مؤسسة الأعمال الاجتماعية للتعليم بمراكش تحتفي بفاطمة رومات
مغربيات
قالت فاطمة رومات أستاذة العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط و رئيسة المعهد الدولي للبحث العلمي بمراكش إن الخوف الذي قد يكون قد وصل للقارئ من خلال كتابها “العلاقات الدولية وتحديات الذكاء الاصطناعي“ دون قصد منها، هو دعوة كذلك للشعور بالمسؤولية من أجل المرور إلى الفعل بدل الاكتفاء بالانبهار أو الخوف من الذكاء الاصطناعي.
و أضافت فاطمة رومات، في مداخلتها أثناء مناقشة مؤلفها “العلاقات الدولية وتحديات الذكاء الاصطناعي” خلال ندوة نظمتها مؤسسة الأعمال الاجتماعية بمراكش، مساء أمس السبت بإقامة المدرس وقامت بتسييرها الإعلامية فاطمة الإفريقي، أن الذكاء الاصطناعي له الكثير من الإيجابيات، التي بقدر ما تثير الانبهار، تحتاج منا إلى تسليط الضوء على مخاطر هذا الذكاء الاصطناعي.
و شددت المتحدثة على ضرورة طمأنة المتخوفين من مخاطر الذكاء الاصطناعي بالرجوع إلى التوصية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي و التي تندرج في إطار الحد من هذه المخاطر، مشيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي بطبيعته يتطور بسرعة كمفهوم، و معه تتطور كل المفاهيم التي توجد في العلاقات الدولية و التي تشمل القانون الدولي العام، حيث يعد الخطأ في هذا الأخير “قاتلا” وخطيرا، قد يؤدي فيه سلوك معين للدول إلى عدم الوفاء بالالتزامات و المعاهدات الدولية ثنائية كانت أو متعددة الأطراف.
كما اعتبرت أن الذكاء الاصطناعي يطرح إشكالات متعددة على المستوى المفاهيمي، إن كان في حقل العلاقات الدولية و القانون الدولي العام أو القانون الداخي، أو في كافة الحقول المعرفية، مشيرة إلى أن أغلب المجموعات التي كلفت بصياغة توصيات أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، أصرت على أن يستخدم هذا الأخير بشكل عرضاني في كافة التخصصات، ومنذ المستويات الأولى في التعليم و إلى غاية الجامعة، و ألا يبقى حقلا معرفيا خاصا يدرس فقط في كليات العلوم (العلوم الحقة أو الدقيقة)، لأن آثاره تشمل كافة المجالات، و بالتالي فقد تم اعتماد هذه المقاربة في بلورة الاستراتيجيات سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي.
و أوضحت أنه يجب مد الجسور بين كافة التخصصات و بين كافة الفاعلين، محذرة من الشركات التي تعد المهدد الأول لمنظومة حقوق الإنسان الواردة في كل المواثيق الدولية، لأن الشركات هي أكثر من يستعمل و يستثمر في التكنولوجيا الحديثة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، و بالتالي فهي ستسحب البساط من تحت الدول، التي تعد الضامن الأول لحقوق الإنسان، سيما و أن اشركات يحكمها هاجس الربح و لا تهمها الحقوق و الحريات.
و أكدت المتحدثة أن على الدول أن تكون لها روح المبادرة و تساهم في حَوْكمة هذا المجال، معتبرة أن هذا يفسر إلى حد ما ما يقع اليوم في أوكرانيا، حيث لا تعدو أن تكون هذه الدولة ساحة حرب بين أطراف متصارعة.
كما أشارت إلى كونها حذرت في أكثر من مناسبة، من خلال المحاضرات و الندوات التي شاركت فيها، من أن يتحول شمال إفريقيا إلى ساحة حرب للدول المتصارعة حول امتلاك كرسي ضمن المجموعة التي ستحكم العالم.
الأستاذة فاطمة رومات
بدوره قدم زكريا أبو الذهب أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالربط قراءة مفصلة عن كتاب “ العلاقات الدولية و تحديات الذكاء الاصطناعي“، مشيرا إلى أن هذا الكتاب يعد مدخلا رئيسيا لتعميق البحث في مجال الذكاء الاصطناعي.
ونوه المتحدث بالمجهود الذي قامت به مؤلفة الكتاب، حيث اعتمدت على مراجع متعددة باللغة الإنجليزية، مؤكدا على إلمام الباحثة فاطمة رومات بأكثر من لغة أجنبية، كما أنها عضو باللجنة التي عينتها منظمة اليونيسكو لصياغة مشروع توصيات أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى انخراطها و التزامها في العمل الحقوقي، حيث تعد مدافعة شرسة في مجال حقوق الإنسان و الحريات.
و أوضح أن “ما يقع الآن من نزاع مسلح بالأراضي الأوكرانية بعد الغزو الروسي يؤكد مخاوف فاطمة رومات في الفصل الثاني من كتابها المميز “إمكانية استعمال الأسلحة النووية في الحروب القادمة“، مذكرا بالقنبلة النووية لسنة 1945 بهيروشيما و ناغازاكي، حيث أن شعاع البقعة التي تسقط فيها يمكنها أن تفتك ب100 ألف شخص في لحظة واحدة واحدة، دون الحديث عن تأثيرياتها الإشعاعية التي تدوم لسنوات و سنوات“.
كما أكد أن الخوف ليس من القنبلة في حد ذاتها و لكن في كيفية استعمالها، سيما إذا سقطت في يد جماعات إرهابية لاتؤمن بالحق في الحياة، و لا بأي حق من الحقوق و بالتالي يمكن أن تقع هذه الأسلحة التي تسمى أسلحة الدمار الشامل في يد مثل هذه الجماعات أو قد تقع انفلاتات في استعمالها، وهو ما يجعل الإنسانية كلها معنية بهذا الأمر.
و استبعد أن نكون في منأى عما يقع في أوكرانيا، مشيرا إلى أن أزمة كوفيدـ19 أبانت أن خصوصية ثقافية لبلد هو الصين نتج عنها ظهور فيروس استطاع أن يدمر و يقتل العددين في مختلف مناطق العالم.
و أشار المتحدث إلى مفهوم السيادة التكنولوجية، كما جاء في الكتاب، متسائلا ما إذا كان المغرب متحكما تكنولوجيا في شبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك، واتساب..)، كما أشار إلى التوقف الذي طال قبل شهرين موقع فيسبوك وواتساب، وهو ما أرجعه المتحدث حسب ما قيل وقتها، من كون بعض “الهاكرز“ الروس كانوا وراء هذا التوقف، مما يرجح فرضية أن تكون روسيا تلوح بكونها قادرة على خوض هذه الحرب التي أضحت كذلك سيبيرانية.
الأستاذ زكريا أبو الذهب
من جهته اعتبر أحمد زايد الخبير في الذكاء الاصطناعي و علم النفس الإعلامي أن كتاب “العلاقات الدولية و تحديات الذكاء الاصطناعي“لمؤلفته فاطمة رومات هو خارطة طريق لفهم السياسة الدولية، معتبرا أن هناك التحليل السياسي و الدجل السياسي، حيث يعطي الكتاب الوسائل و الإمكانيات الاساسية لقراءة العلاقات الدولية في إطار الذكاء الاصطناعي.
و تحدث زايد عن الذكاء الاصطناعي من منظور علم النفس و كذلك عن الإعلام من منظور الذكاء الاصطناعي، و كيف تدور كذلك في فلك العلاقات الدولية.
كما أشار إلى أن تبسيط مفهوم الذكاء الاصطناعي هَمُُ ظلت تحمله فاطمة رومات طيلة الكتاب، متسائلا ما إذا كان الذكاء الاصطناعي هو خلق نظام يحاكي المجهود البشري، أو نظام ذكي يقوم هو بالتحليل الذاتي و اتخاذ القرارات، حيث يشكل القرار اللبنة الأساسية في سيرورة الذكاء الاصطناعي.
و أشار المتحدث إلى أنه من أهداف الذكاء الاصطناعي ربح الوقت، حيث العمليات التي يقوم بها الإنسان تتطلب وقتا، في حين أن الآلة التي تحل محله يمكنها القيام بنفس العملية في وقت وجيز.
و تطرق زايد إلى إمكانية أن يحل الحاسوب محل الإنسان في اتخاذ القرارات، مشيرا إلى كون الكتاب تطرق إليه، وهو ما أسماه ب “singularité algorithmique” ، “التفرد الخوارزمي“ الذي يمكن أن يشكل خطرا، خاصة في المجال العسكري، حيث السباق المحموم نحو صراعات برمجيات “logiciels” متطورة جدا، وهذا السباق لا يعترف بالضوابط و الأخلاقيات.
و اعتبر المتحدث أن هذا التفرد أو “singularité” هو شبه استثناء في سيرورة وعدم احترام لمتوالية الخوارزمية، الذي سيبدأ بتطويرنفسه بنفسه، وقد يخرج عن السيطرة و يمكن أن يؤدي إلى نهاية الجنس البشري، مشيرا إلى أن هذا السيناريو المخيف الذي شكل موضوعا لافلام كثيرة في الخيال العلمي فيه نسبة من الحقيقة، حيث يتوقع خبراء أن يطون عند نهاية 2045.
الإعلامي أحمد زايد
و طرح المتدخلون مجموعة من الأسئلة و القضايا التي تهم مخاطر الذكاء الاصطناعي، خاصة على مستوى التعليم، محذرين من تأثيراته على الحياة بشكل عام، خاصة في مجال شبكات التواصل الاجتماعي.
وتخلل اللقاء، الذي حضره مولاي أحمد الكريمي مدير الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين لجهة مراكش آسفي و ثلة من نساء و رجال التعليم و إعلاميون وفاعلون في المجال، حفل تكريم لفعاليات نسائية مختلفة في حقل التربية و التكوين و العمل الاجتماعي، بمناسبة 8مارس الذي يصادف اليوم العالمي للمرأة، من بينهن فاطمة رومات المحتفى بها، والإعلامية فاطمة الإفريقي و نساء أخريات.