السينما و الأدب و التقاليد.. إصدارات نسائية في قلب مهرجان فيلم المرأة بسلا
ذكرت الإعلامية و الممثلة يسرا طارق أنها تتواجد بالمهرجان الدولي لفيلم المرأة ليس بصفتها ممثلة أو إعلامية و إنما بصفتها كاتبة، حيث تعد التجربة الأولى لها في الكتابة من خلال روايتها الأولى “الواهمة“.
و أعربت المتحدثة، خلال الندوة الصحفية التي نظمت على هامش الدورة 14 للمهرجان الدولي لفيلم المرأة صباح أمس الثلاثاء، عن سعادتها بالتواجد بصفة الكاتبة بمهرجان دأب على الاهتمام بالنساء الكاتبات المغربيات أو الأجنبيات و تخصيص فقرة للاحتفاء بهن و مناقشة إصداراتهن الجديدة..
وعن كتابة روايتها “الواهمة“ التي صدرت حديثا قالت “إنها جاءت بعد مسار في الإعلام وكذلك في السينما، وهي بمثابة تكريم لنساء منطقة الريف التي أنتمي إليها، النساء اللواتي ساهمن في صناعة التاريخ، علما “أن ما يصلنا هو أن الرجال هم صناع التاريخ.
و أوضحت يسرا أنها فكرت من خلال روايتها “الواهمة“، أن تسلط الضوء على مرحلة مهمة من تاريخ الريف وهي سنة 1984 ، هذه السنة التي عرفت بانتفاضة الريف، مشيرة إلى أنها وقعت في مدن كثيرة في الشمال (تطوان، القصر الكبير..) و غيرها من المناطق.
و أبرزت الدور الذي لعبته المرأة في تلك المرحلة، كما تحدثت عن السلطة التي كانت تمارس بحق النساء الريفيات، حيث العقلية الذكورية كانت و لازالت سائدة، و التي قالت إنها “تتطلب منا ثورة على “هذه العقلية.
ونفت يسرا أن تكون برأيها تدعو لمجتمع أنثوي، و إنما أرادت من خلال مؤلفها أن تظهر الحاجة إلى مجتمع إنساني تسود فيه كل قيم العدالة و الحداثة و المواطنة على قدم المساواة ، و كل ما يرتبط بالقيم الكونية التي تؤمن بأن الإنسان هو أساس وجوهر أي تغيير داخل المجتمع.
و ذكر الناقد و الكاتب حسن نرايس أن يسرا طارق أنجبتها مدينة الناظور من جنونها و انتصاراتها، متطرقا إلى روايتها “الواهمة” و إلى بطلتها المسماة “سوار“ مشيرا إلى أن الإسم الذي يحمل كل دلالات الصورة المعنية التي تكون بين الأمل و الألم، ثم بين الأوهام و الأحلام، واصفا إياها برواية العناد و التحدي، كما أعلن أن يسرا، رفقة المخرج محمد اليونسي، بصدد الإشتغال على تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي، وهو ما أكدته الكاتبة بالقول إنها فعلا كتبت الرواية بحس الممثلة من خلال المشاهد و الصور و “الفلاش باك“ و الوصف، وهو ما جعل القصة قابلة لأن تتحول إلى سيناريو لفيلم سينمائي، مؤكدة أنها ليست هي من سيقوم بهذه العملية، التي تتطلب تقنيات خاصة في الكتابة.
و تحدث الناقد السينمائي حسن نرايس عن مريم ايت بلحسين الباحثة و المخرجة و المنتجة السينمائية التي صدر لها عن كتاب “السينما في المغرب :الإنتاج السينمائي في المغرب : وجود بفضل الشراكة بين القطاع العام و الخاص و المتابعة التجارية“، هذه السنة قائلا إن الأمر يتعلق بأطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في السينما من جامعة باريس 3 بفرسا، و التي استغرقت منها خمس سنوات من العمل الجاد و الدؤوب و البحث الرصين، معتبرا أن هذا العمل متميز و فريد من نوعه، حيث يطرح الكتاب دور الدولة المغربية في الإنتاج السينمائي المغربي.
وأضاف أن أهمية الكتاب تكمن في الاهتمام بكل الأفلام المغربية خلال فترة محدودة في الزمن، مشيرا إلى أن الكاتبة نجحت في تصنيف الأفلام بمنهجية ملحوظة وتسليط الضوء على مكامن الضعف في إنتاج الأفلام من طرف الخواص.
و بدورها أعربت مريم ايت بلحسين عن سعادتها بالتواجد بالمهرجان ضمن ثلة من السينمائيين الذين يرجع لهم الفضل في بقائها وتشبثها بالمجال السينمائي، و الذين اعتبرتهم دعائم و قامات السينما المغربية.
و نوهت بالدور الذي لعبه الجيل الأول في السينما و الذي كان يستعمل رواده الورق المقوى و الأفلام الفوتوغرافية في الأندية السينمائية من أجل إيصال الصورة للمشاهد، مما ساعد على كسب جمهور أولي للسينما و الذي يرجع الفضل فيه لهؤلاء السينمائيين على الرغم من استعمال الوسائل البسيطة.
و أضافت أن الإنتاج السينمائي وجد بفضل العديد من مهنيي السينما، لكن الفضل يرجع كذلك للكبير نور الدين الصائل، الذي اعتبرته “أب السينما“ و أنه عمل الكثير سواء أثناء تواجده على رأس المركز السينمائي المغربي أو بعد ذلك، مشيرة إلى أنه منحها سهولة الوصول إلى قاعدة البيانات و المعطيات التي احتاجتها أثناء إنجاز بحوثها السينمائية، فضلا عن تشجيعها و العديد من أبناء جيلها على خوض غمار التجربة السينمائية و النهل من الكتب الأدبية و المتخصصة في المجال.
و أكدت على ضرورة تمويل الصناعة السينمائية و الإنتاج السينمائي، من لوجستيك و تسويق و موارد بشرية، و التي لا يمكن توفيرها إلا بتعدد الجهات، قائلة “إنه مهما بلغت درجة جودة المخرجين و المؤلفين لا يمكننا إنتاج سينما جيدة”.
و أوضحت أن الدولة التي تستثمر في السينما ليس هدفها الربح المادي بقدر ما تهدف إلى الربح الثقافي من خلال تطوير المجتمع و العنصر البشري، مبرزة أنه “للأسف الصناعة السينمائية نستجيب لحاجيات أطفالنا الثقافية الذين يجدون ضالتهم في المنتوج الأجنبي بعيدا عن الثقافة المغربية، مثل أفلام الكرتون.
وطرح المشاركون أسئلة حارقة تتعلق بمشاكل السينما و “النخبوية في انتقاء الأفلام المستفيدة من الدعم الذي يمنحها المركز السينمائي المغربي“.
وتداول بعض المشاركين ضرورة الانتاج الذاتي للأفلام، لأن كتاب السيناريو و المخرجين ضاقوا ذرعا بتسول التمويل لدي المركز السينمائي، داعين بعض مؤسسات القطاع الخاص لدعم السينما، فيما اعتبر آخرون أن الانتاج الذاتي في حد ذاته ليس حلا، بل ينبغي أن تنخرط الدولة. بشكل أكبر في دعم المخرجين الشباب.
و بدورها انتقدت مريم آيت بلحسين حجب الدعم للعديد من الأفلام السينمائية و إرجاعه للدولة بدعوى عدم وجود أفلام تستحقه، علما أن هناك عائات تعد بالآلاف تتعيش من السينما.
ومن جهتها ذكرت غيثة الخياط الانتروبولوجية و المحللة النفسانية، في حديثها عن كتابها “ مغرب التقاليد و العادات“، أنه جاء مساهمة فيالتعريف بالمغرب الحقيقي و العميق، الذي لازال ينظر إليه على أنه مجرد “بطاقة بريدية“، في حين أنه ليس كذلك ، حيث يعد بلدا متعدد الثقافات والحضارات ، إلا أنه للأسف يُعرَف بطريقة سطحية.
و أضافت أن الكتاب يهدف إلى التعريف بهذا المغرب المتعدد ، حيث سيوجد يوما ما باحث في التراث يقول “هناك موسيقى في منظقة فكيك تسمى تقرقابت“، و يمكنه أن ينهل من هذا التراث ما شاء ليغذي فضوله و شغفه المعرفي.
و أضافت انه من خلال عملها كمحللة نفسانية الذي ساهم في احتكاكها مع مختلف الشرائح الاجتماعية من مختلف الثقافات و مختلف الانتماءات الفكرية و الثقافية، و الذي مكنها من الاطلاع على طرق حل مشاكلهم كل حسب معرفته، جعلها في صلب المعارك الاجتماعية، للتصدي لهذه التحولات التي يعرفها المشهد الثقافي المغربي، من تشويه لثقافة وتراث يعودان لآلاف السنين.، مما دفعها لتأليف كتاب يصور المغرب الحقيقي و العميق بزخمه الثقافي و الحضاري المتعدد حسب المناطق.