مغربيات يقتحمن مراكز ”اليوغا” بحثا عن الاسترخاء و التخفيف من التوتر
مغربيات : ليلى جباري
هل سبق لك و أن حاولت أن تمارس اليوغا بحثا عن الاسترخاء والتخلص من التوتر و المشاكل النفسية أو حتى لأجل التخفيف من بعض الأمراض المزمنة ؟ على الرغم من أن هذه الرياضات التي مارسها الهنود قديما والتي أصبحت تكتسح العالم اليوم لازالت مجهولة لدى الكثيرين، إلا أن العديد من المغاربة أصبحوا يتوافدون بشكل ملفت على مراكز اليوغا كنوع من الرياضة الجسدية و الروحية و العقلية التي وجدوا فيها بديلا عن تجرع الأدوية و اتباع علاجات مكثفة للتخلص من ضغوط الحياة.
“مغربيات“ تواصلت مع بعض ممارسات “اليوغا” للحديث عن تجربتهم مع هذه الرياضة و عن أسباب اقتحامهن لها ..
لاشك أن العديد من الناس سمعوا ب“اليوغا“ الممتعة والمفيدة، والتي أصبح أطباء كثر ينصحون بها كنوع من أنواع العلاج.
اليوغا نوع من أنواع الرياضات العلاجية
تزيد من نشاط الجسم و العقل و تعيد توازنه، و تساعد حركاتها المريحة والمنتظمة بشكل كبير على إعادة التوزان إلى الجهاز الهضمي، كما أنها تعالج الاضطرابات المعوية، و تحافظ على حسن سير عملية التمثيل الغدائي والتخلص من السموم الكامنة بالجسم، وتسهل عملية الهضم وتحفز الشهية، فضلا عن آثارها النفسية الكثيرة المتمثلة في الحد من التوتر والإكتئاب و استعادة الحيوية الجسمانية و القضاء على الإجهاد.
ليس ذلك فحسب، فاليوغا تساعد كذلك في علاج مرض السكري و تحسين مستوى “الأنسولين“ في الدم و خفض نسبة “الكولستيرول“، كما تشكل حلا موازيا للعلاج. و إذا كنت تريد التخلص من الوزن الزائد بشكل سريع، فليس عليك سوى أن تمارس تمارين اليوغا بشكل يومي و ستلاحظ فرقا سريعا
تساعد اليوغا أيضا على تحسين نظام نومك وزيادة قدرتك على التحمل في حال كنت تعاني من أمراض القلب، كما تساعد مرضى السرطان على الشفاء، فقد ذكر موقع أبحاث السرطان في بريطانيا “كانسر ريسيرش” أن ممارسة تمارين اليوغا بشكل يومي يعتبر مكملا لعلاج لمرض السرطان، حيث تحقق اليوغا هدوءا ذهنيا يمكن المرضى من التعامل بشكل أفضل مع السرطان ومواجهته والتغلب عليه.
كما تؤكد الدراسات على أن فائدة اليوغا تكمن أساسا في اكتساب قدرات مناعية وهو ما يعزز الصحة النفسية والجسدية والعاطفية وتوازن الجهاز العصبي ووظائف الدماغ ما يفضي بدوره لتحسين المزاج وتعزيز قدرات الانسان الإجتماعية والتفاعلية.
رياضة روحية
تقول ( سمية. ب 48 سنة صحافية ) مغربيات : في البداية كانت هذه الرياضات القادمة من جنوب شرق آسيا تثير الضحك بالنسبة لي. كنت كلما رأيت احدهم يجلس تلك الجلسة التي تشبه جلسة “بوذا“ و هو يسرح ذراعيه و يضع أكفيه مقلوبتين فوق ركبتيه في اتجاه السماء، أضحك كثيرا في نفسي و انا أتساءل إن كان الأمر لا يعدو ان يكون مشهدا مسرحيا، أو أن صاحبه أو صاحبته يريد أن يمرر رسالة ما.لكنني فيما بعد، و بفضل صديقة لي، كانت ترسل لي بعض مقاطع فيديو لحكيم هندي معلم في اليوغا، بدأت اواظب على محاضراته التي يلقيها في جميع انحاء العالم، و التي يتحدث من خلالها عن فوائد اليوغا كرياضة روحية و جسدية، و نفس الشيء بالنسبة لحصص التأمل.ادركت أن الأمر يتعلق بفلسفة و بنظرة للحياة، قبل ان تكون رياضة جسمانية. أدركت أن الجسم و الروح ينبغي أن يسيرا على نفس الخط لتكتمل الحياة. أدركت أنني كنت اعيش في قوقعة مغلقة، و أن حصص التأمل و فلسفة الحكيم الهندي ساعدتني لأكسر القوقعة التي كانت تفصلني عن العالم و عن الحياة.. اشياء كثيرة تعلمتها و ساعدتني لكي اتخطى الكثير من الصعوبات و لكي أصبح أكثر توازنا و سعادة..
تضيف سمية : هذه الرياضات الروحية تعلمك ألا تغلق عقلك عن الآتي من مكان غريب و بعيد. تعلمك ان اصل الإنسان واحد و ان البشر يشتركون في الهدف من الحياة و في سبل بلوغ الراحة و السعادة كيفما كان الانتماء و العرق و العقيدة. اعتبر نفسي مدينة لهذا المعلم الذي اخرجني من حيز ضيق منغلق إلى عالم أوسع وأرحب.
“اليوغا“.. شغفي
أما فاطمة الزهراء يقين ( مدربة يوغا) فتؤكد أن الاسترخاء واستخراج الطاقة السلبية من الجسد كانت من أهم اسباب إقبالها على ممارسة اليوغا التي أصبحت جزءا مهما من روتينها اليومي حيث تساعدها على النوم جيدا و إضافة الكثير الى قوامها
و تتابع : زادت اليوغا من ثقتي في نفسي و أصبحت أتعامل بإيجابية أكثر بكثير من السابق كما أنصح جميع النساء اللواتي يعانين من الأرق أو التفكير السلبي أن يمارسنها.
“اليوغا شغقي“ تؤكد ليلى.م، و تضيف: بدأت ممارسة اليوغا في سن الواحد والعشرين، حيث وجدت فيها ضالتي و شغفي، اليوغا تعيد الروابط بيننا و بين أنفسنا ودواخلنا، وتساعدنا على التمهل وإبطاء إيقاع الحياة المتسارع.. ساعدتني اليوغا على التخلص من أعراض الإرهاق المزمن والضغط النفسي و العصبي المستمرين، و على إيجاد الركيزة الداخلية, تهدئة العقل, وتحقيق السكينة الداخلية والاعتقاد الراسخ أنه مهما كانت مفاجئات الحياة, الإنسان مجهز للتعامل معها والصمود في وجهها، ليس هذا فقط فاليوغا كان لها دور كبير في تحسين نمط أكلي وعلاج مشاكل الجهاز الهضمي الذي كنت اعاني منه.
رحلة إلى الهند
من جهتها عانت سعاد (موظفة بالقطاع الخاص) لسنوات كثيرة من الإحباط و القلق، إلى أن التقت صديقا كان ممارسا مواظبا ل“اليوغا“، نصحها بأن تسافر إلى الهند في إطار برنامج تنظمه مؤسسة “ISHA” التي أطلقها واحد من أكبر معلمي اليوغا العالميين عبر العالم (سادغورو) “sadghuru”. هناك قضت سعاد أسبوعين من التداريب المكثفة، فتعرفت عن قرب على مدربين جيدين في “اليوغا” و كذلك شغوفين بهذه الرياضة من مختلف أنحاء العالم، جاؤوا يبحثون عن الخلاص. تقول سعاد ل“مغربيات” : كانت تجربة من أروع التجارب التي عشتها في حياتي. هناك تعرفت على ثقافة أخرى، و أدركت أن العلاج له أبواب كثيرة، و أن هذه الأبواب تفتح من الداخل، أنا التي أمضيت سنوات كثيرة أبحث عن باب افتحه من الخارج. هناك تعلمت أن الإنسان يملك من الطاقة ما لا يمكن تصوره، و أن رحلته في هذه الحياة ينبغي ان تكون من داخله لان كل الحلول لكل المشاكل كامنة في داخله، و أن العلاج يوجد في صحن الطعام و ليس في الصيدليات. أشياء كثيرة تعلمتها خلال رحلة قصيرة لم تتجاوز أسبوعين فقط.
يؤكد المعلم “سادغورو” أنه على الرغم من وجود مئات الكتب حول “اليوغا”، إلا أنه من الصعب فهمها و استيعابها عن طريق الكتب، لأنها تعلمها لا يتم إلا عن طريق الممارسة، و كلما مارسناها بشكل صحيح و من خلال توجيهات معلم في اليوغا أصبحنا أكثر استيعابا وفهما لها، تضيف سعاد.
من الصعب حصر فوائد اليوغا، فهي بالإضافة إلى آثارها الإيجابية النفسية، فهي كذلك تعالج الكثير من الأمراض. اليوغا تساعد كذلك في التخفيف من آلام الدورة الشهرية ومشاكل العظام والعضلات وتعتبر بمثابة عصى سحرية للمرأة الحامل، حيث تخفف من التوتر والإجهاد اثناء الحمل وتقوي عضلات قاع الحوض وتمددها ما يؤمن الدعم والصلابة لفترة الحمل فضلا عن الليونة المتزايدة وتساعد على تطوير قلب الأم وتحضيره لعبء التعب الذي ينتظرها خلال الحمل، كما تساعد في تطور الرابط بين الطفل والأم و يحضرها ذهنيا و جسديا وروحيا للمخاض.
يمكن الاستفادة إذن من تمارين اليوغا في الحياة اليومية في مواجهة اللحظات الصدامية وعند الوقوع في مأزق نفسي أو عاطفي وفي المساعدة على علاج الأمراض التي تنهك النفس والروح.