إلهام أبارو مديرة المسرح الملكي بمراكش : نستعد لاستعادة الحياة الثقافية بالمدينة

مغربيات

منذ توليها إدارة المسرح الملكي بمراكش، و إلهام أبارو تحرص على أن يكون لهذه المؤسسة برامج ومشاريع ثقافية خاصة بها، و ألا تكتفي فقط باستقبال العروض الآتية من خارج هذا الفضاء. تستعد مديرة المسرح الملكي لاستئناف تنظيم مهرجانين كانا قد توقفا بعد أن غادرت منصبها لأسباب خارجة عن إرادتها لمدة ثلاث سنوات، هما مهرجان المسرح الدولي الملكي للكوميدياو مهرجان مسرح الدراما، بالإضافة إلى إعادة استئناف مشروع ترميم المسرح الملكي و مسرح الأوبرا، وهو المشروع الذي كان يندرج ضمن المشروع الكبير لمراكش الحاضرة المتجددة قبل أن يتم تجميده من طرف المجلس الجماعي السابق..

عن إستئناف مهمتها في إدارة هذه المعلمة الثقافية و عن المشاريع القادمة و استعادة الحياة الثقافية للمدينة، مغربيات زارت إلهام أبارو مديرة المسرح الملكي لمراكش، و أجرت معها الحوار التالي..

مغربيات : من هي إلهام أبارو ؟

مديرة المسرح الملكي لمراكش. اشتغل تحت إشراف المجلس الجماعي. أنا كذلك فاعلة جمعوية، حيث أشغل منصب رئيسة مؤسسة السلام الدولية للثقافات و الفنون، إلى جانب جاكي كانوش رئيس الطائفة اليهودية بمراكش و الصويرة ، ثم شفيق بورقية الذي سبق و شغل منصب مندوب للثقافة بمراكش، أكادير و الدار البيضاء، إلى جانب العديد من الأطر و الفاعلين. هذه المؤسسة التي أرأسها تعنى بالسلام الدولي. هناك مشاريع كثيرة سنعمل عليها بتعاون مع المجلس الجماعي لمراكش كذلك، بحكم أن مراكش هي مدينة السلام و التسامح و التعايش و الفن و الثقافة. بإلإضافة إلى ذلك لي اهتمامات كثيرة بالمسرح، حيث أشتغل على عمل مسرحي قمت بكتابته خلال فترة الحجر الصحي، عن الثقافة المغربية اليهودية، تطرقت من خلاله لأزمة كورونا و مسألة التعايش..

تغيبت لفترة عن مهمة إدارة المسرح الملكي لمراكش، ماهي ظروف هذا التغيب؟ حدثينا عن العودة..

بداية أشكر مغربيات على الزيارة و الاهتمام بالشأن الثقافي للمدينة و بالنساء على وجه الخصوص. أما بالنسبة للغياب، فقد كان اضطراريا و بشكل مؤقت، دون الخوض في أسبابه التي لا يسمح المجال هنا للحديث عنها. هذا الغياب دام سنتين تقريبا، أي منذ ماي 2017 إلى غاية نونبر 2021. وهنا لا يسعني إلا أن أشكر عمدة المدينة فاطمة الزهراء المنصوري التي جددت في شخصي ثقتها، ومنحتني مسؤولية تسيير واحدة من المعالم الثقافية المهمة في المدينة، وهي المسرح الملكي لمراكش. وهذا أعتبره حافزا مهما للعمل بمسؤولية وجدية أكبر.

منذ قدومي كنت حريصة على عدم استهلاك ما يقدمه المجتمع المدني من عروض، مع احترامي لما تقوم به هذه الجمعيات لكنه يبقى غير كاف، حيث ارتايت أن إدارة المسرح الملكي من واجبها أن تنتج برامج ومشاريع خاصة بهذا الفضاء، الذي يفترض فيه أنه يرعى الثقافة و الفنون بشكل عام. أومن أنه إذا لم يكن هناك إنتاج خاص بهذا الفضاء فإن إدارة المسرح الملكي ستكون فاشلة.

الملاحظ أن أزمة كوفيدـ19 أثرت بشكل كبير على الحياة الثقافية للمدينة، حيث توقفت كل الأنشطة، كيف سيتم التعامل مع انعكاسات هذه الأزمة لإعادة الحياة من جديد للثقافة و الفن و المسرح بشكل خاص؟

ينبغي أولا أن نسجل أن توقف الشأن الثقافي و الفني عانى منه العالم برمته بسبب الجائحة، و هنا لا يقتصر الأمر على المجال الثقافي فقط، بل كان هناك توقف لجميع المجالات، الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي.. أكيد أن المجال السياحي بمدينة مراكش كان أكبر المتضررين بحكم توقف الرحلات إلى مراكش التي تعتمد في جانب كبير من اقتصادها على عائدات السياحة، وهو ما جعلنا نعيش أزمة ثقيلة جدا، علما أنه لا وجود لسياحة بدون ثقافة و فن. توقيف الأنشطة الثقافية و الفنية بالمسرح الملكي كانت نتيجة كل هذه الظروف، رغم كوني لم أكن أتحمل مسؤولية تسيير هذه المؤسسة في تلك الفترة، لكنني أعتبرها محطة مهمة للتأمل و الرجوع إلى الوراء لإستعادة المشاريع وتهيئتها.هي استعداد كذلك للنظر للأخطاء طبعا، إذ لا وجود لتسيير بدون ارتكاب أخطاء، فأحيانا نسجل بعض الهفوات التي تكون من خارج المؤسسة . إذن هذا التوقف أعتبره إيجابيا لكي نصحح و نعيد النظر في البرامج و المشاريع الثقافية و إعادة هيكلتها من جديد.

بالنسبة لاستئناف أنشطة المسرح فالأمر بسيط، حيث اعتدنا على التسيير بطريقة مرنة، سيما أن الجانب الثقافي في مدينة مثل مراكش يعتبر المحرك الأساسي للحياة بالمدينة. وهنا أريد أن أنوه بالمجهودات التي تقوم بها السيدة عمدة المدينة من خلال تسييرها للشأن المحلي الذي نعتبر جزءا منه، حيث تولي الجانب الثقافي مكانة خاصة، و بالتالي أرجو أن أكون في مستوى هذه المسؤولية.

أما عن استئناف العمل فنحن أمام مجتمع مدني و مثقفين وفنانين وكل من يهتم بالثقافة متعطشين لاستعادة الحياة الثقافية، التي حرمنا منها لثلاث سنوات تقريبا، حيث لم يكن الأمر سهلا و لا معتادا بالنسبة لنا جميعا. وقد كان هناك خوف من أن يستمر الوضع لسنوات لاحقة.

كيف تستعدون للمرحلة القادمة، هل هناك برامج ثقافية في هذا الشأن؟

بالنسبة لي كمديرة لهذه المؤسسة، لا أقبل أي مشروع لا يمت للثقافة و الفن بصلة. هذا مبدأ اعتدت عليه منذ تولي تسيير إدارة المسرح الملكي قبل مغادرتي منصبي. نحن لسنا دار شباب، و لا وجود لمشاريع تجارية أو دعائية أو حرفية في هذا الفضاء. نرفض رفضا باتا كل الطلبات التي تتوخى استغلال هذا الفضاء لأغراض بعيدة عن خدمة الثقافة و الفن. المعايير التي نضعها لقبول أي مشروع لا تقبل أي نوع من المساومة، وغالبا ما نقوم بغربلة كل الطلبات التي نستقبلها، حيث يبقى الشرط الثقافي و الفني حاضرا بقوة و لا محيد عنه.

بالنسبة للبرامج القادمة، أريد هنا أن أشير إلى شيء مهم وهو أنني عندما تحملت مسؤولية تسيير المسرح الملكي، وجدت أنه يستقبل فقط العروض الثقافية الخاصة بفرق مسرحية، شركات وكالات و يستقبل كذلك حتى ما لا علاقة له بالثقافة. قمت بغربلة العروض المقدمة من جهة، و من جهة أخرى كمديرة لمعلمة ثقافية تفتخر بها ساكنة مراكش، وحتى من هم من خارج المدينة، بحكم أن لها إشعاع وطني و دولي، و بالتالي وجدت أنه من غير المعقول أن يقتصر دورها فقط على استقبال العروض الآتية من خارج المؤسسة. فكرت في مشاريع ثقافية تكون من إنتاج المؤسسة نفسها، تحت إشراف المجلس الجماعي، حيث عملنا، سنة 2010، على إنشاء مهرجان مسرح الدراما، الذي نُظم في خمس دورات، بالإضافة إلى دورة استثنائية للراحل الطيب الصديقي. هذا المهرجان شهد احتفاءا لوجوه مسرحية من مدينة مراكش، على مدى ثلاثة أيام تتخللها عروض مسرحية و صبحيات للأطفال، ثم سهرة موسيقية في اختتام فعالياته مع تكريم المحتفى بهم.

وفي سنة 2013 عملنا على تأسيس مهرجان المسرح الدولي الملكي للكوميديا، وخلال دورته الأولى استقبلنا الفنان المصري أحمد بدير ومجموعة من الممثلين الكوميديين من خارج المغرب و كذا داخل المغرب (مكناس، الصويرة، اكادير، مراكش). للأسف لم نتمكن من تنظيم دورات أخرى، لأسباب خارجة عن إرادتنا كما سبق و أشرت إلى ذلك.

هل تفكرين في استئناف هذين المهرجانين؟

طبعا أكيد. سنعمل على تنظيم الدورة السابعة لمهرجان مسرح الدراما، ثم الدورة الثانية لمهرجان مسرح الكوميديا. لم يتم تحديد الوقت بعد، لأننا ننتظر ما ستسفر عنه القرارات التي سيتم الإعلان عنها تبعا لتطور الوضع الوبائي ببلادنا، حيث سيتم تحديد عدد الوافدين على البرنامج، الذين لا نعرف بعد كم ستكون نسبتهم بالضبط. هناك برامج كثيرة ومتنوعة، خلال الجمعة المقبل سيكون حفل تكريم لوجوه نسائية بمناسبة 8 مارس، ثم سنعمل على تنظيم أمسيات رمضانية.

هل تملكون استقلالية القرار في التسيير؟

نحن نعمل تحت إشراف المجلس الجماعي، تابعين لميزانية قسم الشؤون الثقافية. صحيح أننا نحن من نحدد التكاليف التي يحتاجها المهرجان، من أجور الفنانين الذين يتم استقدامهم، وكذلك تكاليف المبيت و التغذية، في حين أن الوسائل اللوجستيكية يوفرها المجلس الجماعي، و ما تبقى من الميزانية نعتمد فيه على المساندين لنا sponsors”.

هل هناك مشروع لترميم البناية الخاصة بالمسرح الملكي؟ 

نعم فقبل أن تغادر العمدة فاطمة الزهراء المنصوري منصبها سنة 2015، كنا بصدد التهييء لإتمام مشروع المسرح الاوبرالي، ثم ترميم المسرح الملكي، حيث كان هذا المشروع يدخل في إطار الحاضرة المتجددة بمراكش. للأسف بعد مغادرتها بقي المشروع مجمدا. نحن الآن بصدد إعادة التفكير في استئنافه من جديد، حيث ستبدأ أشغال التهيئ و الترميم مع الحرص على إبقاء كل الأنشطة المبرمجة داخل فضاء مسرح الهواء الطلق إلى حين الانتهاء من أشغال مسرح الأوبرا.

كيف ترين تقلد النساء لمناصب المسؤولية؟

يجب ألا ننسى بأن النساء يشتغلن بصدق و حماس كبير، فالمرأة تتعامل مع وظيفتها، كما لو كانت ببيتها. تحرص على أدق التفاصيل و تقوم بعملها على أكمل وجه، كما أن النساء أكثر نزاهة وشفافية في العمل. بالنسبة لي لا أومن بالمشاركة في التسيير لأنها بالنسبة لي تعطل العمل. غالبا ما أنفرد بإجراء الاتصالات مع الضيوف و المساندين لأي مهرجان بمفردي حتى لا أضيع الوقت، ثم بعد ذلك أطلب من شركائي الانضمام لي.

 

About Post Author