“السر القديم”.. دراما لامست قلوب المشاهدين لأنها تعكس واقعهم

في ظرف وجيز ومنذ بدء بثه، حقق المسلسل المغربي السر القديمأعلى نسبة مشاهدة مقارنة بباقي البرامج التي تعرض على القناة الأولى، حيث بلغت نسبة المشاهدة خلال هذا الأسبوع فقط 38‪%‬، بعدد مشاهدين يصل إلى 4252000 ، متبوعا بفقرة أحوال الطقس بنسبة 27‪,‬4‪%‬ أي بمعدل 3388000 مشاهد، فيما بلغت نسبة مشاهدة الأخبار باللغة العربية 25‪,‬2‪%‬ أي بمعدل 3246000 مشاهد.

يعد مسلسل السر القديمالذي يعرض حاليا على القناة الأولى مسلسلا دراميا اجتماعيا من إخراج محمد أمين مونة و تأليف سعيد نافع و يشارك فيه سعد موفق، جلال قريوة، حسناء نايت، محمد خربوش و هدى الجبيلي و آخرون..

“‬مغربياتاتصلت بالكاتب و الصحفي سعيد نافع الذي كتب سيناريو المسلسل للحديث عن أسباب هذا النجاح و مشاريعه القادمة في الحوار التالي :

“مغربيات” : كيف تلقيت نجاح مسلسل السر القديم ؟

بصراحة لم أتوقع هذا النجاح. خلال فترتي الإعداد والتصوير كان الهم المشترك بيني وبين المخرج أمين مونة وإدارة إنتاج شركة “أغلال” هو أن ‘‘نشتغل جيدا وبصدق‘‘ كانت هذه العملة هي القاسم المشترك، ولعل هذا الصدق هو ما لامسه المشاهد المغربي، الذي كنا ولازلنا نعتقد أن يستحق أفضل بكثير مما عاينه لحد الآن.

أثناء الإعداد والكتابة كنا في تشاور دائم، أقصد الأطراف الثلاثة، وكان الهم هو تقديم قصة بسيطة من واقع المعيش اليومي للمغاربة على أن تكون حبكتها مكتملة مشوقة، مع مراعاة إيقاع فرجة جديدة قوامها الانتقال الموزون بين العوالم المختلفة. كان الهم هو عدم السقوط في الرتابة، أو التمطيط أو الوقوع في أخطاء سيناريوهات سابقة. كنا نردد بيننا أنه إذا نجحنا فقط في تقديم قصة مفهومة متنوعة وبإيقاع متسارع سنكون قد قطعنا شوطا مهما في كسب قلوب المشاهدين، وأعتقد أن هذا هو ما حدث بالفعل.

النجاح لا يعني شيئا في حد ذاته عندما تحمل مشروعا متكاملا في الكتابة الدرامية، نتمنى أن نعيد التجربة بمستويات تشويق وبهجة أكثر خلال المشاريع القادمة، والنهاية دائما ستكون مرتبطة بحق المشاهد المغربي في رؤية دراما تعكس واقعه، يستحقها منذ زمن بعيد.

تفاجأ الكثيرون بكونك كاتب سيناريو، علما انك تكتب سيناريوهات منذ سنوات ؟ ما سبب عدم ظهورك ؟ وما مصير تلك السيناريوهات المكتوبة ؟

صحيح. أولى المحاولات تعود لما يربو عن العشرين سنة، خلال وبعد الانتهاء من الفترة الجامعية التي كان لي فيها احتكاك كبير بمحترفات مسرحية وأخرى في تقنيات الكتابة السردية داخل الجامعة وخارجها. من المفارقات مثلا، أن الفيلم القصير ‘‘تكيتة سينما‘‘ الفائز بالجائزة الكبرى في مهرجان طنجة 2017 للمخرج أيوب ليوسفي ، كنت قد كتبت قصته القصيرة سنة 2002 وأعدت للسيناريو سنة 2005 ولم تحصل على الدعم إلا بعد عشر سنوات. بالإضافة إلى ‘‘تكيتة سينما‘‘ كانت هناك ثلاث قصص قصيرة مرتبطة تشكل معه فيلما طويلا. هو أيضا مشروع أتمنى أن يأتي يوم يتحقق فيه على أرض الواقع.

كتابة السيناريو ارتبطت معي بكتابة القصة القصيرة أو المشاريع الروائية منذ سنوات، وأكيد أن هناك الكثير منها ينتظر وقت الإفراج أو الظهور. أتمنى أن يتم ذك مع مخرجين ومنتجين نتقاسم معهم تصورا موحدا وكاملا للمشروع الفني التخييلي، هذا التواطؤ يفيد كثيرا العمل ويضمن الكثير من أسباب النجاح.

أغلب الأفلام والمسلسلات تثير انتقادات بسبب السيناريوهات الضعيفة. هل كان ذلك سببا دفعك لكتابة السيناريو ؟

السبب الرئيسي الذي دفعني لكتابة السيناريو هو العشق القديم الذي أحمله للتلفزيون والسينما عموما من جهة، ولرغبة أكيدة في تقاسم تجربة الكتابة مع المغاربة. أنا والملايين من المغاربة عشنا ونعيش في نفس الوسط الاجتماعي الحافل بالوجوه والقصص والحكايات التي تستحق أن تروى، وهي بالمناسبة ليست قصصا لأبطال خارقين، ولكنهم مثلنا يشبهوننا، وتفاصيل حياتهم تعكس الواقع الذي قد يكون حالما أكثر من أكبر الأحلام فانتازيا، وقد يكون صادما أكثر من قساوة الواقع الذي قد يصيبنا أحيانا بالإحباط. قصص الناس مرايا تعكس حياتهم وألامهم وأمالهم وانكساراتهم وانتصاراتهم، وهي أشياء أرى أن الإبداع المغربي مكتوب أو مرئي بإمكانه أن ينقله على الشاشة في صورة جميلة جيدة وتحترم عقل ووجدان المشاهد.

ما الذي يجمع بين الصحافي وكاتب السيناريو ؟ أو بمعنى أدق ما الذي يمكن أن تضيفه الصحافة للكاتب والعكس أيضا ؟

إذا أردنا أن نقدم جردا تلقائيا للصحافيين الذين اشتغلوا فيما بعد في الدراما أو كتابة السيناريو من العالم العربي أو كل بقاع العالم فالاكيد أن اللائحة ستكون طويلة. أعتقد أن أكثر الناس إحساسا بقوة الكتابة وتفاعلاتها اليومية مع الأحداث هو الصحافي لاشتغاله اليومي بها وفيها.الصحافة أيضا تمكن الصحفي الذي يحمل هم أو رغبة كتابة السيناريو من ميزة أساسية تساعده في رسم الشخصيات وبلورة تحولاتها الدرامية، وهي القدرة على المواكبة الطويلة للأحداث، وإمكانية الخروج من سلسلتها الدائرية، فعل فاعل مفعول به، أو كما تقتضية الضرورة الصحفية : الخبر متى وأين ولماذا وكيف. هذه المواكبة تضعه في مكانة تسمح له بالرؤية الشاملة لتحول الأحداث وتغيرها واستمرارها في الزمن، وهو ما يجعله أثناء الكتابة الدرامية أقدر على تخيل التطورات المتوقعة و غير المتوقعة للحبكة أو الحبكات التي يخيط بها منسوج عمله الأدبي التخييلي.

يجب أن نستحضر دائما أن الواقع أكثر غرابة وقدرة على نسج الدراما، من التخييل مهما كان هذا التخييل غنيا وحافلا. لهذا فالمزاوجة بين الصحافة والكتابة الدرامية أو كتابة السيناريو لا يمكن إلا أن تحمل الكثير من الأفكار والدماء الجديدة لحياة وتطورات شخوص الإنتاج التخييلي.

About Post Author