون الدين حصنا ضد التطرف و ليس مطية له، لأن ترسيخ هذا المبدإ، إلى جانب احترام الأديان الأخرى، وهو ما يحتاج إلى جهد بيداغوجي تربوي تضطلع به المدرسة و الجامعة و وسائل الإعلام، والمؤسسات الدينية وفضاءات النقاش العمومي المسؤول.