ابتسام.. متسلقة تصحب رضيعها في رحلة إلى قمة توبقال

مغربيات

ابتسام عزاوي مرشدة سياحية و متسلقة للجبال. عاشت، أخيرا، تجربة فريدة حين اصطحبت رضيعها الذي لا يتجاوز عمره أربعة أشهر في اتجاه قمة توبقال أعلى قمة جبلية (4167 م) بالمغرب وشمال إفريقيا‫.‬ وصوله جعل المرشدين السياحيين يحتفون به و يحملونه كأول رضيع يصل توبقال، حيث تؤكد أمه أن دماء المغامرة و الشغف بالسفر و الاكتشاف تجري في عروقه‫.‬

مغربيات‫“‬ اتصلت بابتسام عزاوي للحديث عن مهنتها و شغفها بالسفر و حب الاكتشاف وعن هذه التجربة التي عاشتها رفقة زوجها و‫ رضيعها..

منذ كانت ابتسام في شهرها السابع من الحمل، وهي لا تتوقف عن ممارسة مهنتها كمرشدة سياحية و متسلقة للجبال‫.‬ خاضت رحلات صعود في عدة جبال ومشت لمسافات طويلة، ما يعادل 39 كيلومترا في اليوم في الطبيعة، كما أنها مارست رياضة الدراجة الهوائية وهي في شهرها التاسع من الحمل، وهذا ما جعل تواجد الطفل أمجد بعد ولادته بأشهر قليلة يرافق أمه وأسرته المكونة من أبيه وجدته لأمه، خلال الرحلات الحرة ورحلات العمل مع الزبائن يعتبر شيئا طبيعيا في حياة اختارها والداه، وجعلت تواجده برفقة اسرته يعتبر شيئا جميلا، و الأجمل انه أول طفل رضيع يصل الى نقطة معينة بجبل توبقال أعلى قمة بالمغرب وشمال افريقيا بشهادة المتواجدين من المرشدين ومرافقين والعاملين بالقطاع السياحي، الذين لم يترددوا في حمله و الاحتفاء به كأول رضيع يصل اليهم في تاريخ تسلق الجبال وهذا لأنه طفل شجاع ومن اسرة يجري بدمائها الشغف بالسفر وحب المغامرة وممارسة الرياضة ‫.‬

حب للمغامرة

ولجت ابتسام عزاوي مهنة السياحة قبل 10 سنوات عبر مراحل، بعد ان حصلت على شهادة الإجازة في علم النفس الإكلينيكي. ولعها بالسفر وحبها الجارف لاكتشاف المناطق بالمملكة، منذ مرحلة مبكرة من حياتها هو من قادها نحو خوض غمار المغامرة وركوب صهوة الاكتشاف.

استطاعت ابتسام عزاوي أن تجوب المغرب طولا وعرضا، زادها في رحلاتها حقيبتها الخاصة بالترحال ومعداتها البسيطة، دون اللجوء لأية وسيلة نقل، و الاكتفاء أحيانا بالاعتماد على المشي لمسافات طويلة لتسلق الجبال، وأحيانا أخرى إذا تطلب الأمر ذلك تلجأ لاستعمال وسيلة النقلأطوستوبوالنقل المأجور.

تقول ابتسام ل‫“‬مغربيات‫“‬ ‫:‬ خلال اكتشافي للمعالم والأماكن، تطورت شخصيتي جراء عدة تجارب ، وتعرفت على أناس جدد وتقاليد وعادات وأعراف جددت رؤيتي للحياة التي طالما حلمت بها، ان أصبح مرشدة سياحية بإمتياز وان أساعد جميع المسافرين، و أوجههم نحو التعرف على جمالية مناطق المغرب، من خلال رؤية اكتسبتها بفضل رحلاتي الكثيرة، التي أوثقها بالتقاط صور وإعطاء تعاريف غنية عن المناطق السياحية التي أحل ضيفة عليها‫.‬

خلال كل تلك السنوات التي قضتها ابتسام في الاكتشاف، اكتسبت احترام كل من تعرفت عليهم أو رافقتهم في رحلات سياحية، بفضل شخصيتها المميزة، وحبها للمهنة التي أخلصت لها ومنحتها وقتها وجهدها، مما أهلها للحصول على شواهد في مجال السياحة والمجال الرياضي كتسلق الجبال والشلالات ومختلف أنواع التسلق الأخرى وكذلك رياضة الدراجة الهوائية والمشي لمسافات طويلة شاركت في عدة طوافات ايكولوجية، حيث حصلت على جوائز وشواهد وميداليات وكوؤس وتوصيات وبطاقة الاتحاد الدولية للدراجات الهوائية بالمملكة وخارجها‫.‬

نشاطات أخرى

بالإضافة للنشاطات الرياضية التي تمارسها ابتسام، فهي كذلك فاعلة جمعوية، هذا النشاط الذي جاء نتيجة سفرها عدة مرات وعبر مختلف البقاع بالمغرب، و الذي جعلها تقف على معاناة سكان القرى في مناطق تحتاج للمساعدات، إذ رغم كونها من طبقة اجتماعية فقيرة، إلا أن ذلك لم يثنها عن مساعدتهم‫، حيث ‬عملت في مناسبات عديدة على تنظيم قوافل خيرية وشاركت في حملات تحسيسية للسكان المعنيين، كما كان لها الفضل في توفير قوافل تربوية و تنموية ثقافية ترفيهية وكذلك طبية تحسيسية اجتماعية لفائدة سكان المناطق المتضررة‫.‬

تقول ابتسام ‫:‬ يغمرني الفرح عند مشاهدة أطفال بعض المناطق وهم يتسابقون فرحين من أجل الحصول على بعض المساعدات و المستلزمات البسيطة، فرحة الأطفال بهذه الأشياء لا تقدر بثمن‫.‬

ولكي تدخل البهجة على قلوب الصغار، لا تتردد ابتسام في تنشيط بعض الفقرات الخاصة بهؤلاء الأطفال عبر ارتداء بدلة المهرجة ‫“‬clown‫”‬ لتضحك أطفال بحركاتها البهلوانية، وتضفي أجواءا من ، المرح في أوساط اطفال القرى المهمشة، وهي واحدة من أسعد اللحظات التي تعيشها ابتسام أثناء رحلاتها الكثيرة‫.‬

تؤكد ابتسام ‫:‬ مارست هذه التسلق و الإرشاد السياحي كهاوية بشغف عدة سنوات ومازالت إلى حين، ولأن هدفي كان ان أصبح مرشدة مرخص لها بمزاولة المهنة من خلال الحصول على بطاقة م طرف وزارة السياحية، فقد لجأت الى تعلم تقديم الإسعافات الأولية و التدخل عند الحوادث، لأكون مستعدة للتدخل وتقديم خدمات طبية للأشخاص الذين يرافقونني، والحرص على سلامتهم الجسدية والنفسية لكوني حاصلة على إجازة في سلك تخصص علم النفس الإكيلنيكي، وهو ما أهلني لتوفير الراحة للمسافرين خلال مغامراتهم واكتشافاتهم‫.‬

حرصت ابتسام طيلة مشوارها على صقل تجربتها و تطويرها من خلال الانفتاح على مرشدين آخرين أعلى منها كفاءة ومعرفة، ولم تستثن تجربتها المهنية وكالات الأسفار والفنادق، وشملت ايضا كل مايخص استكمال المجال السياحي من إبداع وتفنن وحسن استقبال وتعلم أساليب الضيافة‫.‬

اثناء ممارسة مهنتها وهوايتها المختلفة رزقت ابتسام عزاوي وزوجها بمولودهما الأول ‫“‬آمجد‫“‬، كما يمارس زوجها نفس اهتماماتها في المجال السياحي والرياضي أيضا، مشكلين بذلك أسرة متكاملة ، فجدة أمجد لأمه هي كذلك إنسانة مكافحة، ورثت عنها ابتسام حب السفر والفنون والاكتشاف و الإبداع تقول ابتسام ‫:‬ والدتي انسانة شغوفة تحملت الصعاب وواجهتها لتجعل مني إنسانة قوية‫.‬ تعلمت منها الكثير من الأشياء و على رأسها تعلقي بالسفر وحب المغامرة و الاكتشاف‫.‬

رياضة صعبة

رياضة التسلق بالنسبة للنساء هي رياضة صعبة، و تحتاج إلى جهد كبير وإرادة وطاقة وأدوات خاصة بها، لكن باستطاعة كل من رغب في ممارستها اكتسابها عبر التدرب و التسلق‫ المستمر.‬

هذا ما تؤكده ابتسام، وتابعت أن هناك أنواع كثيرة من التسلق، عناك تسلق الجبال بالمعدات والحبال أو بدون، ثم هناك التسلق بالأقدام أو تسلق الشلالات المتواجدة بالجبال أو تسلق الهضاب الرملية أو المضايق الجبلية أو تسلق الأشجار والمباني، وتوجد عدة مستويات من التسلق‫.

بالنسبة لـ ابتسام عزاوي فقد كان التسلق، منذ طفولتها، شيئا سهلا، حيث بدأت بالأشجار ثم تطورت إلى أن اقتحمت تسلق الجبال، ثم استخدمت وسائل ومعدات وأدوات تسلق لقمم، كما جربت التسلق بدون أي معدات في شلالات، صعودا ونزولا‫.‬

تؤكد ابتسام ‫:‬ بالتأكيد لا يمكنك ممارسة رياضة التسلق وحدك، فالمجال يحتاج لمساعدة مرافقين ، ومختصين ومحترفين آخرين معك، ولا ننسى فضلهم في ذلك‫.لا أهاب المرتفعات والممرات الضيقة لكن لا ينبغي المخاطرة بالحياة‫.‬ لا أهوى المغامرات الشائكة وغير المحسوبة‫.‬أحب الحياة وأحب الحفاظ عليها وأحرص على حماية نفسي من المخاطر‫.‬ السفر والمغامرات والتسلق لا يعني التهور بل يعني التمتع بحب الحياة وحب الأماكن، و احترام الآخرين مساعدة الوصول الى هدف التحرر من قيود الروتين واستمتاع بما انعمه الله علينا‫.‬

تعتبر ابتسام أن التسلق ليس سهلا ولا صعبا، و يمكن لأي امرأة أن تمارسه، بعد الخضوع لتدريب مع أخذ الحيطة‫.‬ تقول:‬ كان الدافع بالنسبة لي و لازال الشغف وحب الجمال فيما خلق الله في بلدي العزيز، إذا تأملنا بلدنا سنجد أنه جميل جدا وسكانه طيبون و كرماء، وكل منطقة من مناطقه تستحق الزيارة، للتعرف على أشخاص جدد، إعمالا بالآية الكريمة‫“‬ وخلقناكم شعوبا و قبائل لتتعارفوا‫..”‬ والهجرة من سننا الإسلامية‫.‬ من جال أكتر عرف أكثر‫.‬ السياحة بالنسبة لـي هي حياتي ووظيفتي وحلمي الأبدي‫.‬.

About Post Author